انطلاق البرنامج التدريبي والتأهيلي ل "هاكثون التحوّل"    لاندو نوريس يتصدر التجارب الثانية بجدة وتسونودا يتعرض لحادث    انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية بنسبة (50%) وعودتها إلى قيمتها الأساسية    السعودية تنهى مشاركتها في ألعاب القوى الآسيوية ب"5″ ميداليات    انطلاق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 بجدة    القادسية يكسب النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «سلمان للإغاثة» يختتم الأعمال المتعلقة بتوزيع الأبقار على أمهات الأيتام والأرامل بسوريا    المملكة تدشّن مشاركتها في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالمغرب 2025        القبض على 4 يمنيين بمكة لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بنشر إعلانات حملات حج وهمية    عبدالله السلوم البهلال مدير تعليم عسير الأسبق في ذمة الله    إنتر ميلان يعلن إصابة مهاجمه قبل مواجهة برشلونة المرتقبة    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات    إدارة الأمن السيبراني بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تحصل على شهادة الآيزو    بلدية البصر تطرح فرصة استثمارية في مجال أنشطة الخدمات العامة    جمعية المودة تدشّن "وحدة سامي الجفالي للتكامل الحسي"    وزارة التعليم تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية القيادات الكشفية    القائد الكشفي محمد بن سعد العمري: مسيرة عطاء وقيادة ملهمة    صيد سمك الحريد بجزر فرسان .. موروث شعبي ومناسبة سعيدة يحتفي بها الأهالي منذ مئات السنين    ٢٤ ألف زائر وأكثر من 4 آلاف اتفاقية في منتدى العمرة    محافظ الطائف يستقبل مدير عام الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    «حرس الحدود» بينبع يحبط تهريب (3.6) كجم "حشيش"    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الثميري في وفاة والدتهم    خطباء المملكة الإسراف في الموائد منكر وكسر لقلوب الفقراء والمساكين    وفاة الفنان المصري سليمان عيد إثر تعرضه ل"أزمة قلبية"    روبي ويليامز: طلبات التقاط الصور الذاتية تصيبني ب «الذعر»    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الفتح    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    مرصد حقوقي: المجاعة وشيكة في غزة ومليون طفل يعانون سوء تغذية حاد    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    تشيلسي الإنجليزي يتأهل للمربع الذهبي بدوري المؤتمر الأوروبي    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل من الداخل.. خريطة الواقع وسيناريوهات المستقبل
في مؤتمر بالقاهرة:
نشر في اليوم يوم 04 - 01 - 2003

الاعتقاد بأن اسرائيل ورم سرطاني في المنطقة لا بد من استئصاله.. مقولة ظلت فترة غير قصيرة تشغل بال الفكر العربي. لكن دون ان ينتبه إلى كيفية الخلاص من هذا الكائن السرطاني، اللهم الا عن طريق الحديث عنه دون معرفة ما يدور بداخل هذا الجسد الغريب ومعرفة خلاياه عن قرب للتأثير فيها كيميائياً بلغة الاطباء تحضيراً لعملية البتر طالت المدة على اجرائها ام قصرت.
مركز الدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة نظم مؤتمره السنوي السادس عشر للبحوث السياسية حول التجهيز لتلك الجراحة جراحة البتر السرطاني تحت عنوان (اسرائيل من الداخل: خريطة الواقع وسيناريوهات المستقبل) والذي شارك فيه السفير سعيد كمال مندوب فلسطين في جامعة الدول العربية ونخبة كبيرة من المثقفين والسياسيين والاستراتيجيين العرب.
الأمن أولا وقبل كل شئ
شهدت وقائع جلسات المؤتمر تأكيد الدكتورة نادية مصطفى مديرة المركز ان الامن يتصدر العناصر الاستراتيجية العليا لاسرائيل للحفاظ على الدولة ومن ثم تطلب ذلك تحديث وتنمية قدراتها العسكرية والاقتصادية مشيرة إلى ان وجود نظم اجتماعية وسياسية واقتصادية مختلفة ومتطورة في تفاعلاتها جعلها تواجه قنبلة ديمغرافية موقوتة حيث تضم علاوة على خمسة ملايين يهودي منها وبين غير يهودي وعمال اجانب.
