مراحل عمر الإنسان "الطفولة-الشباب-الكهولة-الشيخوخة" تأتي متتابعة..وكل مرحلة تعتمد على سابقتها استكمالاً لما مضى وليست منفصلة بذاتها ولا مستقلة بأحداثها نتيجة لما يكتسبه الإنسان من خبرات وما يمر به من تجارب متنوعة..وكلما كانت تلك المراحل صعبة..ومليئة بأحداثها وتحدياتها..ومتنوعة بخبراتها أمكن للإنسان مواجهة الحياة بكل صلابة وقوة. لكن تبقى مرحلة الشباب متميزة ومتفردة عن كل المراحل العمرية ففيها يحس الفرد بأول لحظة للانطلاق في الحياة.. والانعتاق التدريجي من سلطة الأسرة وتكوين شخصية مستقلة..والانفتاح على الدنيا..وتكوين العلاقات مع الآخرين..الربع أو الرفاق أو الأصدقاء أو الشلة.وأبرز ما في هذه المرحلة والتي توصف بالفترة الذهبية اكتمال النمو والنضج الفكري وتكامل النمو الجسمي. باختصار هذه المرحلة تعد بحق أزهى وأجمل وأقوى مراحل العمر في حياة الإنسان.. من تجاوزها إلى ما بعدها "سن الكهولة أو الشيخوخة" لم يبارحها عيشاً على ذكراها..وتلذذاً بأيامها ولياليها.. مرحلة يعيش فيها الإنسان حراً طليقاً من المسؤوليات.. والمشاغل والارتباطات ..يحيا ويستمتع بأحداثها وتقلباتها.. إنها المرحلة التي لا تنسى في عمر الإنسان. في اللغة يقال "شب" أي اشتعل فالشباب مرحلة الاشتعال والحيوية والنشاط..والحل والترحال..والمرح.. والسهر..والحركات والصحة والفتوة..والتهور والهوج.. و"الطهبلة".. شباب هذه الأيام يختلفون كثيرا عن شباب الماضي حينما تقترب منهم وتناقشهم وتتعرف على طبيعة حياتهم تجد أنك قد أدلفت إلى عالم آخر وسط هذا العالم الكبير..فالشباب لهم لغتهم وإشاراتهم ومصطلحاتهم الخاصة وخذ على سبيل المثال: كلمة "قروشه" تدل على حالة القلق..و"سبك" يعني ذكاؤه ضعيف..و"دزها" يعني ابعد عن وجهي.. و"زكرته" تعني وناسه..و"هجولة" تفحيط ودوران..و"زاحف" مسوي فاهم و"كاي" الضحكة بصوت عال..وعند البنات بعض الكلمات تستخدم للدلالة على عكس المعنى مثل "نعم" تعني لا.. و"ممكن" استحالة. وعالم الشباب مليء بالمفارقات والعجائب..ولا تصاب بالدهشة عند ما يقابلك بعض الشباب وهم يركبون سيارة مطلية بألوان مختلفة..وعجلاتها تبدو وكأنها غير مألوفة..وبعض السيارات يتم تغييرها وتحويلها بالكامل إلى شكل آخر..وأماكن جلوسهم..وملاعبهم..وحتى ملابسهم..وقصات شعورهم وأشكالهم والتي قد لا تروق للكهول وكبار السن. ألم أقل لكم إنها مرحلة مختلفة يعيشها هؤلاء الشباب..لكنهم عندما يكبرون سيغيرون حياتهم بالكامل ولشكل آخر يواكب طبيعة المرحلة القادمة..أما الآباء والأمهات وكبار السن فما عليهم سوى ترك الشباب ليعيشوا هذه الحياة دون نقد لغتهم أو أنواع ملابسهم..لكن عليهم القرب منهم ومصاحبتهم وتوجيههم بهدوء وفتح آفاق الحوار معهم..هذه مرحلتهم فلا نضيّق عليهم كثيرا وندعهم يستمتعون بكل المباحات..ونشاركهم بعضا من نشاطاتهم. دون تحفظ دعوهم يعيشوا مرحلتهم الذهبية ويفجروا كل طاقاتهم ويبرزوا كل مواهبهم قبل أن نتركهم مستقبلاً يتحسرون على ضياع هذه الأيام الذهبية الجميلة.