لايزال النضج في تصور الكثيرين مرتبطا بالمرحلة العمرية.. لاشك في ان هذا نصف الحقيقة.. النضج مزيج من المعرفة مع الخبرة اضافة للقدرة على البيان والبذل بغض النظر عن السن.. النضج عقبة نفسية يضعها المرء في طريق ابداعه.. اما من ذاته التي ستزداد ضعفا على ضعف.. او من تهويل وتضخيم الآخرين نتيجة الاعتقاد السائد في شأن النضج السني على حساب النضج الفكري الغائب عن الساحة التربوية. مرحلة الطفولة والبلوغ في زمننا هذا اخذا حيزا مبالغ فيه على حساب الشباب والرجولة والكهولة.. وهذا نتيجة التأثر بتربويات العالم الاول المصدر الوحيد لثقافات المستقبل لدى الكثيرين من العالم الثاني والثالث.. ولكن عودا الى اصول التربية الاسلامية نجد ان مستوى النضج لدى الغلمان اكبر منه لدى كثير من رجال زماننا.. فما السبب؟ الجواب على هذا من ابسط البديهات التربوية.. ففي صدر الاسلام نزولا الى قرون قليلة تأخذ مرحلة الطفولة حقها ممتزجة بمظاهر الرجولة وعوامل التعزيز النفسي.. الذي تفتقر اليه التربية الآن حتى على مستوى المؤسسات التعليمية. وخير دليل ملموس وواقعي يقضي على نظريات فلان او علان مستوى النضج لدى ما يسمون بشباب الصحابة وواقع الحال انهم اطفال الصحابة كوصف قد ينطبق على كثيرين منهم رضوان الله عليهم اجمعين.. اسامة ابن زيد وفي سن السادسة عشرة ولم يتجاوز العشرين بعد يقود جيشا فيه كبار الصحابة.. قد يكون بمستوى جنرال او نحو من ذلك في هذا العصر الا انه لبروز دور النضج الفكري لدى هذا الشاب الصغير تقلد هذا المنصب الاستراتيجي في دولة محمد بن عبدالله رسول رب الكون الى العالمين.. وهو درس تربوي نبوي يجب الا يغفل في واقعنا المر والذي اخذ اطفالنا يبلغون فيه عقودا دون نضج فكري واضح. اذا.. ابدع.. قدم فكرك وتجاربك للآخرين طور ذاتك وقدراتك.. ليس من الضروري النضج العام الشامل فقد ينضج المرء في جانب دون آخر وهذا قسم الله لك دون توقف عن طلب مالم تنله بعد، فبذل الاسباب ضرورة للنضج فهو امر مكتسب لايتم الا بالطلب.. ابناؤنا رجال المستقبل كلمة اكبر من مناهجنا التربوية والوصول لها يبدأ بك انت قبل ابنك.. وحضارة الاسلام تزخر بنماذج يمكن الاحتذاء بها في حال طرح عوائق الزمن واختلاف المرحلة الحضارية.. اظهر نتاج نضجك وتقبل النقد... قبل ذلك اجعل الناس يثقون فيك من خلال هذه المعادلة. الصدق والمعرفة يثقون الثقة. ولا يتم النضج دون عوامل.. النقد.. الاستشارة.. متابعة اعمال الغير.. قرر ان تكون ناضجا وستكون وسيشعر الآخرون بنضجك وهذا لن يكون الا باظهار نتاجك الذي سيتطور مع الزمن لتكون نابغة وليس ناضجا فحسب.