لا أحب وصف المرأة المتمردة ، ولكنني في حالة كوثر البشراوي وجدت تمرداً على انحدار النظرة القاصرة والمتخلفة للمرأة العاملة في حقل الإعلام ، فهي ترفض جملة وتفصيلاً تلك النظرة ، بل تستثير المجتمع عليها قائلة :- ( كيف نرضى أن نترك بيوتنا توجه من قبل مذيعة خالية المضمون من المعرفة والفهم ، لمجرد أنها جميلة أو أنها أتت بجمال من أحد صالونات التجميل ومن خلاله تمرر إلينا سطحيتها ؟! ) . شيء آخر تمردت عليه الأخت كوثر ، وهي صورة محطة " الجزيرة " في إنها واحة للتعبير عن الرأي والديمقراطية في العالم العربي ، في حين أنها ليست كذلك في اسلوب تعاملها مع موظفيها ( الأب الديمقراطي خارج البيت ولكنه ديكتاتور داخله ، ليس صادقاً مع نفسه ) . ثم هاجمت الأخت كوثر ، وبشدة ، في لقاء مع محطة " المستقبل " هيمنة الفكر التجاري في تقديم أجساد الشهداء في فلسطين ، والقضية الأفغانية والتنظيمات الدينية .. الخ ، كل ذلك من منظور تجاري يفتقر إلى الصدق ، كما تقول ، فليس مهماً معالجة جميع تلك الملفات ، بقدر ما هي مسألة تجارية ، وتشويق ، وتسويق ، بغير أدنى اهتمام بتحسين الوضع ، إن لم نقل علاجه . كما تناولت الأخت كوثر نظام الكفيل في دول الخليج وطالبت بوضع حد له ، ونحن نشاركها تلك المطالبة ، فلا يجوز أن يكون الانسان سلعة يملكها الكفيل ، مع ملاحظة أن الهدف الأساسي من نشوء هذا النظام هو الحد من تدفق العمالة وتهديد التركيبة السكانية ، وهو الأمر الذي لم يتحقق بالشكل المستهدف . في سويسرا لا يسمحون لشركة ترغب في إنجاز مشروع ضخم يتطلب عمالة كثيرة ببدء العمل حتى تنتهي مشاريع قائمة ويزداد عرض اليد العاملة في السوق كي تستفيد منه الشركة للمشروع القادم ، في محاولة للسيطرة على انفلات الهجرة ، وهو أمر تعاني منه دول الخليج وربما غيرها ، ففي العراق اثنين مليون غير عراقي ، ومثل ذلك في بقية الدول العربية من عمالة آسيوية وغيرها . أقول ، أن كوثر البشراوي ليست مذيعة ، ولكنها " إعلامية " ذات رسالة ، وأشاركها الرأي في عدم الانسحاب وترك هذا الميدان ، كما طالبها أحد المتصلين ، مادامت تملك كل هذه الطاقة والفكر السديد ، بإذن الله ، فإن الانسحاب لا يعني شيئاً سوى تفريغ الساحة للمتاجرة بالمرأة كوجه جامد وبالتسطيح كي يهيمن التسطيح على الشاشة الصغيرة .