كثر الحديث عن قيادة المرأة السيارة، وقد جاء كثير مما طرح بين مؤيد أو رافض، دون نقاش موضوعي منصف. معظمنا يعلم أن الموضوع يحمل بين طياته أمورا إيجابية أو سلبية، وفي نفس الوقت فإن معالجته وطرحه لها أيضا جوانب متفرقة ومتعددة. أعتقد أنه من الواجب عند الطرح أن نستعرض الايجابيات والسلبيات ونحاول أن نوازن بينهما بموضوعية وإنصاف ودون تمييز أو انحياز. نعلم جميعا أنه لا يوجد منزل إلا ويحتاج لسائق يكون من أهم مهامه ووظائفه إيصال الأطفال للمدارس، وفي نفس الوقت نعلم تباعد الأماكن والجهات بل وتعدد المشاوير من مدارس للأولاد إلى مدارس البنات إلى عمل الزوجة، للقيام بالأعباء الأخرى هذا جانب يظهر الحاجة البالغة للسائق والتي بات وجوده ماثلا في حياتنا اليومية، لذا يرى البعض انه لو قدر وفتح المجال للمرأة بأن تتولى شئون يومها وأطفالها لكان أفضل، لكن قد يرافق هذا السماح عدة سلبيات أيضا لا تخفى، ولعل من أهمها هدر اقتصاد الأسرة خاصة المتوسطة، حيث ان شراء سيارة للأب وللام والابن والابنة سيكون مكلفا جدا، وسيكون من جانب آخر عبئا كبيرا على الازدحام المروري الذي نعاني منه أصلا، والذي تحاول الدولة إيجاد حل له بأموال ضخمة كمشروع قطارات الشوارع الذي عرف بالاندركراون. أعتقد أن هذه الحلول، ورمي الموضوع على أولياء الأمور، سيخفف على صانع القرار الحرج والملامة، وبالتالي سيتخلص من رافض أو مطالب، علما بأن هذا الموضوع ليس محرما شرعا، حسب ما نقرأ من تصريحات لعدد من المشايخ الكراموفي حال السماح بقيادة المرأة السيارة أرى أن يكون هناك قيود على هذا الموضوع وتحفظ مبدئي من اجل أن تكون معالجته تدريجية، إذا كان الهدف من السماح حلا للمشكلة والقضاء على مشاكل السائقين وخلفياتهم لا من اجل الترف والرفاهية فيجب أن يتضمن الحل عدة أفكار منها: أولا: يسمح للعائلة بسيارة أو اثنتين حسب الحاجة لتلك الأسرة مثلما هو معمول به في نظام استقدام العاملين المنزليين، ثانيا: يكون الطلب لقيادة المرأة من ولي الأمر وهو بدوره يختار من يرى من أسرته صالحا لتلك القيادة سواء الزوجة أو الابنة. ثالثا: يكون مسئولا مسئولية تامة عن أي مخالفة يحررها المرور مهما بلغت، رابعا: تستثنى المرأة من الغرامة التي يترتب عليها توقيف وترفع قيمة المخالفة مضاعفة ويتحمل ولي الأمر ذلك وهو بدوره يعاقب من قام بهذه المخالفة من أسرته، خامسا: أما في حال أن تكون هذه المخالفة تدخل في نطاق الجريمة فالسجون توجد فيها حالات مثل هذه والعدالة تأخذ مجراها، أما السلبيات الكبيرة فكان يوجد بالماضي سيارة واحدة للعائلة فيتولى قيادتها الأب أو الأخ الأكبر أما اليوم فكما نرى كل ابن يصل ما فوق أربعة عشر عاما يبدأ يجاهد أسرته من أجل الحصول على سيارة، وهذا كما ذكرت يشكل عبئا اقتصاديا على الأسرة، علما بأنه سوف يحصل مع البنت مستقبلا جهاد أهلها للحصول على سيارة في وقت مبكر مما يجعل العبء مضاعفا اقتصاديا ومروريا. مع أنني اجزم بأنه سيأتي يوم من الأيام الذي تتخلى فيه البنت والابن عن سيارتهما ويستعملان النقل العام، لصعوبة وجود المواقف والازدحام المتعب والمرهق. المهم أن يكون تنظيم قوي في البداية ونرمي الموضوع على أولياء الأمور حسب رغبة كل ولي أمر مثلما حدث سابقا الاعتراض على تعليم الفتيات وقرار المغفور له الملك فيصل رحمه الله، عندما أمر بضرورة فتح مدارس للبنات وعلى الأب اختيار إلحاق ابنته للمدرسة أو لا، ومن اجل أن لا نصطدم بالخلفيات في حالة السماح المطلق في هذا الموضوع حتى يتقبل المجتمع تدريجيا هذا الأمر ويكون هناك استيعاب وتجربة ثم ممكن السماح به تدريجيا والتوسع به مستقبلا حسب ما يراه المسئولون والشرعيون بعد التجربة. أعتقد أن هذه الحلول ورمي الموضوع على أولياء الأمور سيخفف على صانع القرار الحرج والملامة، وبالتالي سيتخلص من رافض أو مطالب، علما بأن هذا الموضوع ليس محرما شرعا حسب ما نقرأ من تصريحات لعدد من المشايخ الكرام. أعتقد بأننا بهذا نكون أرضينا الجانبين الراغب وحمينا الجانب الذي لا يرغب وتركنا القرار بيد ولي الأمر حسب رغبته. ولا يفوتني أن أذكر أيضا أن بعض الأرامل هي العائل لأسرتها وهي التي تقوم بتوفير كل متطلبات الأسرة وإيصال أبنائها بنفسها في حال حصولها على رخصة قيادة، وسوف نخفف عنها عبئا كبيرا جدا خاصة أن بعض الأرامل دخلهن الشهري ضئيل جدا لا يمكنهن من التعاقد لاستقدام سائق خاص ولا انسى أن أذكر أن السماح بقيادة المرأة الآن وفي ظل تصحيح أوضاع العمالة في البلد سوف يكون ايجابيا جدا لأن تصحيح العمالة سوف يخلق صعوبة كبيرة جدا. ولكم أن تتصوروا الحال عند سفر السائق لإجازة أو نهائيا كيف يتوقف نبض الأسرة تماما لعدم وجود بديل سريع وهذا يجب أن يعالج من وزارة العمل لإيجاد شركات تزود الأسر في هذه الحالة بالعمالة المؤقتة وقد سبق أن طالبت بهذا الموضوع في مقالة سابقة قبل فترة من الزمن. ولا يفوتني في هذا المقال أن أؤكد أن السماح للمرأة بهذه الشروط حاليا ينعكس ايجابيا حتى على الموظفين في القطاع العام والخاص والتي يكثر خروجهم من العمل بحجة إيصال الأبناء أو إحضار بعض الحوائج لأسرهم حيث من سيقوم بهذا الموضوع المرأة.