خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    الإتحاد يُعلن تفاصيل إصابة عبدالإله العمري    بطلة عام 2023 تودّع نهائيات رابطة محترفات التنس.. وقمة مرتقبة تجمع سابالينكا بكوكو جوف    جدة تستعد لاستقبال مهرجان "منطقة العجائب" الترفيهي    مبارة كرة قدم تفجر أزمة بين هولندا وإسرائيل    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الثقة به مخاطرة.. «الذكاء الاصطناعي» حين يكون غبياً !    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    5 طرق للتخلص من النعاس    «مهاجمون حُراس»    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    984 ألف برميل تقليص السعودية إنتاجها النفطي يومياً    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    الهلال يهدي النصر نقطة    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    حديقة ثلجية    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    رحلة طموح    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    الغرب والقرن الأفريقي    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطط غزو العراق واحتلاله وضعت العام 1979 ولعبة النفط المعاصرة بيد امريكا
نشر في أزد يوم 26 - 06 - 2010

الدكتور عبدالحي يحيى زلوم هو مستشار نفطي عالمي قضى أكثر من خمسين سنة في صناعة النفط في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، وساهم في تأسيس العديد من شركات النفط الوطنية العربية، كما قام بأعمال استشارية في الهند والصين وله سبعة كتب بالعربية وكذلك بالإنجليزية . في هذه المحاضرة يبين د . زلوم أن النفط قد رسم خريطة الشرق الأوسط، وكان محور محرك السياسات “البترو إمبريالية” في عهد الإمبراطوريتين البريطانية والأمريكية، كما يبين خفايا الاحتلال التدريجي لمنابع النفط والرابط بين النفط ونشوء الاقتصاد الرأسمالي المقامر الجديد الذي أصبح النفط، الذهب الأسود، غطاءه بدلاً من الذهب الأصفر . وتالياً نص المحاضرة:
وجدت شركة Philbro أن المضاربة بالنفط هو مربح جداً ولكنه يحتاج إلى تمويل كبير، فقامت بشراء لبنك Solomom Brothers في وول ستريت، وبعدها بدأت بنوك وول ستريت دخول المتاجرة والمضاربة المربحة على النفط بدءاً ب Morgan Stanely ثم Goldman Sachs وهكذا . وهكذا صارت ناقلة النفط تباع وتشترى أكثر من مائة مرة ما بين ميناء التحميل وميناء التفريغ، وهكذا أصبح هناك نفطان النفط الحقيقي داخل الناقلة وعشرات الناقلات من النفط الورقي الوهمي .
ولكي تتم تغطية النفط الورقي paper oil الناتج عن بيع الشيء نفسه عدّة مرات اخترعت بنوك وول ستريت أدوات مالية جديدة مثل المشتقات (Derivatives) والتي قسمت النفط الورقي إلى جزيئات صغيرة ضمنتها داخل سلع حقيقية، وتم بيع هذه المشتقات إلى صناديق التوفير hedge funds لتقليل المخاطرة على البنوك نفسها، ثم عملت ما اسمته (SIV) استطاعت بواسطتها إخراج تلك السلع الوهمية من دفاترها، وقامت بالتأمين عليها احتياطاً بواسطة Swaps .
عندما انفجرت الأزمة الاقتصادية الأخيرة كان هناك 650 تريليون دولار من المشتقات والتي تضم تلك السلع الوهمية الورقية من نفط وسلع أخرى، وهذا هو حوالي 12 مرّة عن حجم الاقتصاد الكلي العالمي أو حوالي 50 مرة حجم الاقتصاد الكلي الأمريكي .
من التحكم عن بعد، إلى واسطة “الوكلاء المحليين” فالاحتلال خطوة خطوة
* المرحلة الأولى: السبعينات
كانت السيطرة تتم عن طريق شاه إيران والدول “الحليفة” في المنطقة في الوقت الذي كانت تقوم بزيادة البنية التحتية العسكرية بشكل مستتر ما أمكن .