تصريح مؤلم
واوضح السفير سعيد كمال ان جامعة الدول العربية انشأت ادارة جديدة باسم ادارة الشئون الاسرائيلية نظراً لاهمية التعرف على اسرائيل من الداخل مما يسهل التعامل معها بأسلوب علمي مدروس مشيراً إلى ان اسرائيل استوعبت درس الانتفاضة الاولى في عهد رابين وتأكدت من ان ارادة الشعب الفلسطيني لن تكسر الا انه بسبب فتوى متطرفة دفع حياته ثمناً للسلام ولاتفاقيات اوسلو مما كان رسالة واضحة ان التطرف والتشدد الاسرائيلي الذي طالما استترت خلفه اقنعة من المسالمة والمهادنة قد كشر عن انيابه واسفر عن وجهه القبيح ولم يعد احد من زعماء اسرائيل سواء كان نتنياهو او باراك واخيراً شارون يهتم باخفاء حقيقة النوايا العدوانية الاسرائيلية واحلام السيطرة والهيمنة مشيراً إلى ان لهجة الاعتدال الاخيرة التي يمثلها الجنرال عمرام متسناع الرئيس الجديد لحزب العمل سوف تختفي ليحل محلها لهجة التشدد لدغدغة المشاعر تارة باسم دواعي الامن والدفاع عن النفس وتارة اخرى باسم محاربة الارهاب ورغم هذا زعم مندوب فلسطين ان العمليات الاستشهادية التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية تؤلب الرأي العام اليهودي، المعتدل، على حد وصفه في امريكا ضد القضية الفلسطينية وتعرقل جهود السلام والمفاوض الفلسطيني، وقال ان اندفاع بعض الفصائل الفلسطينية في القيام بعمليات التفجير وقتل المدنيين الاسرائيليين انما هو في صالح ما تريده المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، كما تستخدمها وسائل الدعاية الاسرائيلية والصهيونية في تكميم افواه الجماعات المعتدلة في اوروبا والتي تحاول ايجاد مخرج لعملية السلام من كبوتها ليس حباً في الشعب الفلسطيني ولكن لقناعتهم بأن ذلك سوف يكون اساساً في مصلحة اسرائيل والاسرائيليين، واكد ان الصورة العامة داخل المجتمع السياسي الاسرائيلي وما تعكسه من تطرف لا تبشر بأي امل في تحقيق تقدم لعملية السلام.
انهيار الاجماع الصهيوني
نبه الباحث السياسي جلال الدين عز الدين إلى اهمية دراسة المشروعات والمقولات الصهيونية في اطار التحليل الواقعي والعملي لما يحدث على الارض داخل اسرائيل حتى لا تتم المبالغة في اهمية بعض الطروح مثل الشرق اوسطية وفرص نجاحها، او التقليل منها، في المقابل، من طروح اخرى وفرص نجاحها مثل الانتفاضة والمقاومة، مشيراً إلى ان الاجماع الصهيوني بدأت في التحلل وبدأت تسود على حسابه اتجاهات فردية واثنية تحمل في طياتها احياناً لا مبالاة بالصهيونية واحياناً اخرى انتقادات جوهرية لها، ونبه إلى طعن ما بعد الصهيونية في عدد من المسلمات الصهيونية وعلى رأسها شرعية النظام السياسي ومدى تمثيل اسرائيل ليهود العالم وكونها ملاذاً لهم من الاضطهاد، فضلاً عن طعنها في الديمقراطية الاسرائيلية حيث تكشف ان التاريخ المبكر لاسرائيل لم يكن ديمقراطياً تماماً في عديد من الزوايا منها عدم المساواة بين مواطني الدولة، فضلاً عن فساد المجتمع الاكاديمي والتعليمي والاعلامي والثقافي والعسكري.
الحرب عقيدة صهيونية
واكد اللواء محمد قدري سعيد الخبير الاستراتيجي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام ان اسرائيل بمخططيها قاموا ببناء عقيدتهم القتالية على مبدأ ان الحرب لا يجب ان تدور فوق ارض اسرائيل بل يجب ان تدور فوق ارض الخصم مما يستوجب بدوره ان تتحرك قواتها إلى ارض الخصم كيما تخلق عمقاً استراتيجياً يسمح بالمناورة بالقوات والنيران بعيداً عن ارض اسرائيل، موضحاً ان تجارب الحروب العربية الاسرائيلية تظهر ان اسرائيل تخطط لكسب حروبها في وقت قصير ذلك انها من الناحية البشرية لا تحتمل الحرب الطويلة، كما ان الاوضاع الحساسة في منطقة الشرق الاوسط نتيجة الاحتياجات النفطية للقوى الكبرى تقتضي ان تكون اسرائيل قد حققت كل اهدافها او يحتمل ان يكون الخصم العربي قد حقق بعض اهدافه.
