اكد عبدالجبار ابراهيم بومرة مدير مجموعة شركات بومرة التجارية على اهمية الاستثمار الزراعي, المعتمد على التقنيات الحديثة, في الانتاج والتسويق, مشيرا الى ان غياب هذا العامل كان وراء تعثر العديد من الشركات الزراعية, التي اعطت انطباعا سلبيا عن الاستثمار الزراعي. واوضح أن النظرة للاستثمار الزراعي ينبغي ان تتم على انها (امن غذائي) مستمر, عاش الآباء والاجداد على عطاءاتها, ولاتزال الاجيال الحالية بحاجة الى ذلك.. مشددا على اهمية زراعة النخيل, بطرق اكثر جدية بتقنيات حديثة, مثل تقنية التكاثر بالانسجة.. داعيا الى تشكيل جمعية لمنتجي التمور, تقوم بدور رئيس في حل مشكلة التسويق محليا, وتوفير بيئة لتواجد المنتج السعودي في الاسواق العالمية, والذي يعد اهم خيارات القطاع الزراعي الحالي. وتطرق بومرة في حوار ل (اليوم الاقتصادي) الى قطاع الصيد البحري, ويرى ان هذا القطاع واعد, ويشهد المزيد من التطورات, ويحتاج الى دعم اضافي يحقق له ميزاته الاساسية, لدعم الامن الغذائي, والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.فيما يلي نص الحوار: @ كيف بدأت قصة العلاقة بينكم وبين عالم المال والاعمال؟ * يعود الفضل لله اولا, تم الى الوالد الذي اسس الشركة قبل 50 عاما, حينما كان موظفا عاديا في شركة ارامكو السعودية, تحول الى مقاول ينفذ اعمالا انشائية للشركة, التي كانت - ولاتزال - تقوم برعاية وتأهيل اي عنصر فاعل وطموح ليشق طريقه في العمل, وكان اول مشروع عمل به الوالد هو انشاء موقع سكني لكبار الموظفين والعمالة للشركة, ثم تطورت الاعمال والانشطة الى تنفيذ بعض اعمال الخطوط الحديدية وصيانتها, ثم الى العمل في الموانىء في تحميل وتفريغ السفن, سواء في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام او في ميناء جدة الاسلامي.. وكان الرجل الثاني في المؤسسة اخي ناصر الذي انتقل الى رحمة الله عام 1975, ونحن في دورة النشاط, مما اضطرني لان اتوجه للانخراط في العمل مع الوالد, وانا مازالت في سن مبكرة (انا واخي فؤاد) , رغم ان رغبة الوالد كانت تتجه لان اكمل دراستي, بيد ان ظروف العمل, بعد وفاة الاخ ناصر يرحمه الله - وتراكم الاعمال, لان المؤسسة وقتها كانت تدير 5 آلاف عامل وموظف, حينها التحقت بالعمل وتحملت المسؤولية وعمري اقل من عشرين, وكانت تلك الفترة هي التي اصطلح عليها ب (الطفرة) , والتي شهدت مجيء العشرات من العمالة الوافدة من اليمن وعمان ومصر والهند والباكستان, فالوضع فرض علي , فوضعت امام الحدث ولابد ان اتصرف, وصرت رجل اعمال, في البداية ضمن مشروعات الوالد وهي المقاولات, ثم اضفنا اليها مجالات جديدة اخرى وهي المجالات الزراعية, فأخذنا اول مشروع زراعي من امانة الدمام عام 1403ه وهو عبارة عن صيانة المسطحات الخضراء بالدمام, وقد احدث هذا المشروع لنا نقلة نوعية , اذ اضاف الى الشركة عددا من المشروعات التي توالت في الاحساءوجدة , وبدأنا في انشاء المشاتل وزراعة الحدائق, واسسنا مراكز لتكاثر نباتات الزينة, والتي كانت حتى وقت قريب تستورد من هولندا, لكننا - بفضل الله - تمكنا ان ننقل الخبرة الهولندية ونقدم منتجا بالجودة نفسها, وبأسعار اقل.. ومن الزراعة انتقلنا الى قطاع زراعي آخر حيث اسسنا شركة صيد اسماك وتصنيعه واستيراد بعض الاصناف من الخارج وتسويقها محليا. ترك المقاولات @ وهل اغلقتم باب المقاولات والاتجاه نحو المشروعات الزراعية؟ * لا لم يتغير نشاطنا في المقاولات, ولم نحدث اي تغيير, لان الوالد - رحمه الله - كان حينها لايزال موجودا, وقد شهد كافة التطورات , وما حصل ان المقاولات كقطاع بات قليل النشاط كأحد نتاجات المنافسة, وتراجع بعض المشروعات, فصار التركيز على بعض الانشطة الانتاجية الزراعية, التي حاولنا ان نقدم المزيد من التطويرات فيها. @ وماذا احدثتم من تطويرات للقطاع الزراعي؟ * الزراعة تجري في دمنا, وكان التفكير يسير بايجاد مشروع تكون المملكة, او الزراعة في المملكة رائدة فيه, فتوصلنا بعد البحث والتنقيب الى ايجاد فكرة التكاثر بالانسجة, وليتم تطبيقه على النخيل, وقد كانت هناك تجارب قامت بها جامعة الملك فيصل , ولكننا وبالتعاون مع احدى الشركات الامريكية اسسنا شركة متخصصة للانتاج بهذه التقنية للاغراض التجارية, وقد بدأنا فعلا عام 1992. هذا بالاضافة الى ايجاد نشاط تابع للمؤسسة في اسواق العقار.. هذه نبذة مختصرة عن اهم نشاطات الشركة. @ تحدثت عن دور الوالد في ايجاد شركة للمقاولات وانت - كما يبدو - تميل الى الزراعة والانتاج الزراعي.. ألم يحدث هذا الامر تناقضا بين القطاعين؟ * رغم ان الوالد - يرحمه الله - من الجيل القادم, الا ان افكاره متجددة, وكان يدعم ويبارك اي مشروع جديد, بل ويدعو للاخذ بالتقنيات الجديدة, وكنت احظى بتشجيعه في جلب تقنيات زراعة الانسجة اوتقنيات انتاج نباتات الزينة, وقد شهد الوالد عملية التوسع في الشركة, اذ ان وفاته لم تحصل الا قبل 8 سنوات. @ تحدثت قبل قليل عن تراجع نشاط المقاولات, رغم تعدد مجالاتها.. ما العوامل التي ادت الى هذا التراجع؟ * صحيح ان مجالات المقاولات عديدة , فهناك مقاولات البناء, والمقاولات الزراعية, ومقاولات الطرق, الا ان هذا القطاع طوال العقدين الماضيين تعرض الى للعديد من المشاكل, لعل ابرزها حربي الخليج الاولى والثانية, وتقلب اسعار النفط في الاسواق العالمية, فمثلا حينما اندلعت الحرب العراقية الايرانية كنا قد اخذنا مشروعا للمقاولات, يفترض ان نحصل على دعم 20 بالمائة, حصل العكس فقد تم تخفيض 20 في المائة, وكذلك حينما حدثت تقلبات في اسعار النفط, تراجعت اعمال المقاولات بصورة ملحوظة على جميع الصعد ولدى مختلف الجهات, وهذا شيء طبيعي لكن الآن تغيرت الامور نحو الافضل.. والمشكلة الاخرى ان القطاع شهد دخول مقاولين ليس لديهم فكر عن الادارة الجيدة, فيدخلون في مشاريع باسعار متدنية, انعكست على جودة ادائهم , فالمقاول اذا كان عديم الخبرة او قليل القدرة فان عطاءاته تكون متراجعة في الجودة, فلك ان تتصور ان مقاولا لايعطي عمالته رواتب لمدة ثلاثة او اربعة اشهر, كيف يمكن ان يكون عطاء هذه العمالة؟ وقد بلغت الامور لدى بعض المقاولين ان رواتب عمالهم تدفعها الدولة, من الاقساط المترتبة عليها, فبدلا ان تقدم للمقاول, فانها تدفع للعمال, ومثل هذه الحالة لم تكن موجودة في الزمن السابق, وهذا ما حد من وجود المقاولين وشوه سمعة قطاع المقاولات. @ الا ترى ان غياب صيغ العقود بين المقاولين والمستفيدين ادى الى ظهور بعض هذه الحالات السلبية؟ * بالنسبة لتعاملات الدولة مع مؤسسات المقاولات فانها قد وضعت مقاييس للشركات والمقاولين وقامت بتصنيفهم الى درجات, يتحدد بموجبها نشاطه والمشروع المطلوب منه, فالدولة واضحة في شروطها ومواصفاتها, لكن العيب يحدث في بعض المقاولين, حينما يتقدمون بأسعار متدنية تنعكس على جودة العمل. @ بعد المقاولات.. انتقلت الى الزراعة, ما الذي ساهم في احداث هذه النقلة, هل هو تراجع قطاع المقاولات, ام هناك اسباب اخرى؟ * منذ زمن طويل, ويطلق علي عبارة (عاشق النخيل), فأنا اتجهت للزراعة, يوم كان النشاط في المقاولات في اوجه, وليس هناك أية علاقة لتراجع المقاولات مع زيادة نشاطي في الزراعة. تعثر الشركات الزراعية @ لماذا نجد معظم الشركات الزراعية متعثرة, وعلى علاقة حميمة مع الخسائر وتراجع الارباح, رغم ان معظم هذه الشركات تحظى بدعم مباشر من الدولة؟ * هذا شيء يؤسف له, وما كان ينبغي ان يحصل يوما من الايام, وبالطبع لكل شيء اسباب وعوامل, وابرز عوامل التعثر للشركات - زراعية كانت اوغير زراعية - هي تراجع عمليات التسويق, فاذا لم يكن هناك جهاز تسويقي جيد فان الشركة ستكون على موعد مع الخسائر, وهذا ما هو حاصل لدى الشركات الزراعية, التي تعاني تراجعا في عملياتها واجهزتها التسويقية, واذا ما حلت هذه المشكلة فان وضع الشركات سوف يتحسن بشكل تلقائي.. والعامل الثاني ان المملكة سوق مفتوح تدخل البضائع من كل مكان في العالم, تساهم في منافسة الانتاج الزراعي المحلي, قبل اعوام طبقت فكرة الرزنامة الزراعية فلم تنجح, لان المملكة شاسعة المساحة, والانتاج الزراعي كثيف ومتنوع خلال فترات السنة, لهذا لم يتم التغلب على زيادة المعروض في السوق.. وقد سمعنا قبل اعوام عن اقامة شركة للتسويق الزراعي, وكثر الحديث عنها, وصدرت قرارات رسمية بحقها, ونتمنى ان تظهر للوجود لانقاذ ما يمكن انقاذه من الثروات الزراعية. @ لماذا صارت ازمة التسويق من الاصل. ولماذا لاتوجد اجهزة تسويق في الشركات الزراعية.. هل ذلك عائد لضعف الامكانات؟ ام لان الاسواق لاتستوعب؟ * السبب وراء كل ذلك هو ضعف الادارة في الشركات , فبعض ادارات الشركات لاتولي اهمية كافية لموضوع التسويق, الذي هو روح الشركات, بينما نجد ان الشركات التي اولت هذا الامر عنايتها حققت نتائج ملموسة, في تقديم منتجات جيدة, ومبيعات متزايدة , فالعامل الاداري فعال في هذا الجانب, ومجالس ادارات الشركات الزراعية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية, لابد ان تكون لديها الشفافية, في اظهار المعلومات, واعلان الميزانيات السنوية, والتي تظهر متأخرة في الغالب, مما يفوت الفرصة على الجميع لتدارك الامر بشكل سريع, كما ينبغي على مجالس الادارات والجمعيات العمومية وضع الاشخاص المناسبين والاكفاء في المواقع الادارية العليا. @ الا ترون ان عدم استخدام التقنيات الحديثة في بعض الانشطة الزراعية قد ساهم في تعثر الشركات الزراعية؟ * ربما كان هذا احد العوامل التي يمكن ان تساهم في تراجع الاداء في الشركات الزراعية, فالوسائل لاتزال قديمة, رغم ان امكانيات الشركات كبيرة, تمكنها من الاخذ بأحدث التقنيات العالمية , في كافة المجالات الزراعية. @ حينما اتجهت للاستثمار في القطاع الزراعي.. الم تضع نصب عينك اوضاع الشركات الزراعية وظروفها؟ * وضعت ذلك نصب عيني , لكني سلكت مسلكا مختلفا, اعتمدت طريق التقنية الحديثة, وهي تكاثر واستنساخ النخيل, فمن فسيلة واحدة يمكن ان يحدث انتاج خمسة آلاف شتلة, من صنف واحد, خلال فترة ثلاث سنوات. @ ولكن انتاج ثلاثة آلاف شتلة نخيل يعني ازمة تسويقية منتظرة؟ كيف وضعت الحلول لهذه الازمة؟ * حللت مشكلة التسويق باستخدام أسلوب الذهاب الى المستهلك لا انتظار مجيئه, وحضور المعارض المتخصصة , سواء تلك التي تقام في المملكة , او في خارج المملكة, فضلا عن ان الشركة تعمد الى اقامة معارض خاصة في اكثر من مدينة من مدن المملكة. ولو ان الشركات الزراعية اقامت معارض خاصة لمنتجاتها في كافة انحاء المملكة, لتمكنت من احداث حلحلة لمعضلة التسويق الزراعي, فمثلا قبل 20 عاما لم تكن فاكهة الكيوي معروفة لدينا كما هي الآن, والسبب ان منتجي هذه الفاكهة النيوزلنديين روجوا لمنتجهم بصورة واسعة, فكانوا يأتون لمراكز التسويق الكبيرة, ويدعون المواطنين الى تذوق هذا المنتج الجديد, الذي دخل الأسواق وأخذ وضعا جيدا, ضمن فواكه الدرجة الأولى. ويمكننا ان نطبق هذه التجربة لمنتجاتنا ونقوم بشرح مزاياها واقناع المستهلك المحلي بتناولها والاقبال عليها, وهذه وظيفة إدارة التسويق, والأمر الآخر اذا لم تستوعب اسواقنا المحلية, فأمامنا الأسواق العالمية, وهذا ما قمنا به في الشركة, فلدينا عقود تصدير فسائل النخيل الى إيران ومصر والاردن والإمارات واليمن. @ ما مميزات المنتج بتقنية التكاثر بالأنسجة؟ أسعار نخيل الأنسجة أقل, وجودة أفضل, مع ضمان الموت والحياة بإذن الله بينما الفسائل العادية قد تحدث وفاة 50 بالمائة منها, بالتالي فان الاستثمار ضمن هذا المجال يضمن المال والجودة والصنف. السوسة الحمراء @ ماذا عن وباء السوسة الحمراء؟ السوسة الحمراء حشرة تطير, وتتنقل بين الحقول, وعملية الزراعة بالانسجة تتم داخل المختبر, الذي لا يسمح بدخول بعوضة, بالتالي فهناك حصانة من هذا الوباء ولا تنتقل الى الحقول إلا بعد التصادق عليها من وزارة الزراعة وتضع ختمها وتمنحها شهادة صحية يثبت سلامتها من الأمراض بما فيها مرض السوسة الحمراء. @ كيف يمكن التغلب على وباء السوسة الحمراء؟ لقد أجريت عدة أبحاث لمكافحة السوسة الحمراء, وهناك وسائل عديدة للمكافحة, مثل المكافحة بالمبيدات, وما يتم اجراؤه من قبل وزارة الزراعة جيد لكنه غير كاف, وهناك المكافحة البيولوجية, والتي رغم اهميتها تتطب جهدا ووقتا طويلين, وهذا لا يمنع من البدء بهذه الخطوة لانقاذ هذا القطاع, الذي يواجه خطرا كبيراو لأن التأخير ليس في صالحنا, وعلينا ان ندرس التجارب العالمية في هذا المجال, لانه قبل سنوات ظهرت في أمريكا الجنوبية حشرة شبيهة بالسوسة الحمراء, كوفحت بأسلوب المكافحة الحيوية وتم القضاء عليها, وعلينا ان ننظر لهذا الأمر, من منظور الأمن الغذائي, فآباؤنا وأجدادنا عاشوا على النخيل, واننا حينما نزرع نخلة فانها ستعيش 70 عاما, أي اننا نزرع الى الأجيال القادمة. @ ألا ترى ان ضعف عائد النخلة قد ساهم في عدم الاهتمام بها, وتراجع بالتالي عطاء هذا القطاع برمته؟ ان التراجع في عطاء القطاع لا يعود الى ضعف عائد النخلة, وانما الى التسويق ثم التسويق ثم التسويق, وأمامنا تجربة مهمة نراها في أسواقنا المحلية, وهي ان عددا من المؤسسات قد فتحت محلات تضاهي بأساليبها التسويقية وسلعها محلات الحلويات المنتشرة وبأسعار منافسة, تحقق عائدا لصاحب المؤسسة, وللمزارعين الذين يتعاملون معه, والسر في هذا النجاح يكمن في ان هذه المؤسسات الناجحة عرفت كيف تتعامل مع هذا المنتج الحيوي, فبدأت تركز على المنتج وتغليفه وعرضه بأسلوب حديث, وبسعر يقبله المستهلك.. في المقابل لوجئنا الى أسواق التمور نجد ان وسائل العمل وطرقه وربما الأشخاص العاملون فيه, في السوق منذ أربعين عاما, ففي مثل هذا الوضع لا نتوقع ان يصمد السوق أمام الزمن. @ هل هذا يعني ان المشكلة تكمن في اعادة صياغة أسواق التمور؟ ان كل ما أتمناه ان يحدث, ان تظهر في يوم من الأيام هيئة او جمعية لمنتجي التمور, ففي العالم كله هناك جمعيات للدواجن والأبقار والبرتقال, وما شابه بينما نحن في الممكة ونحن أكبر منتج للتمور في العالم, نفتقر الى هذه الجمعية, التي نأمل في حال تأسيسها ان تتبنى ضمن أنشطتها تسويق التمور السعودية في الأسواق العالمية, وهنا يجدر بي ان أشير الى ان المنتج السعودي من التمور فضلا عن انه يعاني أزمة تسويق محلية فانه يشهد غيابا تاما في الأسواق العالمية بكل أسف واتذكر اني حضرت عدة معارض غذائية خارج المملكة, وبحثت عن المنتج السعودي من التمور بوجه خاص فلم أجده, وأبرز هذه المعارض ذلك المعرض الذي يقام في ألمانيا مرة كل عامين, وهو أكبر معرض للأغذية في العالم, لقد فوجئة حينما لم أر المنتج السعودي من التمور في هذا المعرض, بينما هناك تمور إسرائيلية وتمور فرنسية, رغم ان فرنسا ليست منتجة للتمور, انما هي مصنعة لتمور تستوردها من تونس, وتقدم على انها منتجات غذائية فرنسية, بينما المملكة هي أكبر منتج للتمور بعد تراجع الانتاج العراقي فنحن ننتج للبيع داخل المملكة, ولا احد بكل أسف يفكر في التصدير الى الخارج. @ لماذا وصلنا الى هذا الوضع؟ هل هناك عقبات معينة تحول دون تواجد التمور السعودية في الأسواق العالمية؟ العقبات تكمن فينا, نحن كمنتجين وكشركات فالحكومة أعطت مجموعة تسهيلات قد لا توجد مثلها في العالم, على سبيل المثال تقدم الخطوط الجوية العربية السعودية أسعارا مخفضة جدا لنقل المنتج الزراعي وهذه ميزة كان ينبغي ان نستفيد منها لترويج الانتاج الوطني الزراعي, بالتالي من المفترض ان تتحمل الغرف التجارية الصناعية هذه المسؤولية, وتتبنى تشكيل لجنة أو جمعية منتجي التمور لحل كافة الاشكالات التي تواجه قطاع التمور, الذي يتسم بكونه يحوي سلعا جاهزة للبيع مباشرة, او للتدوير والدخول ضمن سلع أخرى, فلدينا بعض المحلات لمؤسسات محلية تسوق حوالي 200 صنف من التمور, فهناك شوكلاته بالتمر والسكريم بالتمر ومعجون التمور.. إلخ. صيدالاسماك @ للنتقل الى الحديث عن النشاط الزراعي الآخر وهو صيد الأسماك.. ما صفات هذا المشروع؟ كانت البداية عبارة عن شراء أسطول سفن صيد من استراليا, تكون مهمتها صيد الروبيان والأسماك, ثم تغليقها وبيعها في غير مواسم الصيد, لكننا وجدنا ان السفن لا تغطي الحاجة المطلوبة, ففتحنا مصنعا يعتمد في نشاطه على منتجات السوق المحلية, لانه في فترات الذروة تزيد كميات الصيد وتتدنى الأسعار, وقد تحدث بعض الخسائر ما لم تكن هناك قوى شرائية تصنيعية تستوعب هذا الفائض, الآن الصياد لا يتردد في صيد أية كمية تتوافر له, لانه يرى أن هناك من يقوم بشراء صيده بسعر جيد, وهذا بدوره يقدم خدمة للصياد المحلي, بقينا نقدمها طوال 14 عاما ولا تزال. @ كيف وجدتم تفاعل الصيادين مع هذه الفكرة؟ التفاعل جيد جدا, ونحن نتعامل مع اسواق الأسماك بالمنطقة الشرقية, في الدمام والقطيف وصفوى والجبيل, بعض الصيادين يأتون الى مقر الشركة مباشرة, فنستقبل انتاجهم, ونتعامل ايضا مع الدلالين في الأسواق المركزية, وفي الوقت الحالي شهدت الأسواق المحلية تطورات جيدة أبرزها ظهور مشروعات الاستزراع وهي بمثابة ادخال تقنيات اضافية للانتاج, وهذا الانتاج المستزرع له زبائنه. @ هل فكرتم في الدخول في هذا المجال؟ كانت الفكرة موجودة قبل سنوات, لكن وجدت من الصعوبة تنفيذها ليس لعدم جدوى هذه الفكرة, ولكنها في المنطقة الشرقية تبدو صعبة لزيادة الملوحة في مياه الخليج, ولتذبذب درجات الحرارة لهذا ارجأنا هذه الفكرة الى أجل غير معلوم. @ ما أبرز مشاكل الصيد المحلي برأيكم؟ الصيد المحلي كان يعاني والى الآن خاصة في قطاع الروبيان مشكلة عدم توحد مواسم الصيد يين دول الخليج, فالموسم في البحرين يأتي قبل أو بعد الموسم في المملكة او إيران او الكويت, والروبيان كما هو معلوم يهاجر من منطقة لأخرى, فاذا دولة ما فتحت موسما قبل غيرها بشهر فانها خلال هذا الشهر تكون قد أخذت نصيب الآخرين, هذه احدى المشاكل.. وهناك مشكلة أخرى لا تقل أهمية من ذلك وهي ان مصائد الأسماك او الأحياء البحرية تحتاج الى مزيد من الاهتمام والرعاية, لان منطقة الخليج لا تحتوي شعبا مرجانية تأوي اليها الأسماك, وصار خلال السنوات الماضية عمليات جرف قاعية أدت الى تدمير البيئة التحتية, وبالتالي يفترض ان نتخذ خطوات أخرى لايجاد بيئة أخرى.. بعض الدول تقوم بأخذ بعض السفن او الإطارات او السيارات القديمة ورميها في البحر وتشكل بدورها مجاميع لبيئة تحتية تعيش فيها الأسماك, وقد لاحظت هذا خلال زيارة لنا الى استراليا ان الأسماك قد بنت اعشاشا للتكاثر قرب السفن التي تم اغراقها عمدا لأجل ذلك. وهنا يمكننا الاستفادة من القطارات القديمة, بل يمكن الاستفادة من كل شيء قديم, هذا أفضل من تدمير البيئة البحرية من خلال عمليات الدفن التي تجور على مواقع الحضانة, التي تتم غالبا على الساحل. @ هل هناك مقترحات معينة لتطوير قطاع الثروة السمكية؟ نعاني في الوقت الحاضر مشكلة عدم فتح الأسواق الأوروبية التي اغلقت بحجة عدم وجود ترخيص تصدير لها, ولان الشركات لا يسمح لها بمخاطبة الدول الأوروبية, فلا بد ان يتم ذلك بطريقة رسمية, تتبناها الدولة.. اننا ومنذ ست سنوات لا نستطيع التصدير الى الدول الأوروبية وهي سوق ضخم لان طريقة الاتصال تسير بخطى بطيئة, وهناك دول مجاورة مثل عمان واليمن وإيران والباكستان والهند توصلت الى صيغ جيدة لتصدير منتجاتها السمكية هناك, رغم ان منتجنا في المملكة هو الأفضل, ومصانعنا تضاهيهم ان لم تتفوق عليهم, ان فتح الأسواق الأوروبية أمام المنتج الوطني السعودي سيكون عائدها على الصياد الوطني, والاقتصاد الوطني. @ لماذا لم تتوجه للاستثمار الصناعي؟ الزراعة أخذت كل شيء, حتى لو صار لدي استثمار صناعي فانه سيكون ضمن هذا الإطار انطلاقا من مبدأ التخصص, حتى انني قمت بشراء سفن للصيد ثم قمت ببيعها, واقتصرت على شراء الصيد المحلي. الصناعة @ ماذا تعني لك المصطلحات التالية: العولمة, الخصخصة, السعودة, الاستثمار الأجنبي, المنشآت الصغيرة؟ العولمة: طوفان قادم. والخصخصة: خيار لا بد منه. والسعودة: لم تأخذ دورها الصحيح. الاستثمار الأجنبي: يحتاج لبعض الوقت. المنشآت الصغيرة: ينبغي علينا جميعا دعمها, نحن كتجار وكغرف تجارية وكدولة لانها الأكثر. @ كانت لديكم تجربة في المشاركة في الانتخابات بغرفة الشرقية.. كيف كانت تلك التجربة؟. كانت اول محاولة لي للدخول في مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية و لكنها لم تحظ بالنجاح لكنها كشفت لي ضرورة التواصل بين التجار بعضهم لبعض, وان نتواصل جميعا مع المنشآت الصغيرة بشكل دائم, وليس في وقت الانتخابات فقط. تعدد المواسم ضاعف من مشكلات الصيد المحلي