أقيمت بمتحف طه حسين بالقاهرة ندوة حول العدوان الامريكي على العراق، حيث اكد المفكر الدكتور جلال امين الاستاذ بالجامعة الامريكيةبالقاهرة ان اللهجة الشائعة في وسائل الاعلام الان هي لهجة الشجب، لكننا محتاجون للفهم، فما يحدث جديد ولم تتشكل صورته بعد، فهناك اناس لديهم خطط كاملة، ونحن نحاول ان نكتشف يوماً بعد يوم ما هي الخطة، نحن نعيش عصراً امريكياً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد ورثت الاستعمار الانجليزي والفرنسي، وما تقوم به الولاياتالمتحدةالامريكية هجمة استعمارية جديدة، ولم تبدأ هذه الهجمة بالهجوم على افغانستان او العراق، وانما منذ احداث 11 سبتمبر 2001، وكلما يمر الوقت نكتشف اهمية هذا الحادث، فلا اعتقد انه وقع مصادفة او انه من صنع العرب او المسلمين. والهجمة الاستعمارية الامريكية الجديدة فيها كل اهداف الهجمات الاستعمارية، من استغلال الموارد الاقتصادية وايجاد اسواق جديدة والاستئثار بها دون أي قوى اخرى، ولا بد ان تقترن الهجمة الاستعمارية بكلام انشائي لا علاقة له بالحقيقة مثل: ضرب الديكتاتورية، او الدفاع عن حقوق الانسان، او حتى النهوض بالعرب، فالهجمات الاستعمارية القديمة اشاعت انها قامت لحماية الاقليات ونشر الديمقراطية. واوضح د. امين ان الدهشة والاستغراب في وسائل الاعلام العربية والغربية دهشة غير طبيعية، لانه عندما يجد الجد لا تأبه الدولة الاستعمارية بمشاعر الناس، والدولة الاستعمارية لا تحترم القانون الدولي حينما لا يكون في مصلحتها، والقانون الدولي كان دائماً غطاء للمصالح، وتاريخ الاستعمار كله فيه كيل بمكيالين، وتاريخ الاستعمار كله فيه هذه المواقف. واكد د. جلال امين ان الخطاب الانشائي المستخدم الان يتسم بدرجة من الانحطاط غير معقولة، حيث يستخدم مقولات مثل: محور الشر والعدل المطلق وهجمة الحرية للعراق او القضاء على الارهاب. واذا تساءلنا ما الارهاب؟ سنجد انه مثل "بعبع" صنعوه، وليس له مكان او جنس او تعريف. فهم يريدون بن لادن روحاً طائرة من مكان إلى مكان حسب المكان الذي يريدون ان يضربوه، وقد ثبت انه لا توجد علاقة بين العراق والقاعدة. واشار د. جلال امين إلى ان وسائل الاعلام الحديثة تخاطب جماهير غفيرة مستوى تعليمها بسيط ومستواها الادراكي منخفض، ويمكنك من خلال الاعلام تكرار نفس المقولة عدة مرات في اليوم، وهذا التكرار فعال، ويجعل مستوى الخطاب منحطاً، وهناك كتب فيها مقولات لبوش لا يمكن ان يقولها الا شخص متخلف عقلياً. واوضح د. امين اننا نعيش المرحلة الثالثة من مراحل سيطرة القوى العظمى في العصر الحديث، فالمرحلة الاولى كانت مرحلة الاستعمار العسكري، والمرحلة الثانية سيطرة الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدةالامريكية، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي هناك الان لاعبون جدد، فأوروبا سادت نحو الوحدة واصبحت تنافس امريكا منافسة حقيقية في الاقتصاد، ونقطة ضعفها ان قوتها العسكرية لا تضاهي قوة امريكا، واليابان قوة اقتصادية لكن نقطة ضعفها انه ليس لديها جيش على الاطلاق، والصين قوة اقتصادية وتشكل خطراً حقيقياً، ودول جنوب شرق اسيا بعد خروجها من الازمة اصبحت تشكل خطراً حقيقياً. وامام كل هذه المخاطر لم يكن امام الولاياتالمتحدةالامريكية الا السيطرة على منابع البترول في العالم، لضمان القوة الاقتصادية، واول شيء فعلته امريكا بعد احداث 11 سبتمبر انها بعثت قواتها لاحتلال ابار البترول في وسط اسيا على حدود روسيا واقامت اتفاقيات مع هذه الدول الصغيرة، وباحتلال الولاياتالمتحدة للعراق تكون قد وضعت يدها على كل منابع البترول الاساسية في العالم. وكل الاطراف الاخرى يجب ان تعيد حساباتها، ولا بد ان هناك حرباً باردة جديدة، وهناك احتمال انه بعد سيطرة امريكا وانجلترا على العراق ان تعطي بعض المنح لارضاء الدول الاخرى واسكاتها، فستكون هناك سايكس بيكو جديدة ليس من خلال الاستعمار العسكري وانما من خلال توزيع مناطق الاستثمار والاسواق في دول المنطقة. ولا بد من ارضاء تركيا بشيء، ويجب ان تكافأ اسرائيل على ما قدمته من خدمات لامريكا خلال الخمسين سنة الماضية. وطالب د. وليد قزيها العرب بامتلاك عنصر القوة والردع، ففي غياب الردع ليس مستغرباً ان ينطلق الاسرائيليون في فلسطين، وان يقوم الامريكان بضرب العراق، ويتبعها سوريا وايران وهكذا الدور يلف على الجميع.