قال الملحّن خالد العليان إن الدراما السعودية تتعامل مع الموسيقى التصويرية بهامشية، ففي الوقت الذي غدت فيه الموسيقى صناعة في أوروبا وتعتبر أحد أبطال العمل، شأنها شأن النص والممثلين والإخراج، فإن القائمين على الدراما السعودية يهتمون بتفاصيل ثانوية كالمطعم أكثر مما يهتمون بالموسيقى. جاء ذلك في محاضرة بعنوان «الرؤية الموسيقية في الأعمال الفنيّة» ألقاها العليان مساء أمس الأول الاثنين بجمعية الثقافة والفنون فرع الدمام، الذي كرّم الفنان العليان وسط حضور جمع من الفنانين والمهتمين. وابتدأت الأمسية على عكس العادة بتكريم مدير الفرع السابق عيد الناصر، ومدير الفرع الجديد أحمد الملا للعليان وتقديم درع تذكارية وبورتريه لصورة الضيف عقب وصلة موسيقية قصيرة. وقال مقدّم الأمسية الفنان سلمان جهام بالعليان: الليلة نكرّم الإبداع، والمبدع العليان لا يزال في أوج إنتاجه، محطمين الفكرة السائدة بأنّ التكريم لا يأتي إلا متأخرا. وعرّف جهام بالعليان الذي لحّن عددا من أوبريتات الجنادرية وأطلق عليه «موسيقار الوطن»، وأشاد جهام بالتواضع الجم والشخصية الخجولة التي يمتاز بها العليان رغم ما قدّمه من ألحان لا حصر لها منها: «طاش ما طاش» و»أولاولاد قريّة»، و»سكتم بكتم»، متوقعا أن تجيب المحاضرة عن سؤال: متى تكون الموسيقى بطلاً في العمل الفني الدرامي ومتى تكون مقحمة فيه؟. وبدأ العليان محاضرته معرفا بالموسيقى وقال إنها روح وإحساس ولذلك يصعب التعبير عنها في محاضرة وهي عالم كبير كالبحر. مشكلة التعامل السطحي مع الموسيقى التصويرية لا تقتصر على المملكة، وإن كانت بشكل أكبر، إلا أنها موجودة حتى في مصر، حيث يتم تكرار الموسيقى في أكثر من مسلسل، وكأن هناك شحّا في الموسيقى ثم تحدّث عن الموسيقى التصويرية للأعمال الدرامية مشددا على أهميتها في العمل الدرامي، وذكر أن الموسيقى التصويرية هي صناعة قائمة بذاتها في أوروبا حيث يتعاملون معها كجزء من من العمل وكأحد أبطاله، بخلاف الوضع الراهن في المملكة، حيث يتمّ العناية بكلّ التفاصيل كالممثلين والموقع والديكور بل حتى المطعم والسائق ولكن يتمّ التعامل مع الموسيقى التصويرية بهامشية. وتمنى العليان على الملحنين السعوديين الدخول في عالم الموسيقى التصويرية لأنه «عالم جميل»، مبديا أسفه للصورة النمطية التي تقلل من شأن الملحن الذي «شارة» المسلسلات، وقال إنه كان يشار إليه بدونية كملحن شارة ومسلسل فوازير للأطفال، وبيّن أنّ الأطفال من أهمّ الشرائح التي يهتمّ بها الملحنون في أوروبا ومن أصعب الأمور. كما أبدى العليان أسفه من عدم منح الملحن الفرصة للاطلاع على المسلسل ومعايشته، ويكتفى بعرض فكرة مجملة عنه، كما قد يفرض عليه وضع صوت مع بعض أجزاء العمل بما لا يتوافق مع المشهد. وقال العليان إن مشكلة التعامل السطحي مع الموسيقى التصويرية لا تقتصر على المملكة، وإن كانت بشكل أكبر، إلا أنها موجودة حتى في مصر، حيث يتم تكرار الموسيقى في أكثر من مسلسل، وكأن هناك شحّا في الموسيقى، وأثنى على مستوى الموسيقى التصويرية للأعمال التركية حيث يتلازم التصاعد الموسيقي للحدث مع الموسيقى التصويرية وتبدو الموسيقى مفصلة خصيصا لهذا العمل. وشدد العليان على ما في البيئة السعودية بجميع مناطقها من ثراء وتنوع موسيقي آخذ في الانحسار والنسيان والاستبدال بموسيقى أخرى مستوردة، وذكر أنه سجل للتلفزيون 40 مقطوعة تحفظ تراث كل مناطق المملكة إلا أنه لا يعلم أين ذهبت بالرغم من محاولته الحصول عليها في وقت لاحق، داعيا هيئة الإذاعة والتلفزيون وهيئة السياحة إلى أرشفة وحفظ التراث الموسيقي للوطن لكيلا يضيع ويتم نسبته إلى دول أخرى، مبينا أن من المعيب أن يتم عرض عمل سياحي يعرّف بالأحساء مع موسيقى غربية في حين أن السائح الغربي مهتمّ بالتعرّف على معالم البلد المغايرة لثقافته لا على الموسيقى الغربية المألوفة لديه أساسا. وفي جانب من المداخلات قال عبدالمحسن الشبل إن العمل الفني الموسيقي لا يمكن أن ينهض على الهواة ويجب أن يقوم على محترفين، وعلّق العليان ملفتا إلى أهمية دعم الفنان دون السيطرة التامة عليه فالفنّ يحلّق في جو من الحرية معارضا أن يتحوّل الفن إلى وظيفة جامدة تقيد الإبداع. وشدد الفنان محمد السنان على عدم تحويل الفنان إلى موظف في الدولة لكي لا يكون هناك حجر على إبداعهم، وقال إنه تقدّم مع عدد من الفنانين بخطابات للوزير السابق إياد مدني والحالي الدكتور عبدالعزيز خوجة تطالب بتأسيس كيان يضم فناني المملكة، ولكنّ طلبهم تم تجاهله، ولم يأت أي ردّ عليه، داعيا إلى تجديد هذه المطالبة عبر الفيس بوك والتويتر.