موضوع قيادة المرأة للسيارة، يتجدد بين الفينة والأخرى، وفي كل مرة يثار فيها، يكون التوقيت له غير مناسب، أو يُشك في دوافع إثارته، وتدور أسئلة يتداولها المجتمع حول تلك الدوافع والجهات التي تقف وراءها. بداية أعلن أني من المؤيدين أن تنال المرأة حقها في المجتمع، ومنها أن تقود السيارة وهو أسلم وأضمن من أن تخرج في صحبة سائق أجنبي. ويَطمئن الزوج إلى أن زوجته هي التي تقوم بتوصيل أبنائه وبناته، والعودة بهم إلى المنزل كل يوم، لكن هل تتوقف حقوق المرأة أو تختصر في حق واحد أو مطلب واحد..وهو قيادتها للسيارة تحت أي ظرف؟. المرأة في مجتمعنا تعاني من مشكلات وأزمات اجتماعية خطيرة، يأتي في مقدمتها ما يمارس ضدها من عنف داخل الأسرة من الآباء والإخوان، أو من قبل الزوج، ثم هناك قضية الإعضال والتحرش واستغلال حقوقها المادية و المعنوية، كما أن كثيرا من حقوقها مهضومة لتعيش في مجتمعها وفي محيط أسرتها،بحرية وأمان، وفي ملفات حقوق الإنسان بفروع مناطق المملكة، كثير من القضايا، ولنا في حادثة التحرش الأخيرة التي حدثت في مجمع تجاري بالدمام لعدد من الفتيات، لنتأكد أن المرأة تعيش في مجتمع متخلف متناقض. أعود لقضية قيادة المرأة للسيارة، رأي المسؤولين في الدولة، أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله قبل سنوات، وهو أن القرار قرار المجتمع، خاصة أنه لا يُمنع شرعا قيادة المرأة للسيارة، والمنع فقط من باب دفع الذرائع، وفي أعقاب الثورات العربية أعلنت وزارة الداخلية على لسان الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-، أن قيادة المرأة للسيارة مرفوض، أما الذين يطالبون به فغرضهم استغلالها. وقبل عامين أعلن وزير الداخلية السابق الأمير أحمد بن عبدالعزيز أن قيادة المرأة للسيارة في المملكة ممنوع. لذلك نحن أمام تعليمات جديدة، وأي تجاوز لهذه التعليمات يكون خروجا عن طاعة ولي الأمر، ونحن نعلم أن المنع دافعه الأسباب الأمنية، فأي مطالب أو حقوق تأتي على حساب أمن وسلامة الوطن، تكون بهدف إحداث الفوضى وتهديد استقرار الوطن، عندها يكون مرفوضا تماما حتى من قبل المؤيدين لتلك الحقوق والمطالب. المجتمع منقسم بين مؤيد ومعارض لقيادة المرأة للسيارة وأنا من المؤيدين، كما قلت، في ظروف وحالات استثنائية. المؤيدون يتحججون بأنه سيتم الاستغناء عن السائق الأجنبي، وتحل مشكلة غير القادرين على دفع تكاليف استقدام سائق للعائلة، مع أن تكاليف سيارة أو سيارتين للزوجة والابنة، تكفي لاستقدام عشرة سائقين، ولن يتم الاستغناء عن السائقين والتجربة موجودة في الدول التي تقود فيها المرأة السيارة. وأعتقد أن نيل المرأة حق قيادة السيارة سيكون تدريجيا، والمعارضون يرون أنه لابد من أن نهيئ المجتمع لهذا التغيير، وعلينا أولا أن نخفف حدة الزحام في شوارع وطرق الرياضوجدة والدمام وغيرها من المدن، بتوفير وسائل المواصلات العامة كالمترو والقطارات، وإلا فإنه سيصبح في كل بيت مالا يقل عن خمس سيارات، وعندها سيزداد الطين بلة. سأعود لهذا الموضوع وفق تطوراته.