اليهود في الخارج
وتحدث الدكتور محمد كمال الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية عن آلية العلاقة ما بين الداخل الامريكي والخارج الاسرائيلي مؤكداً ان معظم التجمعات اليهودية بالولايات المتحدة تسعى لتحقيق هدفين اساسيين: الهدف الاول داخلي: يتمثل في السعي للاندماج في المجتمع الامريكي، مع الحفاظ على قدر من الهوية المشتركة والمرتبطة بالديانة اليهودية.
الهدف الثاني خارجي: يتعلق بمساندة يهود العالم وبخاصة دولة اسرائيل، واشار إلى ان هناك تداخلا وارتباطا كبيرين بين الهدفين حيث ان اندماج اليهود في المجتمع الامريكي يجعلهم يساهمون بشكل اساسي في تشكيل افكاره وقضاياه والتأثير على مؤسساته مما يساعد على تمكينهم من الحفاظ على حقوقهم في المجتمع الامريكي، وفي نفس الوقت يعطيهم الفرصة لاستغلال نفوذهم لضمان مساندة الولايات المتحدة الامريكية لقضايا اليهود في الخارج وبخاصة مساندة اسرائيل مادياً ومعنوياً ودعم هجرة اليهود في العالم إلى اسرائيل واستهداف دعم الرأي العام الامريكي للسياسات الاسرائيلية ومحاولة اظهار الوجه الانساني لها واستخدام الولايات المتحدة في عرقلة أي قرار دولي يصدر في غير صالح اسرائيل، ودفع الكونجرس الامريكي إلى اصدار القوانين التي تصب في مصلحة الحكومات الاسرائيلية وتوظيف الادارات الامريكية المختلفة في ادانة جهود المقاومة الفلسطينية على كافة مستوياتها الرسمية والشعبية واستغلال مفارقة معاداة السامية في استصدار السياسات الامريكية المناسبة واحياء ملف الهلوكوست دوياً لاجتذاب التعاطف الامريكي واظهار اليهود بمظهر العرق المضطهد على مدار التاريخ وتعبئة الاعلام الامريكي سلبياً ضد الانظمة التي تعتبرها الجماعات اليهودية انظمة معادية (كالاتحاد السوفيتي سابقاً والمملكة العربية السعودية حالياً ومصر في بعض الاوقات).
بركان التآلف الهش
وأوضح الدكتور محمود سعيد عبدالظاهر خشية اسرائيل من انفجار بركان التآلف الاجتماعي الهش في داخلها خاصة انه يأتيها هذه المرة ليس من قبل الاقلية العربية او الاقليات العرقية انما هي تتوقعه من مجتمعها الرئيسي الذي ادعت انها قامت لحل مشكلته التي تنامت في اوروبا والتي كانت تعرف بالمسألة اليهودية، جاء ذلك اثناء حديثه عن تعدد الجماعات اليهودية داخل اسرائيل (اثنياً وعقيدياً وثقافياً) واشار إلى ان اليهود الاسرائيليين هذه المرة هم الذين تخشى اسرائيل الدولة على كيانها منهم خاصة ان كل منهم ينكر وجود الآخر ويتهمه بالخروج عن العقيدة الصحيحة، ومن ثم تعمل الدولة الاسرائيلية على المزيد من التأزيم والعسكرة لان مناخ الازمة في تجربتهم يعمل على الالتحام الاجتماعي، واما الاسترخاء النفسي الذي يرتبط بمفاهيم السلام والاستقرار من الخطورة بمكان على هذا المجتمع لانه يسمح بتصاعد الخلافات وتناميها.