* المرحلة الثانية: الثمانينات
زيادة التواجد العسكري بشكل ملحوظ وبناء بنية تحتية عسكرية تستطيع احتواء متطلبات حروب كبرى بمئات الآلاف من الجنود والطائرات .
* المرحلة الثالثة: التسعينات
استعمال القوة للقضاء على أي قوة إقليمية يمكن أن تنافس الولايات المتحدة واستعمال القوة “الناعمة” لفرض عولمة الاقتصاد لخدمة الاقتصاد الأمريكي .
* المرحلة الرابعة: العقد الأول من القرن الواحد والعشرين
المشروع الامبراطوري الأمريكي يأخذ شكل الاحتلالات المباشرة للدول بانفرادية للاستيلاء على المصادر الطبيعية العالمية وفي مقدمتها النفط .
المرحلة الأولى
عندما أصبحت الولايات المتحدة الخليفة لبريطانيا العظمى كامبراطورية للرأسمالية الأنجلوساكسونية، حلت محلها في قواعدها في منطقة الجزيرة العربية، واتخذت من البحرين مركزاً لأسطولها الخامس كما قامت ببناء بنية تحتية تستطيع استقبال وحدات التدخل السريع التي أنشئت داخل الولايات المتحدة، والتي تطورت لاحقاً لتصبح القيادة الوسطى Central Command . في هذه الفترة تم وضع خطط التدخل السريع لحروب مستقبلية .
في العدد May 7,1979 من مجلة Fortune الأمريكية تم نشر خطة حرب تحت اسم: “لو غزت العراق الكويت والسعودية” وجاء في المقال:
“تستطيع القوات العراقية مستعملة أسلحة سوفييتية أن تتغلب على الدولتين بسرعة، والمساعدة منّا عند طلبها، ستبدأ بضربات جوية تكتيكية ضد الدبابات والطائرات العراقية مع التهديد بتدمير منشآتها النفطية . ولكي يتم إخراج القوات العراقية فهناك حاجة إلى استعمال رجال المارينز من الأسطولين السادس والسابع وقوات المشاة من الفرقتين 82 و101” . ولقد تم تنفيذ هذه الخطة بعد 12 سنة في عاصفة الصحراء!! وكانت البنية التحتية لاستيعاب مئات الألوف من الجيوش، وأجهزة السيطرة وغرف العمليات جاهزة لمثل تلك الحرب .
إخراج الفلسطينيين واليمنيين من مناطق النفط
اقترحت تلك الخطة بإزاحة الفلسطينيين من الكويت خصوصاً والخليج عموماً، واليمنيين من السعودية باعتبارهم (عناصر عدم استقرار) في منطقة استراتيجية مهمة . وهكذا كان نتيجة لحرب عاصفة الصحراء بعد أن تمت تهيئة الظروف اللازمة لذلك .
المرحلة الثانية: الثمانينات
بدأت هذه المرحلة بمبدأ كارتر Carter Doctrine والذي قال فيه: “أي محاولة من أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج الفارسي ستُعتبر هجوماً على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، ومثل هذا التعدّي سيتم صدّه بكافة الوسائل المتاحة بما فيها القوة العسكرية” .
من الطريف ملاحظة أن هذا التصريح متطابق تماماً مع تصريح وزير الخارجية البريطاني Lansdowne حيث قال:
“أن تقوم أي قوة بإنشاء ميناء محصن في الخليج الفارسي فذلك يعتبر اعتداء خطراً على المصالح البريطانية وسوف يتم مقاومته بكافة الوسائل المتاحة لدينا” .
ومن المفيد أن نبين أنه بعد الحرب العالمية الثانية أخذت الولايات المتحدة دور امبراطورية الانجلوساكسون الرأسمالية واصبح دور بريطانيا المستشار الامبريالي للامبراطورية الأمريكية الناشئة .
الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة قاموا بتشجيع صدّام حسين عام 1980 بالهجوم على إيران الثورة بعد عام من الاطاحة بالشاه . ولتحقيق هزيمة وتدمير الطرفين في الحرب، قامت الولايات المتحدة بتزويد الطرفين بالمعدات العسكرية والمعلومات الاستراتيجية ليدمر أحدهما الآخر . كما نتج عن حرب الثماني سنوات تلك تدمير البنية التحتية والاقتصاد للطرفين . ولقد دخلت العراق الحرب بفائض يزيد على 30 مليار دولار وخرجت منه تترنح تحت وطأة ديون وصلت لحدود مائة مليار دولار ما كان سبباً رئيساً وأرضاً خصبة لما تلى من غزو الكويت .
في هذه المرحلة زاد التواجد الأمريكي حتى إنه في سنة 1983 أصبح للولايات المتحدة 24 قطعة حربية كبرى وحوالي 15000 من العاملين في القوات المسلحة في الخليج .
المرحلة الثالثة التسعينات
في نهاية عقد الثمانينات استوردت الولايات المتحدة سنة ،1989 45% من احتياجاتها النفطية والتي سببت 40% من العجز التجاري الأمريكي لتلك السنة . كما أنّ الدراسات كانت تدل أن نسبة النفط المستورد ستصبح 65% في نهاية عقد التسعينات . أما وقد أصبحت الولايات المتحدة القوة الوحيدة في العالم بعد تفكيك الاتحاد السوفييتي ومن ثم انهياره، فلقد جاء وقت تصعيد تواجد الولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي والتي تحتوي مع إيران على 70% من احتياط النفط العالمي من مجرد سيطرة إلى احتلال على مراحل! “أوحت” الولايات المتحدة لصدّام حسين بأنها لن تتدخل في نزاعه مع الكويت باعتباره صراعاً عربياً عربياً، بل ساعدت في إفشال الوساطة السعودية في جدة بين العراق والكويت فكان أن احتل العراق الكويت في 2/8/1990 .
لم تكن إدارة كلينتون مختلفة في جوهرها عن بوش الاب أو الابن، لكن كان دورها أساساً هو استعمال القوة الناعمة لفرض العولمة ومؤسساتها على دول العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي . أما بالنسبة إلى الخليج فكانت هناك سياسة ثابته . ولعل حرب المنطقة المحظورة الطيران No Fly Zone War . كانت هي حرب الخليج الثانية، حيث بقيت أكثر من 200 طائرة أمريكية تقوم بقصف المواقع العراقية العسكرية والاقتصادية . فمثلاً في أول ثمانية شهور لعام ،1999 قصفت الولايات المتحدة ألف ومائة صاروخ (1100) دمرت خلالها 359 منشأة عسكرية واقتصادية!
المرحلة الرابعة: الاحتلال والحروب الاستباقية
جاءت مؤسسة الظل الأمريكية بفريق متمرس بالنفط، أباً عن جد، مثل جورج بوش George W .Bush أو ديك تشيني Dick Cheney نائب الرئيس الذي جاء لتوه من قيادة أكبر شركات خدمات النفط بالعالم، وأما Condoleeza Rice فقد تم تدشين إحدى ناقلات النفط العملاقة التابعة لشركة “شيفرون” باسمها، حيث كانت لتوها عضواً في مجلس إدارة تلك الشركة . جاء هؤلاء لتنفيذ سياسة المحافظين الجديد للسيطرة الكاملة على نفط العالم ومصادره الأخرى، ونشر القواعد العسكرية في كل بقاع الأرض لحراسة المنشآت النفطية وطرق امداداتها .
في مايو/ أيار ،2001 بعد شهرين من دخول بوش Bush للبيت الأبيض نقلت عنه مجلة Time قوله “ما يجب على الناس أن يعلموه ويسمعوه بقوة وبوضوح هو أن الطاقة في الولايات المتحدة هي في مرحلة نضوب” .
