رأى أكثر من معلق عسكري اسرائيلي امس ان المعركة للسيطرة على بغداد هي التي ستحسم الحرب، فكتب زئيف شيف في (هآرتس): المرحلة الاولى للحرب على العراق توشك على الانتهاء هذا الاسبوع، مع وصول قوات التحالف الى بغداد ومحاصرتها. المرحلة الثانية هي الاعقد والاصعب، والتي قد لا تبدأ فورا. فاتخاذ القرار بشأن كيفية مواصلة القتال داخل الاماكن المأهولة هو الأكثر صعوبة من النواحي العسكرية، والسياسية والاخلاقية، وقد ترافقه خسائر كبيرة بين المدنيين والمقاتلين. في مقابل الحصار الذي يعتبر بمثابة المرحلة الثانية للمعركة، على الامريكيين ان يقرروا ماذا عليهم ان يفعلوا بفرقتي الحرس الجمهوري اللتين اصيبتا جزئيا ولكنهما ما زالتا تنتشران خارج بغداد. فالضربات الامريكية لحقت بصورة خاصة بالعتاد العسكري للفرقتين، وبالدبابات، والمدافع والمضادات الجوية والمركبات. وعلينا الآن ان ننتظر لنرى كيف ستؤثر هذه الخسائر في معنويات الفرق الاخرى للحرس الجمهوري والجيش كله. هل بالامكان الحؤول دون حدوث قتال داخل المدينة الكبيرة التي يعيش فيها ملايين الناس؟ هناك احتمال واحد من شأنه تجنب القتال داخل بغداد، هو ان تنجح قوات التحالف في ضرب صدام والقريبين منه. ومثل هذا الامكان سيوفر الفرصة لانهاء الحرب كلها. الامكان الآخر هو ان تقوم مجموعة من الضباط العراقيين والقوات الأخرى في هذه المرحلة بالتفاوض بمعزل عن صدام حسين للتوصل الى تسوية يتم بواسطتها انتقال السلطة اليهم. صدام طبعا مستعد لمثل هذا التطور، وسيفعل كل ما في استطاعته لمنع حدوثه. ويتوقع ان يحظى بتأييد انصاره بمن فيهم أبناء بلدته تكريت الذين يتولون مناصب حساسة في الجيش والحكومة والحزب. ان كل محاولة من هذا النوع ستؤدي الى سفك الدماء، لذا فان اي مجموعة لن تتمرد وتخاطر اذا لم تكن لديها قاعدة قوية، بما في ذلك الفرق العسكرية المدربة. واضاف: ان كل جيش رصين يعرف ان القتال داخل الاماكن المأهولة هو الاصعب ويؤدي الى خسائر كبيرة. فالمدافعون يتمتعون بتفوق في مواجهة القوات المهاجمة المكشوفة في اثناء تقدمها. والقاعدة هي اذا كان بالامكان تجنب المعارك الكبيرة داخل المدن، فمن الافضل القيام بذلك. فعندما رأى الجيش الروسي انه لا مفر من دخول غروزني، كانت النتيجة تدميرا كبيرا للمدينة وقتالا مستمرا، مع خسائر كبيرة بين المدنيين وسفك كبير للدماء. لهذا السبب، من المتوقع قبل اتخاذ القرار الصعب في قيادة الجيش الامريكي ان يبذل الامريكيون خلال الاعداد للمعركة على بغداد كل ما في وسعهم لخوض حرب نفسية عنيفة. وسيحاولون منع رجال صدام من مشاهدة التليفزيون المحلي والاستماع الى الاذاعة، او عقد مؤتمرات صحافية بصورة حرة. يتحدث صدام حسين ومؤيدوه عن تحويل بغداد ستالينغراد جديدة. الامريكيون طبعا لا يرغبون في ذلك، ولا يريدون ان يصلوا الى ما سبق ان قام به حاكم عربي آخر هو حافظ الاسد في مدينة حماه عام 1981 عندما دمرها بالمدافع المباشرة، وقتل أكثر من عشرة آلاف شخص (وهناك تقديرات تقول ان عدد القتلى بلغ 20 الفا) جميعهم من السوريين لأنهم تمردوا على حكمه. وليس الحل ايضا يشبه ما فعله الروس في نهاية الحرب العالمية الثانية لبرلين عندما دكوها بمليوني قذيفة، وقتلوا أعدادا ضخمة من سكانها من اجل الوصول الى ملجأ هتلر. أشياء كثيرة الآن ليست مرتبطة بالقوة العسكرية الامريكية، ولا بالتكنولوجيا المتقدمة التي لديهم، وانما بالقدرة السياسية والعملانية. عن جريدة النهار اللبنانية