عاد محمد حامد (61 عاما) لتوه من مكتب العقارات حيث رتب لبيع منزله. ورغم أن الحرب تلوح في الافق، فإن هذا النوع من المعاملات المالية يمثل جزءا من الحياة الطبيعية التي لا يزال مواطنو بغداد يتشبثون بها. وفي الوقت الذي حدد فيه الرئيس الاميركي جورج دبليو. بوش للرئيس العراقي صدام حسين مهلة 48 ساعة للرحيل أو مواجهة حرب، يرفض حامد بضيق الاسئلة بشأن اندلاع الحرب المنتظرة. ويقول حامد لقد: أوفينا بكل شئ فيما يتعلق بالتفتيش عن الاسلحة. وإذا كانت أمريكا لا تزال تريد الحرب، فلتتفضل. وفي وجود موظف مكتب العقارات وعامل ومترجم، يسترسل الرجل العجوز في الاعراب عن رأيه: سندافع عن بلادنا. وسوف يحمل الجميع السلاح حتى النساء. ولا يعني التفوق العسكري الامريكي شيئا بالنسبة له. ويقول حامد (سنقاتل بالسكاكين والعصي لو اضطررنا، تماما مثلما فعلنا ضد الانجليز). وكانت بريطانيا، القوة الامبراطورية العظمى مطلع القرن العشرين، قد خسرت عشرات الالاف من قواتها عندما قامت بغزو العراق. ومازالت شواهد قبور الجنود البريطانيين والهنود منتشرة في مناطق وسط وجنوب العراق. وفي العشرينيات، سحقت بريطانيا ثورة عراقية ونصبت ملكا من الاسرة الهاشمية التي لا تزال تحكم الاردن المجاورة. ويعزز النظام العراقي حاليا خططه واستعداداته العسكرية. وقد أقيمت خنادق دفاعية على شكل خطوط متعارضة في حدائق المباني الحكومية والحدائق العامة وعلى ضفاف نهر دجلة. ويباشر أعضاء حزب البعث الحاكم المسلحون استعداداتهم منذ أسابيع. وقد تم توزيع جميع الحصص الغذائية الخاصة ببرنامج (النفط مقابل الغذاء) التي كان من المفترض أن تبقى حتى شهر أغسطس. وشكل الرئيس صدام حسين رسميا بعد ظهر السبت الماضي إدارته في وقت الحرب وقسم البلاد إلى أربع مناطق عسكرية. ووضع على رأس كل منطقة أحد أفراد أسرته أو مساعدا مقربا منه أو أحد كبار أعضاء حزب البعث. وتتكون المنطقة الشمالية من إقليمي الموصل وكركوك الغنيين بالنفط فضلا عن مناطق أربيل والسليمانية الخاضعتين حاليا للحكم الذاتي الكردي. وسوف يتولى قيادة هذه المنطقة عزة إبراهيم، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي وأحد مساعدي صدام منذ فترة طويلة. وسيتولى قيادة منطقة الفرات الاوسط التي تضم مدينتي كربلاء والنجف، اللتين تسكنها أغلبية شيعية، مزبان خضر هادي، وهو عضو في مجلس قيادة الثورة غير معروف كثيرا في الخارج. بينما سيتولى المنطقة الجنوبية ومركزها في مدينة البصرة التي سيجتاحها الجيش الامريكي على الارجح في بداية حملته علي حسن المجيد، ابن عم صدام حسين. غير أن المخططين العسكريين الاميركيين يعتبرون أن الدفاع عن البصرة مهمة ليس أمامها فرصة للنجاح. لكن العراقيين يذكرون ان البصرة صمدت امام مئات الآلاف من الجنود الايرانيين الذين حاولوا احتلالها خلال الحرب العراقية الايرانية 1980-1988. والمنطقة الوسطى حول بغداد وتكريت حيث يتمركز نفوذ صدام، اسند الرئيس العراقي الى نجله الثاني قصي مهمة قيادة المنطقة. ويرأس قصي الحرس الجمهوري وقوات الحرس الجمهوري الخاصة التي تعتبر جميعها موالية لصدام. وتولى صدام نفسه مسئولية الدفاع الجوي بما في ذلك القوات الجوية وجميع الصواريخ من طراز أرض-أرض. ويتشابه هذا الترتيب الدفاعي مع النمط الذي تم اتباعه عام 1991 عندما اخرج تحالف بقيادة الولاياتالمتحدةالعراقيين من الكويت. وفي عام 1991 أمر صدام بمهاجمة إسرائيل بصواريخ متوسطة المدى حملت رؤوسا تقليدية. ويتساءل المراقبون الآن عما يعتزم صدام فعله هذه المرة. ويمكن أن تستخدم صواريخ قصيرة المدى تحمل ما تبقى من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية لتوجيه ضربة إلى الامريكيين. وتسري شائعات في الاوساط النفطية بأن آبار النفط في كركوك تم بالفعل تلغيمها وأن الخنادق المحيطة ببغداد يمكن ملؤها بالنفط الخام وإشعاله لاحاطة المدينة بسور من الدخان والنيران. وتتفق جميع هذه الاقاويل مع تصريحات صدام ومعاونيه المستمرة التي تتكرر في كل مناسبة بأنهم سوف يدافعون عن العراق (بشتى الوسائل). القصر الجمهوري أول الاهداف المتوقع مهاجمتها