الوضع العالمي الجديد يلقي بظلاله بالضرورة على العديد من الانشطة البشرية والتي منها التغير في طبيعة النشاط الصناعي العالمي ونمطه حيث ينتقل الانتاج والتجارة والابتكار بين الانشطة والدول كما يؤدي التغير الفني السريع الى زيادة بعض الانشطة وتقليص اخرى وتقوم الاقتصادات وبدرجات متباينة باستغلال الفرص الناجمة عن التقنيات الجديدة حرية التجارة والموارد الانتاجية القابلة للانتقال ونتيجة لذلك اصبح الوضع الصناعي سريع التغير فالكثير من التغيرات توفر منافع ومزايا عديدة للدول النامية القادرة على التكيف السريع معها واستخدامها لتحقيق مصالحها الاقتصادية ولكن بالنسبة للدول غير القادرة على المواكبة تشكل التغيرات مخاطر التهميش والعزل ويكمن جوهر التحديات الجديدة حاليا لكافة الدول وفي كافة مستويات التنمية في قدرة المشروعات الصناعية على الاستمرار والمنافسة على المستوى الدولي. ان بناء القدرات الصناعية يحتم على الدول اكتساب المعرفة والمهارات والممارسات الخاصة بالشركات من خلال عملية تعليمية مستمرة وقد تكون هذه العملية بطيئة وصعبة ومطولة وقد تنطوي ايضا على قدر كبير من التكلفة والمخاطر وعدم التيقن وذلك حسب اختلاف الدول ومستوى التقنية، فإذا فشلت الدول في بناء القدرات التنافسية اللازمة للصناعة، فسوف تظل في صفوف المتفرجين في سوق التقنية والاقتناع فقط بالفتات - بالأنشطة الصناعية البسطة التي لا تحقق النمو والتنويع المستدامين. وتحدث تنمية القدرات بصورة أساسية في المؤسسات وتعتمد إلى حد كبير على البيئة التي تعمل فيها هذه المؤسسات، وللاستجابة لمؤشرات السوق والسياسات والتقنية، تكون المؤسسات أكثر حساسية للتغيرات الاقتصادية الكلية، توقعات النمو، وتأمين وحماية حقوقها المادية والفكرية، انها في حاجة الى مدخلات متنوعة من الشركات الأخرى والاسواق من اجل تنمية قدراتها وتعزيزها، وهذه المدخلات - التمويل، المهارات، المعدات، المعلومات، الدراية الفنية،.. الخ يجب ان تكون مواكبة للتغيرات الفنية والمنافسة المتزايدة لذلك تعد البيئة اللازمة لبناء القدرات وتنميتها في غاية التعقيد ومن ثم فإن التحدي السياسي الذي يواجه الدول النامية هو تحسين النظم الموروثة بهدف تعزيز القدرات التنافسية. ان موقع المملكة من حيث الاداء الصناعي وترتيبها حسب مقياس اليونيدو سجل انخفاضا ملحوظا ينبغي التعامل معه من خلال استراتيجية التنمية المستدامة التي تحدث عملية تنويع فعالة خصوصا في الصناعات التي تتمتع فيها المملكة بميزات نسبية، وبعكس العديد من الدول النامية الأخرى، ليس بمقدور المملكة الاعتماد في تحقيق التنمية على عمالة منخفضة التكلفة، لذلك ينبغي ان تركز عملية التنويع على الصناعات المستندة إلى التقنية وسوف يتطلب ذلك، تعزيز القدرات والمهارات الإدارية والتقنية وروابط قوية مع الشركاء الأجانب بهدف تشجيع الاستثمار وتحفيز الأسواق وتطوير التقنية بالإضافة الى عملية تعلم الأساليب الادارية الحديثة. ونشير هنا الى برنامج التعاون الفني بين اليونيدو ووزارة الصناعة والكهرباء حيث سيساعد هذا البرنامج الجهات الحكومية على صياغة السياسات واعداد خطة عمل لزيادة مشاركة القطاع الخاص في تعزيز القدرات التنافسية والتنويع الصناعي وسوف يتضمن هذا البرنامج رؤية للقطاع الصناعي حتى عام 2020م مع التركيز على الصناعات التي يمكن تطويرها من قبل القطاع الخاص في اطار المميزات النسبية للمملكة، كما سيتضمن تحديد اجراءات السياسات المطلوبة لتطوير القدرات التقنية والادارية والتسويقية والمعلوماتية اللازمة لتعزيز القدرة التنافسية والانتاجية. وسوف يشكل هذا البرنامج الأساس لتنظيم شبكة لا مركزية للخدمات المساندة بهدف مساعدة الشركات والصناعات على المنافسة والابتكار ويهدف هذا البرنامج الى المساهمة في تنظيم هذه الشبكة. مدير الابحاث الاستراتيجية والاقتصادية (يونيدو) فينا النمسا