نعم لنا العزاء المستمد من الايمان بقضاء الله وقدره فهو سبحانه الذي قرر لنا حقيقة لامناص منها عندما قال سبحانه وتعالى مخاطبا نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (انك ميت وانهم ميتون) نعم فكلنا مصيرنا الى هذه النهاية ومن ذلك نستمد العزاء ونتسلح بالايمان ونستلهم الصبر من الله الكريم. لقد مات الرجل الكبير حمد المبارك وهو ليس الاول ولن يكون الاخير ممن يسير الى هذه النهاية المحتومة ولكن القلب يحزن والعين تدمع فلا نملك الا ترديد (انا لله وانا اليه راجعون) وندعو للفقيد بالرحمة والرضوان ممن يملك الرحمة والرضوان. لقد عايشت هذا الرجل الكبير وتعاملت معه تعاملا مباشرا فكان الكبير في عطائه البسيط في تعامله يتمتع بدماثة الاخلاق وحسن المنطق ومهابة الرجولة.. التقيت به كثيرا وعرفته عن قرب قبل ان يتولى مسئوليات هذه المؤسسة (دار اليوم) الصحفية الكبرى والتقيت به بعد ان تولاها فكان خير من يقدر لذوي العطاء عطاءهم ويعطي كل انسان مايستحق ويتعامل مع الجميع باحترام يكسوه التواضع ولين الحديث وان انس لا انسى موقفا ظل فضله مطوقا عنقي مدى الحياة وذلك انني منذ مايقارب عشر سنوات دعوت بعض الاخوة الادباء وبعض الزملاء في دار (اليوم) لتناول طعام العشاء في منزلي وفاتني ان ادعوه وعندما حضر بعض الاخوة تلبية للدعوة فوجئت به يرحمه الله معهم فكأنه يرحمه الله احس بالحرج الذي اصابني والخجل الذي اعتراني فقال: انا لا احتاج الى دعوة لزيارة ابنائي واخواني وانت واحد منهم فاختر ان تكون اخا من اخواني وزملائي او ابنا من ابنائي فقلت بل ابن من ابنائك فقال: اذا يا ابني آتنا عشاءنا فزال مابي من كدر فقبلت رأسه شاكرا له تفضله بالحضور.. ان هذا الموقف العظيم من ذلك الرجل العظيم سيظل عالقا بالذهن ولن يزول فان مثل هذ الرجل الذي تولى مسئوليات هذه المؤسسة وكانت متعثرة جامدة بذل جهده ووقته للنهوض بها حتى وصلت جريدتنا (اليوم) الى ماوصلت اليه واصبحت مطبوعة يتهافت الجميع على قراءتها لما تتصف به من مصداقية وما يبذله القائمون عليها من خطوات تطويرية متلاحقة لتحتل مركزها المميز الذي وصلت اليه. ان الشيخ حمد يرحمه الله من نوادر الرجال ومن القلائل الذين يحظون بالحب والتقدير والاحترام من اول لقاء. والله اسأل ان يرحم الفقيد رحمة واسعة وان يلهم ابناءه وجميع افراد اسرته واقاربه وابنائه في جريدة (اليوم) الصبر والسلوان.