جاء المحافظون الجدد وإدارة بوش من مؤسسة PNAC (القرن الأمريكي الجديد) والذي لم يكن سوى نسخة جديدة لأفكار “القرن الأمريكي” الذي دعا إليه Henry Luceصs سنة 1941 في مقال تحت عنوان: القرن الأمريكي . جاء في مقال Luce:
“علينا أن نتقبل بشكل كامل واجبنا وفرصتنا كأكبر وأهم دولة في العالم وذلك لفرض تأثيرنا وقوتنا في العالم لأي غرض نريده وبأي وسيلة نريدها” . ولعل هذا هو بعينه ما تمت ترجمته لمبدأ بوش Bush Doctrine .
لعله من الطريف أن نبين بأن Luce وبوش الأب والابن هم من خريجي جامعة Yale وأنهم كانوا جميعاً أعضاء في الجمعية الفائقة السرية في Yale والمسماة الجماجم والعظام Skulls& Bones .
بداية النهاية لعصر النفط
يبين هذا الجدول بوضوح التناقص التدريجي للاكتشافات مع الزيادات العالمية في الاستهلاك والخلل الواضح بين تلك الاكتشافات والاستهلاك
السنة الاكتشافات الاستهلاك
1920 10 billion blls 1 .5 billion blls
-108 1964 48 billion blls 23 billion blls
-108 1988 23 billion blls 23 billion blls
-108 2005 6 billion blls 30 billion blls
وكذلك وعلى سبيل المثال:
- حقل Forties field في بحر الشمال هبط إنتاجه من 500000 إلى 50000 برميل/ باليوم
- إنتاج ألاسكا هبط من 5 .1 مليون برميل/ اليوم إلى حوالي 000300 برميل/ اليوم .
- 53 دولة منتجة بدء إنتاجها بالهبوط التدريجي عن نقطة إنتاج الذروة .
- حقل Cruz Beana في كولومبيا هبط في 500000 برميل/ اليوم في السبعينات إلى 200000 في سنة 2002 .
اقتصاد الأوهام لسنوات التسعينات في الاقتصاد المقامر وخصوصاً شركات التكنولوجيا، أدى إلى انهيار سوق نازداك Nasdaq للأسهم لدرجة الانصهار سنة 2000 . كما عانت الكثير من الشركات الأخرى بما فيها شركات السيارات والحديد من الخسائر والافلاسات بما في ذلك إحدى أكبر الشركات Enron والتي أفلست قبل 11 سبتمبر بأسابيع قليلة . الحروب دوماً (تحفز الاقتصاد الرأسمالي!) . . فهل هناك إمكانية حرب جديدة؟ وهكذا جاءت حروب الإرهاب التي تبعت أحداث 11 سبتمبر والتي نتجت عن ادعاء 15 هيئة استخبارية أمريكية عن فشلها من اكتشاف أكثر من 20 “هاوياً” بقوا في الولايات المتحدة أكثر من سنة كاملة يخططون لاختطاف أربع طائرات بواسطة سكاكين بلاستيكية . وهكذا كان . هناك حرب أسموها حرباً على الإرهاب وأسماها آخرون حرب إرهاب قالت عنها Asia Times سنة 2002 بعد بدء تلك الحرب: “كل ما تحتاجه هو نظرة واحدة على الخريطة، فليس من المصادفة أن تكون خرائط الحرب على الإرهاب وخرائط دول النفط متطابقة تماماً” .
غزو أفغانستان ونتائجه
لعل نتيجة غزو دولة عظمى وحيدة على دولة تعيش في القرون الوسطى هي تحصيل حاصل ضمن الحروب التقليدية (وليس حروب المقاومة) فأعلنت أمريكا انتصارها (وإن كانت لا تزال تقاس حتى اليوم) إلاّ أن شركاتها النفطية حققت ما جاءت إليه .
