خاطبت عينا الطفلة العراقية دلال البالغة من العمر ثلاثة أعوام عيني والدها احمد، تشتكي له ألما في قدمها اليسرى التي بترت في البصرة نتيجة قذيفة حربية. ولم يجد والدها جوابا سوى الدموع. وحاول الوالد احمد محمد، 35 عاما، الرد بكلمات حانية لم يكن تجميع حروفها كافيا لشرح ما بها، وأنها لن تستعيد قدمها التي بترت لانقاذ حياتها. وبخطى ثقيلة محملة بكل معاني البؤس والفقر، خرج احمد محمد من مركز أم قصر الصحي يحمل طفلته بعد أن جدد لها ضماداتها، وعكف عائدا الى منزله القريب من المركز كي يتقبل العزاء في اخته، 13 عاما، التي قضت في نفس الحادثة. وبنبرة تخنقها العبرات، قال احمد انه قدم من البصرة قبل ثلاثة أيام فقط، هربا بابنته الوحيدة المصابة وبعض أقاربه، نتيجة تعرض منزلهم إلى قصف دمر بشكل كبير المنزل واتى على كثير من الممتلكات. ان ما في العراق من جروح تدمي القلب وتدمع العين حزنا على ما بالسكان خاصة من هم في المناطق الجنوبية من البلاد، من فقر وفاقة خلفتها عشرات السنين من الحروب والتفرقة التي خلقها حزب البعث ضد الطائفة الشيعية التي تتمركز في الأجزاء الجنوبية من البلاد. وليست دلال الا نموذجا ساخنا من الحالات المحزنة في العراق. وفي أم قصر، تجمهر في المكان الواقع في قلب المدينة، فئات عدة أطفالا وشيبا ورجالا ونساء، يبحثون عن الماء الصالح للشرب، مرحبين بقدوم 12 شاحنة محملة بالمساعدات الطبية الكويتية ونحو ثماني سيارات إسعاف قدمت خدماتها الطبية للمحتاجين. ولم يعكر صفو تلك المهمة سوى تزاحم الجماهير ومطالبهم اللحوحة جدا، في الحصول على المياه، وقطعت تلك المطالبات من الجمهور الباحث عن الماء، أصوات مهندسين بدا أنهم معنيون بمشكلة المياه. شكا هؤلاء البالغون من حالات سرقة للمولدات الكهربائية التي كانت تستخرج المياه من الآبار، كما غلب على حديث الجميع البحث عن جواب لسؤال مُلح: أين المياه؟