طبعة ثالثة من كتاب عالِم الاجتماع الفرنسي غوستاف لوبون (1841- 1931) «سيكولوجية الجماهير» صدرت عن «دار الساقي» (الترجمة والتقديم: هاشم صالح). يرى لوبون أن الجماهير لا تعقل، فهي ترفض الأفكار او تقبلها كلاًّ واحداً، من دون أن تتحمل مناقشتها. وما يقوله لها الزعماء يغزو عقلها سريعاً، فتتجه إلى ان تحوله حركة وعملاً، وما يوحى به إليها ترفعه إلى مصاف المثال ثم تندفع به في صورة إرادية إلى التضحية بالنفس. إنها لا تعرف غير العنف الحاد شعوراً. ويعتقد المؤلف كذلك أن تعاطفها لا يلبث أن يصير عبادة، ولا تكاد تنفر من أمر ما حتى تسارع إلى كرهه. وفي الحالة الجماهيرية تنخفض الطاقة على التفكير، ويذوب المغاير في المتجانس، بينما تطغى الخصائص التي تصدر عن اللاوعي. «حتى لو كانت الجماهير علمانية، تبقى لديها ردود فعل دينية تفضي بها إلى عبادة الزعيم، وإلى الخوف من بأسه، وإلى الإذعان الأعمى لمشيئته، فيصبح كلامه دوغما لا تناقش، وتنشأ الرغبة في تعميم هذه الدوغما. أما الذين لا يشاطرون الجماهير إعجابها بكلام الزعيم، فيصبحون هم الأعداء». ويخلص لوبون، الذي عني بالحضارة الشرقية، إلى القول إن «لا جماهير من دون قائد، كما لا قائد من دون جماهير».