هكذا ما كتبته مجلة Business Week في عددها May 27, 2002 “لا يستطيع أكثر الأمريكيين أن يجدوا أذربيجان على الخارطة ولا أن يقوموا بتهجئة كيرغيستان، أزبكستان، كازاغستان أو طاجكستان . لكن العسكر الأمريكان، ورجال النفط، والدبلوماسيون قد بدأوا سريعاً لمعرفة هذه البقعة البعيدة عن العالم . إن اللعبة التي يقوم بها الأمريكان هي في غاية الأهمية . . . إن الناتج الآن هو سياسة تجمع بين البارود والنفط . البارود لحماية النفط والحكام من المتشددين الإسلاميين” . كما بينت المقالة أن البنتاغون قد أرسل العسكر لحماية طريق خط أنابيب مزمع بناؤه من باكو عبر جورجيا إلى سيهان في تركيا ولقد تم بناء هذا الخط البالغ طوله 1650 كيلومتراً، حيث تم تنفيذ انقلابات وثورات متعددة الألوان والإتيان بأنظمة حكم موالية للغرب . ولقد بدأ ضخ النفط في هذا الخط حيث تم ضخ حوالي 5 .1 مليون برميل يومياً عام 2006 عبر هذا الخط المسمى BTC .
غزو العراق
أفادت وكالة أنباء Associated Press بتاريخ 24 يناير 2008 أن مؤسستين محايدتين للصحافة قد وجدت أن الرئيس بوش وكبار موظفيه قد أصدروا 925 بياناً كاذباً عن خطر العراق على الأمن القومي الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 . ولقد تبين “أن تلك البيانات كانت جزءاً من حملة منسقة، ألهبت شعور الرأي العام، وفي النتيجة ادخلت أمريكا في حرب تحت مسوغات كاذبة” .
925 كذبة لرئيس وإدارته ادعى أن الله قد أراده مخلصاً لأمريكا والعالم .!
لماذا العراق؟
عندما سُئل جيمس ايكنز عن سبب الغزو الأمريكي العراقي قال: “بالطبع انه البترول فمن الواضح أن هذه هي القضية . ولو أن العراقيين كانوا ينتجون الفجل فهل كنا ذهبنا إلى غزوهم؟ بالطبع لا . لقد غزونا العراق من أجل النفط” .
في الوقت الذي أصبحت الولايات المتحدة تستورد ثلثي حاجتها من النفط وحقولها واحتياطيها النفطي في نضوب، كان العراق يمتلك احتياطاً مبدئياً يقدر ب115 مليار برميل من 20 حقلاً منتجاً، ولكن بالعراق 80 حقلاً . وحسب التقديرات فإن الحقول ال 60 الباقية تحتوي على 200 مليار برميل إضافي ما سيجعل العراق مالك أكبر احتياط نفطي في العالم .
وفي الوقت الذي ارتفعت كلفة الإنتاج في الحقول البحرية الأمريكية ما بين 60-70 دولاراً للبرميل فإن كلفة الإنتاج في العراق هي مازالت بين دولار واحد إلى دولارين!
- ولعل حقلاً نفطياً واحداً هو “حقل مجنون” يمتلك احتياطياً نفطياً يوازي كل احتياطي الولايات المتحدة النفطي والبالغ حوالي 20 مليار برميل فقط والذي يكاد لا يعني شيئاً لأنه سينضب خلال سنوات قليلة حيث إن الولايات المتحدة تستهلك حوالي 20 مليون برميل/ يومياً من النفط .
هل ستنسحب الولايات المتحدة من العراق
- يبدو أن التاريخ يوحي بعكس ذلك . الولايات المتحدة ما زالت تقيم في “مدن” عسكرية في اليابان وألمانيا بعد أكثر من 65 سنة من انتهاء الحرب العالمية الثانية . وكذلك قس على أي مكان ذهبت إليه مثل كوريا، فالولايات المتحدة لا تنسحب طوعاً إلاّ كرهاً كما في فيتنام .
- لكن الولايات المتحدة ستنسحب إلى قواعدها التي أنشأتها في العراق وبعضها بحجم المدن، فهي ليست مهتمة بإدارة الشؤون اليومية للعراق حيث ستترك ذلك “لحلفائها” الذين أتوا إلى العراق على ظهر دباباتها .
