(( عندما تخضع شعوب من نفس الأصل أو تنتمي إلى أصول مختلفة، ولكن غير متباعدة جداً، لنفس العقائد والمؤسسات والقوانين.. طيلة قرون عديدة، فإنها تشكل حينئذ ما كنت قد دعوته ( بالعرق التاريخي) وعندئذ يمتلك هذا العرق نظاماً أخلاقياً، وحتى دينياً وسياسياً مركباً من مجموعة من المواضيع والأفكار والعواطف المشتركة التي هي منغرسة في النفوس إلى الحد الذي تقبل فيه دون نقاش)). غوستاف لوبون/ سيكولوجية الجماهير ص 27 غوستاف لوبون ( 1841- 1931) قصر كلامه هذا على إيضاح تأثير ( البنية الفوقية) في نفسية الجماهير أو البناء النفسي المشترك للمجتمعات والشعوب. الذي تقوم به (أولاً) (البنية التحتية) وهي التي تعني الأساس المادي للمجتمعات بدءا من الجغرافيا حتى الكثافة السكانية وتوزيعها، ومع ذلك يبقى كلامه في غاية الدقة والأهمية وأن أهمل أو تغاضى عن فعل البنية التحتية. وإذن فهناك لكل أمة عرق تاريخي يتكون عبر قرون لا من الأنساب والدماء، بل من العقائد والأفكار والعواطف المشتركة.. أو لنقل باختصار ما تحمله اللغة. على ضوء هذا الكلام الذي تقدم أطرح السؤال الذي سقت من أجله هذه الحلقة ما السمات الأوضح في العرق التاريخي للعرب ؟ أن طرح هذا السؤال نفسه قبل عشرة قرون يختلف عن طرحه الآن ,وبالتالي لابد أن تكون الإجابة عنه هي الأخرى مختلفة , ان الأمة العربية الآن أمة مشلولة فكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا فهل لهذا ارتباط بكيفية تكون العرق التاريخي أولا؟ لا يكفي أن نقول ان العرب ظاهرة صوتية ونسكت ولا يكفي ان نقول ان هذا الشلل سببه فقدان الحرية في التاريخ العربي كله ونسكت ولا يكفي ان نقول ان التدخل الخارجي ينشب فينا أظفاره طول قرون ونسكت، الذي يكفي ان نصل إلى تعليل سببي لحصول هذا أو ذاك من مظاهر التخلف وعلاقته بالعرق التاريخي. في مقاله (العرب يريدون السلامة من دون ثمن) الحياة 16/ 3/ 2003م تساءل خالد الدخيل قائلا:(لماذا تبدو الاستجابة العربية معاكسة لحركة التاريخ فهل لهذا السؤال الفاجع علاقة بالعرق التاريخي)؟