النصوص الدينية
ونبه الدكتور محمد هشام الاستاذ بكلية الآداب جامعة حلوان إلى ان الصهيونية لم تكن في أي وقت ظاهرة دينية يهودية رغم الاستخدام المكثف للصيغ والشعارات الدينية كمسوغ لكسب التأييد الجماهيري، ومن ثم فلا يمكن تفسير دوافع هذه الظاهرة وجوانبها النظرية والعملية او تفسير مسلك الكيان الاستيطاني الذي تمخضت عنه العودة إلى التراث الديني اليهودي والبحث في النصوص الدينية عن اسانيد لهذه الحادثة او تلك فمثل هذه المحاولات لم تسفر الا عن تعميمات ذات طابع عنصري ليس لها أي قيمة معرفية او تفسيرية، وقال ان ثمة ارتباطا وثيقا بين الصهيونية وبين نزعات معاداة اليهود سواء من حيث البنية الفكرية او من حيث الاهداف والنتائج العملية، كما ان اصرار الحركة الصهيونية على اقتلاع افراد الجماعات اليهودية من البلدان التي ينتمون اليها تاريخياً وثقافياً وقومياً يمكن اعتباره شكلاً من اشكال معاداة اليهود مؤكداً ان الدولة الاستعمارية الاستيطانية التي افرزها المشروع الصهيوني لم تستطع ان تتخلص من كل التناقضات الجوهرية التي اتسمت بها الفكرة الصهيونية منذ بداياتها فهي تتخذ من شكل الدولة العلمانية الغربية نموذجاً لها ولكنها لا تستطيع في الوقت نفسه ان تتخلى عن الاساطير والرؤى الغبية التي شكلت احد مبررات وجودها، وهي تنطلق في جوهرها من العداء لليهود واليهودية ولكنها كغطاء واداة لكسب التأييد الجماهيري وهي تدعي انها تمثل حلاً لمشاكل افراد الجماعات اليهودية في العالم باختلاف يفجر بدوره مشاكل جديدة لعل ابرزها هذا الخليط السكاني المتباين ثقافياً وقومياً كما انه يحيل الوطن القومي إلى كيان اشبه بالجيتو من حيث عزلته وانغلاقه واحساسه المتواصل بالتهديد خاصة مع اصرار اصحاب الارض الاصليين على التصدي لمحاولات نفيهم من الزمان والمكان وتمسكهم بحقوقهم التاريخية والانسانية.
الصراع لن ينتهي
ونبه الدكتور حسن ابو طالب الباحث بمركز الاهرام الاستراتيجي إلى انه اذا كانت الرؤية المصرية الرسمية هي الاعتراف باسرائيل كأمر واقع، الا انها تعمل العقل في التحسب لعدوانيتها ومن ثم العمل على محاصرتها لتفوقها العسكري وارتباطها العضوي مع القوة الكبرى امريكا ومن ثم التعامل مع هذه الحقائق بحكمة وواقعية من اجل تحقيق الاستقرار الاقليمي الذي يعد مدخلاً حيوياً لا غنى عنه لاستكمال عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر مما يدعم مكانتها الاقليمية وتأثيرها، مشيراً إلى ان ذلك لا يلغي الدور المصري في التزامه بالقضايا العربية والقومية، مؤكداً ان الصراع مع اسرائيل لن ينتهي بل سيمتد إلى جوانب التنمية الشاملة وان قامت الدولة الفلسطينية.
وأكد اللواء زكريا حسن المستشار الاكاديمي باكاديمية ناصر للعلوم العسكرية ان السلام لا يعني سوى التقليل من حدة التوتر الاقليمي فقط دون تراخي القوات المسلحة والاجهزة المعاونة لها في معرفة ما يدور داخل المجتمعات التي تكون بينها درجة من درجات التصعيد سواء كان عسكرياً او سياسياً او ثقافياً او ايديولوجياً او حضارياً لان دور القوات المسلحة في السلم اصعب من دورها في الحرب، ذلك في الحرب تعلم جيداً من هو عدوك لكن في السلم لا تعرف من اين يأتي التهديد، وقال ان الصراع مع اسرائيل صراع حضاري ممتد وان السلام معها في اطار مبادئها يؤكد اهمية الاستمرار في بناء القوة المسلحة الرادعة التي يتحقق بوجودها مبدأ توازن المصالح في مواجهة توازن القوى الذي تمثله اسرائيل وتعادلها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية.
الحاجز النفسي
وعرض الدكتور سعيد المصري استاذ الاجتماع بجامعة حلوان للرؤى الاجتماعية والثقافية لاسرائيل في المجتمع المصري مشيراً إلى ان الحاجز النفسي الذي يقف بين اسرائيل والمجتمع المصري يرجع إلى التراث الديني والشعبي والسياسي والاحداث اليومية التي تمارسها اسرائيل تجاه الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بصفة خاصة، وهاجم المصري من يروجون لعمليات التطبيع بين الحين والآخر في ظل الممارسات الوحشية الاسرائيلية والتي تشكل حاجزاً قوياً يحول دون تقبل اسرائيل ودون تكون اية صورة ايجابية عنها.
