تردد اسم المخرج البولندي رومان بولانسكي كثيراً هذا الأسبوع بعد أن اعتقلته الشرطة السويسرية السبت الماضي استجابة لمذكرة توقيف صدرت بحقه في أمريكا قبل ثلاثين سنة بتهمة اغتصاب فتاة قاصر. وهي القضية الثانية التي يثير فيها بولانسكي جدلاً واسعاً في أمريكا بعد قضية مقتل زوجته الممثلة شارون تيت عام 1969 والتي كان المتهم الرئيسي فيها بسبب تطابق أجواء الجريمة مع الطقوس الدموية التي قدمها عام 1968 في فيلمه المثير Rosemary's Baby لكنه حصل على البراءة لاحقاً بعد أن تم القبض على المجرمين وتبين أنهم ينتمون للهيبيز وقد ارتكبوا جريمتهم لمجرد التسلية. القضايا الشخصية لا تُلغي المكانة الرفيعة التي يحتلها رومان بولانسكي في عالم السينما فهو الحائز على أوسكار أفضل مخرج وعلى سعفة كان الذهبية عام 2002 عن فيلمه المميز (عازف البيانو-The Pianist). رومان بولانسكي البولندي الأصل المولود في باريس عام 1933 بدأ حياته السينمائية ممثلاً في العام 1950 مع فيلم A Generation للمخرج الكبير أندريه فايدا وذلك قبل أن يلتحق بمدرسة لودز لدراسة الإخراج السينمائي ويصنع ثمانية أفلام قصيرة حتى بداية الستينيات ستلفت الانتباه لمخرج بولندي شاب يحمل نفساً سينمائياً مميزاً. فيلمه الطويل الأول ظهر في العام 1962 بعنوان (سكين في الماء- Knife in the Water) وترشح فوراً لأوسكار أفضل فيلم أجنبي وهو يصوّر قصة زوجين شابين سئما من حياتهما ويجدان مفتاح السعادة مع رجل عجوز. بعد ذلك اشترك مع جان لوك غودار وكلود شابرول في صناعة فيلم The Beautiful Swindlers. ثم قدم أول أفلامه الناطقة بالإنجليزية عام 1965 مع النجمة الفرنسية كاثرين دونوف بعنوان (النفور-Repulsion) عن امرأة مهووسة ترتبط بعلاقة مع الجن في أجواء كابوسية. تتميز سينما رومان بولانسكي بالتنوع في موضوعاتها واعتمادها على أنواع أدبية مختلفة حيث قدم عوالم مصاصي الدماء بروح كوميدية ساخرة عام 1967 في فيلم (الرقص مع مصاصي الدماء) ثم ذهب إلى عالم الرعب والشياطين في فيلم (روزماري بيبي) عام 1968 ليقدم بعدها عوالم شكسبير في فيلم (مأساة ماكبث) 1971. وفي العام 1974 قدم إضافة لأفلام "النوار" بفيلمه المميز (الحي الصيني) مع النجم جاك نيكلسون. ثم عاد إلى أجواء الرعب مع مسحة من الإثارة والغموض في فيلم (المستأجر) عام 1976 لينتقل بعد ذلك إلى عالم الرومانسية مع فيلم Tess. وفي العام 1986 استعان بالكوميدي الأمريكي والتر ماثيو ليقوم ببطولة فيلم ساخر بعنوان (القراصنة). أما أجواء الرعب القوطي فسيقدمها مع النجم جوني ديب في فيلم (البوابة التاسعة) عام 1999. وقد شهدت الألفية الجديدة ظهوراً قوياً لرومان بولانسكي حينما فاز بأوسكار أفضل مخرج عن فيلم (عازف البيانو) ولم يتمكن من استلامه لعدم قدرته على زيارة الأراضي الأمريكية منذ اتهامه باغتصاب فتاة قاصر في نهاية السبعينيات. وقد حصد فيلمه أوسكارين آخرين هما أفضل سيناريو مقتبس وأفضل ممثل رئيسي لبطل الفيلم أدريان برودي. ويحكي الفيلم قصة عازف بيانو بولندي يهودي يصارع من أجل البقاء بعد اقتحام القوات الألمانية لغيتو وارسو في الحرب العالمية الثانية.