- وكما أسلفنا فهي تمشى على خطى مستشارها الامبريالي، بريطانيا . وهذا ما قاله Lord Curzon في سياسة بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى بالطريقة الأفضل لإدارة الدول والدويلات ما بعد سايكس بيكو كما جاء في كتاب Kevin Philipps:
“لعل منطق التعاطي الأمريكي مع دول النفط التابعة لسيطرتها هو منطقLord Curzon بأن الطريقة المثلى هي ايجاد واجهة عربية تدار من بريطانيا بواسطة أحد أتباع محمد، وبمساعدة إداريين عرب كلما أمكن” .
إذن العراق اليوم له “واجهة عربية”، يدار من “أحد أتباع محمد” ولديه إداريون عرب . وقواعد أمريكية بحجم المدن، وديمقراطية جاءت على أجساد الملايين من العراقيين وعلى رؤوس صواريخ كروز . . هي ديمقراطية، حسب الكاتبة الهندية Arunhati منتوج سريع الذوبان، يستحق من أجله موت مئات الألوف ليتذوقوا طعم هذا المنتوج الجديد: اشتر واحداً منه وخذ اثنيين بالمجان!
اقتصاد المقامرة أزمة نظام
كما أسلفنا فإن حجم المشتقات التي اسميت أيضاً بالأصول السامة Poisoned Assets من الحكومة الأمريكية نفسها قد بلغت حوالي 650 تريليون دولار . . رقم خرافي حينما نعلم أنه حوالي 50 مرة أكبر من حجم الاقتصاد الأمريكي السنوي . كذلك كانت هناك 6 .42 تريليون من سندات SWAPS علماً أن مجموع قيمة الشركات في سوق الأسهم الأمريكية هو آنذاك 5 .18 تريليون دولار .
ولقد خفضت البنوك شروط الاقتراض إلى درجة أنها كان تقرض من ليس له دخل ولا وظيفة ولا أصول (NINJI) وتم اختراع ما أسموه subprime mortgages أي الرهونات الضعيفة التي قاموا بدورهم بضمها إلى المشتقات كما أسلفنا .
كان النظام الاقتصادي المقامر الجديد يتطفل على الاقتصاد المنتج بواسطة مضاربات جعلت من الاقتصاد كازينو مقامرة . نتج عن تلك الممارسات الأزمة بعد الأزمة بدءاً بأزمات أمريكا اللاتينية بداية سنوات الثمانينات . في أواخر الثمانينات اضطرت الحكومة الفيدرالية للتدخل لمساعدة 650 بنكاً، لم تجد تلك المساعدة سوى أنها ساعدت المدخرين على سحب ودائعهم قبل انهيار تلك البنوك . كان هناك أيضاً انهيار بورصة الأسهم الأمريكية بواقع 30% من قيمتها في ساعات، وتبع ذلك انهيار بنوك الادخار ما كلّف دافعي الضرائب الأمريكي 250 مليار دولار لإنقاذها . كما أدت المضاربات إلى انهيار العملة المكسيكية في منتصف التسعينات، تلتها أزمة جنوب شرق آسيا، وكل ذلك نتيجة مضاربة قلّة من مضاربي العملات والأسهم في أسواق تلك البلدان تحت طائلة العولمة ما أدى إلى انهيار LTCM والذي اضطر البنك المركزي الأمريكي للتدخل لمنع انهيار شامل للنظام المالي . كما تم انهيار سوق نازداك سنة 000_B وإفلاس العديد من الشركات نتيجة انهيار فقاعة التسعينات والتي أرادت إدارة بوش بمعالجتها عن طريق فقاعة أكبر أوصلت الاقتصاد الأمريكي والعالمي إلى ما هو عليه منذ سنة 2008 .
هل الأمور ستحسن؟
لعل إلبرت انشتاين قد أجاب عن هذا السؤال بقوله “إن المشاكل التي نجابهها اليوم لا يمكن حلها من العقول التي سببتها” .
لكن المشكلة أن تلك العقول المسببة للأزمة هي التي عهد إليها لحلها وكذلك حسب القول الشعبي: حاميها حراميها . . . كذلك فهولاء هم من يمتلكون الولايات المتحدة!
مقتبس بقلم وفاء عبد الكريم الزاغة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.