رصد الخبير الاقتصادي المصري خليل العناني انعكاسات ليست ايجابية مطلقاً للحرب ضد العراق خاصة على الاقتصادين الامريكي والروسي انطلاقاً من التداعيات الخطيرة للحرب على الاقتصاد العالمي ككل مشيراً إلى ان التقديرات الاولية لتكاليف الحرب تتراوح بين 80 و 100 مليار دولار. وهو ما اكده جوزيف بيدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الامريكي بقوله: ان تكاليف شن حرب ضد العراق ستتراوح بين 80 و 100 مليار دولار، ستتحملها الولاياتالمتحدة بالكامل، بعكس حرب الخليج التي تحمل حلفاء واشنطن 80% من فاتورتها التي قاربت 60 مليار دولار. كما اضاف الباحث سكوت فيل الضابط السابق المقرب من البنتاجون في جلسات استماع الكونجرس خلال عام 2002 مبلغ 16 مليار دولار للسنة الاولى تكلفة قوة دولية من 75 الف رجل ضرورية للحفاظ على الاستقرار في البلاد بعد اسقاط النظام العراقي، على حد قوله. وعن تأثيرات الحرب على الاقتصاد الامريكي قالت الدراسة ان الكثير من المسئولين الحكوميين والدبلوماسيين والاقتصاديين في الولاياتالمتحدة يرون ان الحرب ستكون لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد الامريكي المهزوز حالياً حيث عليه ان يتحمل هذه المرة لان معظم النفقات الحربية اضافة إلى ما قد يتعرض له من صدمة جراء ارتفاع اسعار النفط وزيادة الانفاق العسكري ستقلل من فرص خروج الاقتصاد الامريكي من حالة الكساد التي يعانيها كما ان خروج تكاليف الحرب على نطاق السيطرة سيزيد الشكوك والتساؤلات حول جدواها. واضاف ان المحللين يعتقدون ان تكلفة الحرب ليست في حدود استطاعة الولاياتالمتحدة بعد التكاليف الباهظة التي تحملتها واشنطن في حربها ضد افغانستان وفي الفلبين ومناطق عديدة من العالم، واذا كان البعض يعتقد ان الحرب ستنشط بعض قطاعات الانتاج العسكري وبالتالي تعطي دفعة متواضعة للاقتصاد فان هذا النشاط سيكون قصير الاجل حيث ستظهر التأثيرات السلبية على الاقتصاد في وقت غير بعيد، ومع الاخذ بعين الاعتبار الزيادة التي اقرتها لجنة الاعتمادات في مجلس النواب في ميزانية الدفاع بمقدار 7% في السنة المالية 2002 والبالغة 317 مليار دولار فان هذه الزيادة لن تكون كافية لمواجهة الزيادات التي ستطرأ على الانفاق العسكري في مختلف انحاء العالم. ويعتقد الخبراء ان ارتفاع تكاليف الحرب سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الامريكي من جهتين الاولى ترتبط بالتأثير النفسي على الاسواق المالية وعلى الانفاق بالتجزئة والاستثمار في المشاريع التجارية وعلى السفر وعناصر اخرى في الاقتصاد، وبالتالي استمرار اهتزاز الثقة في الاقتصاد الامر الذي سيزيد من حالة التراجع المستمر في الانفاق الاستهلاكي الذي يمثل ثلثي الاقتصاد الامريكي، فعلى سبيل المثال ادت حرب ا لخليج عام 1991 إلى تراجع الاستهلاك في الولاياتالمتحدة بنسبة 1.3% والاستثمار بنسبة 6.9%. واضافت الدراسة ان فاتورة الحرب ستؤدي إلى اتساع العجز في الميزانية الفيدرالية، كما يمكن ان يؤدي إلى اجراء تقليص في النفقات على البرامج المحلية المختلفة، ويذكر ان العجز في الميزانية الاتحادية يتزايد شهرا بعد آخر واظهرت بيانات لوزارة الخزانة الامريكية ان الموازنة الحكومية سجلت اول عجز مالي من نوعه خلال الاشهر السبعة الاولى من العام المالي الحالي 2002 وذلك بعد الفائض الذي تم تسجيله على مدى 4 سنوات