نجاح الانتفاضة
وأكد الدكتور عماد جاد الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية بالاهرام انه رغم ما يردده البعض عن التداعيات السلبية للانتفاضة الا ان استشراف مستقبل الاوضاع على المدى البعيد يمكن ان يوحي بامكانية نجاحها في تحقيق تسوية سلمية اكثر عدلاً، فرغم تفوق اسرائيل الظاهري في معادلة المواجهة، فان الانتفاضة ترسخ يوماً بعد يوم ضعف الاساس النظري والنفسي لفكرة الامن الاسرائيلي المبني على التفاوت في القوة كما انها اظهرت ان هناك سقفاً معيناً لهذا التفاوت، كما جعلت مسألة الدولة الفلسطينية ومن موضوع القدس افكار ملموسة على ارض الواقع.
اسرائيل وآسيا
واشار اللواء حسام سويلم مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة المصرية سابقاً إلى ان عقد التسعينات شهد خطوات كبيرة باتجاه تعزيز العلاقات الاسرائيلية الآسيوية وبالتالي انتعاش الاقتصاد والصناعة الاسرائيلية واسهام ذلك بالاضافة إلى المعونة الامريكية في تقوي اسرائيل في مواجهة الانتفاضة وآثارها، وقال ان البراجماتية الآسيوية المتصاعدة ونجاح اسرائيل في التوافق والتجاوب مع ما تحتاجه هذه الدول التي ترغب في تعزيز مواقعها الاقتصادية وترغب في الاستفادة من الخبرة الاسرائيلية التكنولوجية، كما ترغب في توظيف اللوبي اليهودي القوي في الولايات المتحدة لخدمة مصالح هذه الدول، كل هذا وظفته اسرائيل جيداً لمصلحتها، ومن خلال استقراء التحرك يمكن استنتاج ان اسرائيل تنطلق في علاقاتها مع الدول الآسيوية من رؤية متكاملة وادراك عميق لما تمثله قارة آسيا من اهمية كبيرة سوف تتزايد في القرن الحادي والعشرين يحدث ذلك في الوقت الذي تتوافر فيه لدى الدول العربية والاسلامية رؤية مماثلة بالرغم من ان النشاط الاسرائيلي في آسيا يؤثر سلباً على الدول العربية والاسلامية، واوضح ان اسرائيل تركز على ايجاد مساحة من التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية معها، ويستند المنطق الاسرائيلي في ذلك على ان أي شكل من اشكال التعاون الاقتصادي والفني سيؤدي إلى ايجاد مصالح مشتركة تفتح الطريق ولو بعد حين امام العلاقات السياسية الكاملة عندما تتهيأ الظروف المناسبة مشيراً إلى سبق نجاح هذا الاسلوب مع الصين ويختبر حالياً مع اندونيسيا باعتبارها دولة اسلامية كبرى واذا حدث اعتراف من اندونيسيا باسرائيل فان ذلك سيمثل عنصراً ضاغطاً على ماليزيا لاتخاذ خطوة مماثلة خاصة اذا ما نجحت اسرائيل في اقامة علاقات طبيعية مع افغانستان، ونبه إلى ان جزءا كبيرا من نجاح اسرائيل في تعزيز علاقاتها بالدول الآسيوية يعود إلى قدرتها على تحريك الهواجس الامنية واللعب على وتر الارهاب ويصدق هذا التحليل بصفة خاصة على تركيا والهند وتستطيع اسرائيل عندئذ ان تقدم خبراتها في هذا المجال مما يعني في المحصلة رواجاً لتجارة السلاح الاسرائيلية، كما ان التعاون الهندي الاسرائيلي يثير مخاوف باكستان وهو ما يمكن ان يدفع باكستان للتقارب مع اسرائيل في محاولة لابعادها او تحييدها عن النزاع القائم بين الهند وباكستان، واضاف ان العلاقات الصينية الاسرائيلية لها ابعاد متعددة لكن الابعاد العسكرية والتكنولوجية هي اخطرها اثراً على الدول العربية والاسلامية وتحاول اسرائيل اقناع الصين بوقف تعاونها مع ايران بصفة خاصة، كما تحاول اقناعها بالحد من مبيعات السلاح الصينية إلى الدول العربية وهذا ما يعني اجمالاً استمرار التفوق الاسرائيلي القائم حالياً، وزيادة الخلل القائم في الميزان الاستراتيجي لصالح اسرائيل، واكد ان مشاركة اسرائيل للولايات المتحدة في الحرب الدائرة ضد ما يسمى الارهاب سيرفع من اسهم اسرائيل في الدول الآسيوية باعتبار التحالف الاستراتيجي القوي بين اسرائيل وواشنطن من جهة وخبرات اسرائيل في مكافحة الارهاب من جهة اخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.