عبر تاريخها الطويل الذي تعدى المائة عام بقليل استطاعت السينما العالمية أن ترفع صوتها في وجه القهر والظلم والحروب وأن تتحمل تبعة ذلك من الاضطهاد والمطاردة والتهميش سواء لصناع الفيلم وممثليه أو للفيلم نفسه ولعل تهميش الممثلة البريطانية فاليسيار الجوديف لأنها وقفت في وجه القتل والظلم ضد الفلسطينيين مثالا حيا وشاهدا على ذلك والأمثلة كثيرة. وبقدر ما ظهرت أفلام لتمجيد القوة وتسويق الحرب والعنف ظهرت في المقابل أفلام أخرى تقول كلمتها الرافضة ولعلنا نتذكر العديد من الأفلام التي ظهرت ضد حرب فيتنام وكشفت عن مآسي الحرب وعنفها مثل (نهاية العالم الآن) لمارلون براتدو.. وأيضا فيلم (كيمارا) لنفس الممثل وفيلم (زد) وفيلم (مفقود) لجاك ليمون لنفس مخرج فيلم زد (كوستا جافراس) والذي يدين تورط أمريكا في أحداث شيلي عام 72. ولعل أقرب الأفلام لما يحدث الآن على الأرض العراق فيلم (قضية مائية) وهو للمخرج الايطالي فرانشسكو روزي ويكشف عن مآسي وضحايا الاحتكارات العالمية التي تجتاح في طريقها كل شيء.. وبطل الفيلم (فولونتي) من رجال البترول الذين يقفون ضد الاحتكار وضد استغلال شركات البترول لثروات العرب الفقراء. ولذا كان لابد من إزاحته فدبروا له حادث طائرة ليذهب من طريقهم وأحدث صرخة ضد الحرب قدمها رومان بولانسكي في فيلمه (عازف البيانو) الذي حصد جائزة أفضل مخرج وأفضل ممثل في أوسكار هذا العام والسينما العربية قدمت العديد من الأفلام التي تكشف وترفض القهر وظلم الغزاة والحروب ومنها أفلام لمخرجين من مصر وفلسطين ولبنان وسوريا والجزائر وغيرها ولا ننسى أفلاما لأشرف فهمي وحسين كمال ورشيد مشهراوي الذي قدم أكثر من فيلم عن فلسطين ومصطفى العقاد الذي قدم "عمر المختار" وميشيل خليفي الذي قدم "الأرض بتتكلم عربي".. الأعمال كثيرة والشرفاء الذين وقفوا ضد الحرب بأعمالهم السينمائية وبأفكارهم لم ينقرضوا وقد شاهدنا حفل توزيع الأوسكار ليلة الأحد الماضي الذي فقد جاذبيته لوقع ظلال الحرب الأمريكية الظالمة ضد العراق عليه ليجيء باهتا بلا طعم وأيضا ساحت لاعلان رفض الفنانين للحرب ضد العراق والقتل والدمار الذي يحدث على أرض بعيدة عن أمريكا .. لقد قدم أهل هوليود نموذجا يجب أن يخجل منه البعض منا فقد جاء البعض من النجوم ليعلنوا عن موقفهم بينما البعض الآخر آثر عدم المجىء وقاطع الاحتفال احتجاجا على الحرب وبالطبع كان هناك من جاء ليؤيد بوش وحربه. ولعل موقف مايكل مور الذي صرخ بأعلى صوته على منصة التكريم: إننا نعيش زمنا وهميا.. إننا ضد الحرب يا سيد بوش.. عار عليك.. عار عليك.. واضح ما يعانيه الشرفاء من الفنانين في أمريكا رغم الضغوط التي مورست ورغم التهديد إلا أن الحرب لم تحظ بالتأييد إلا في أضيق نطاق.. لقد كان الأوسكار مسرحا لتجسيد الرفض للحرب لا للدفاع عنها كما أملت إدارة الحرب.