من أكثر الأشياء التي نفعلها الانتظار، وأيضا كل شيء في هذه الحياة يتوقف على عامل الزمن أي الانتظار، وكل النتائج منتظرة، وكثير من أحلامنا يتعلق بالانتظار لتحقيقها، وكثير من همومنا تنتظر الفرج بفضل الله. تأملوا معي أحوال وصور الانتظار لدى المواطن هنا .. بلا ترتيب. تبدو تجاعيد الانتظار وقد غزت كل ملامح المفردات، وافترشت كل الوجوه. دقائق ذائبة، أم ساعات منصهرة قد لا تعرف فيها «أنت أو هو» الراحة، لنسأل أحدهم يوما: «كم من عمرك انتظرت؟» سؤال شهي، وسنجد اجابات لذيذة، وسيتفق الجميع على أن الانتظار يزهق الأعمارانتظار راتبه أخر الشهر، ليصرفه في أول الشهر التالي، وبعد انتظار فرصة لكي يتزوج وانتظار الفتاة فرصها من الزواج. هو في حالة انتظار مسكن له يبين فيه أحلامه الخاصة بتملك دار دافئة يستقر فيها هو وأسرته، أو انتظار قرض يمتد لنصف عمره، وبعد ان يفوته الفوت من العمر والقوة يأتي من ينبئه بقرض لا يقدم ولا يؤخر شيئا. انتظاره .. انتظارها، قبول .. ونتائج، اختبارات .. ومواعيد في مراحل التعليم، ثم انتظار تعيين في وظائف متناثرة متأرجحة بين الموجود والمفقود، بين التعجيل للبعض والتعطيل للبعض. وفي المطار لا يخلو من حالات الانتظار فتجد البعض لا يحلو له الوقوف الدائم بسيارته إلا في أماكن ممنوع الانتظار. وهناك من يأتي لينتظر رحلته في وقتها فلا يجد .. يقفز بعض الفوضويين ليبحثوا عن أسماء لهم تلصق في قائمة الانتظار على الرحلة. أما «الطوابير» فهي رمز الانتظار الحقيقي للمواطن الذي يراجع دائرة، أو جهة، أو مصرفا، أو حتى مخبزا ومطعما أو ينتظر موعدا في مستشفى، وتستغرب كيف يسبح البعض في جهله ويسميه فكر»الذيابة» مع أنه فكر «الذبابة» حين يريد ان يتخلص أو يقفز فوق تلك الطوابير ، أو يستخدم «مسارات تحت الطاولة» ونظرية «تعرف أحد». وحالة غريبة من الانتظار هي نمطية، وهي حالة انتظار صدور قرارات رسمية تجاه أمور يرجوها البعض ويتمنى ويتوهم أنها تتضمن حلولا لمشكلاته. فبعضهم لا يفوت يوم «الاثنين» ويتناقل أقل خبر عن قرار تائه مصبوغ بالشائعة فلا ناقل موثوق، ولا مصدر صدوق. وتأملوا ذاك الذي يفغر فاه ينتظر مؤشر الأسهم ليرتفع، ثم يتبرم فلا ينتظر إذا انخفض، وأولئك هوامير العقار الذين أجدهم أقوى الناس انتظارا. كم انتظروا من عمرهم حين اشتروا أرضا خاما ووضعوا كم خط وممر و «بترة» ثم باعوها بأغلى الأثمان وأبخس المشاعر. وذاك الذي ينتظر متأزما عند بوابة قصر للأفراح لتخرج أمه، أوأخته، أوزوجته من حفلة صاخبة ودسمة بالتكلف ومنزوعة من الاعتدال، فتخرج على بواكير الصباح تمتلئ جعبة لسانها بكثير من المشاهد والتفاصيل لترويها لمن «ينتظرها بشغف» ان تصف لها ما شاهدته. ختام القول: تبدو تجاعيد الانتظار وقد غزت كل ملامح المفردات، وافترشت كل الوجوه، دقائق ذائبة، أم ساعات منصهرة قد لا تعرف فيها «أنت أو هو» الراحة، لنسأل أحدهم يوما: «كم من عمرك انتظرت ؟» سؤال شهي، وسنجد إجابات لذيذة، وسيتفق الجميع على أن الانتظار يزهق الأعمار. تويتر @aziz_alyousef