متتالية حيث تبلغ قيمة العجز 66.5 مليار دولار. وارجعت الادارة الامريكية الاسباب وراء عجز الموازنة الحكومية إلى الاعباء المالية التي تم تخصيصها لتمويل الحرب في افغانستان فضلاً عن ظروف الركود التي واجهت الاقتصاد الامريكي العام الماضي. حتى بريطانيا حليفة الولاياتالمتحدة فانها تشعر بالقلق من نصيبها في التكاليف، فقد حذر وزير الخزانة البريطاني جوردون براون من ان مشاركة بريطانيا في حرب ضد العراق ستكلف الخزينة العامة مبلغ 2.5 مليار دولار تقريباً، وقال: ان الحكومة ستواجه خياراً صعباً بين ان تقوم باعادة بناء وتطوير قطاعات الخدمات العامة في بريطانيا من تعليم وصحة ومواصلات وغيرها او تشارك في تدمير بغداد. وبالاضافة إلى ما سبق، فان عدداً من الدول تطالب بتعويضات او حوافز مالية، بغية تقديم تسهيلات لوجستية للقوات الامريكية، ومن هذه الدول تركيا التي تطالب واشنطن باعفائها من ديون خارجية قيمتها 5 مليارات دولار. واشار العناني الى ان اكثر المتضرين هم اصحاب التعاقدات التجارية مع العراقكروسيا صاحبة العقود النفطية والصفقات التجارية الضخمة، واغلب الدول العربية التي انفتح تعاملها مع العراق خاصة بعد ان قام العراق بعقد اتفاقيات التجارة الحرة مع 10 دول عربية، مع الاشارة إلى ان حجم التبادل التجاري بين العراق والدول العربية بلغ 26 مليار دولار. واذا كانت الولاياتالمتحدة اكثر قدرة على تحمل تقلبات اسواق النفط من البلدان الغربية الاخرى نتيجة لقدرتها على استخدام الاحتياطي المتوافر لديها البالغ 50 مليار برميل فان دول العالم الاخرى بما فيها الدول الصناعية اوروبا واليابان ستجد نفسها امام تحديات جدية تضر باقتصادياتها. وبالاضافة إلى ما سبق فقد ترسخت قناعة لدى الدول الغربية بأن غنائم الحرب ستكون من نصيب واشنطن فقط، بل وربما تستغل ما تحققه من نتائج اذا ما استحوذت على النفط العراقي في ابتزازهم وتهديدهم في المستقبل خاصة ان العراق يمتلك ثالث اكبر احتياطي نفطي في العالم، ويقدر بحوالي 100 مليار برميل، وتجربة حرب 1991 دليل على ذلك حيث خرج اقرب حلفائها خاوي الوفاض من كل شيء وكانت الكعكة بأكملها من حظ الشركات الامريكية . وبالنسبة لتأثيرها على الاقتصاد الروسي قال العناني في دراسته ان الموضوع الاقتصادي يلعب دوراً مؤثراً في المواقف السياسية الروسية ويعتبر العراق احد ابرز شركاء موسكو التجاريين اذ بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق والاتحاد الروسي 7 مليارات دولار فيما تدين بغدادلموسكو بمبلغ 8 مليارات دولار ويجري الحديث خلال هذه الايام عن صفقة اقتصادية ضخمة قيمتها 60 مليون دولار يعتزم الجانبان ابرامها تشمل تعاوناً اقتصادياً مكثفاً خلال السنوات العشر القادمة، تتمركز حول صناعة النفط والغاز والنقل والاتصالات، وتشتمل الاتفاقيات على 67 عقداً، لكن هذه العقود لن تصبح نافذة المفعول الا بعد رفع العقوبات. وكانت ازمة عراقية روسية قد وقعت منتصف شهر ديسمبر 2002 حينما الغت بغداد عقوداً نفطية ضخمة مع شركة لوك اويل الروسية تبلغ قيمتها 3.7 مليار دولار وقد خرج بعدها مسئول روسي تحدث لوكالة الانباء الفرنسية قائلاً: هذا القرار قد يزيل احد الاسباب المهمة التي تدفع روسيا إلى معارضة شن الولاياتالمتحدة حرباً محتملة ضد العراق، مضيفا ان شخصية صدام حسين ليست لطيفة إلى حد يدفعنا إلى الاكتفاء بمجرد حمايته دون مقابل.