اعتبرت كل الأطراف المعنية، تقريباً، بملف إقرار العراق بأسلحته النووية بأن الملف يحوي ثغرات الأمر الذي من شأنه أن يسمح لواشنطن بأن تمارس ضغوطاً في كل الاتجاهات لإرغام العراق إما بالإفصاح عن مزيد من المعلومات حول برامج التسليح أو بجعل الأمور أكثر يسراً لشن هجوم على العراق لإزاحة نظام صدام حسين الذي ترى واشنطن أنه لم يعد مقبولاً في المجتمع الدولي.وفي وقت يجول فيه المفتشون الدوليون الأراضي العراقية ويستعدون لاستجواب علماء عراقيين اتهمت الولاياتالمتحدة الخميس النظام العراقي بتسليم الأممالمتحدة اعلانا حول أسلحة الدمار الشامل يزخر بالاغفالات والنواقص والثغرات، وشددت من تهديدها بشن عمل عسكري ضد بغداد. واعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية أن العراق اغفل ذكر الكثير من العناصر المهمة في برامج التسلح التي يملكها بما فيها النووية في الإعلان الذي قدمه إلى مجلس الأمن الدولي وفيما يلي بعض أهم الملاحظات: @البرنامج النووي: بغداد لزمت الصمت حول محاولاتها الحصول على اليورانيوم من النيجر. @البرنامج البيولوجي: لم يذكر النظام العراقي 2160 كيلوجراما على الأقل من الزراعات المخبرية (مادة تسمح بإنتاج أجسام دقيقة) كافية لإنتاج 26 ألف لتر من عصية الجمرة الخبيثة (انثراكس) أي اكثر بثلاث مرات من الكمية المصرح بها في الإعلان. فقد ذكر العراق فقط 1200 لتر من سم البتيولية (البخص) و5500 لتر من الزخار العصوي للحملان اي 16 ضعف الكمية التي اعلنها العراق.. وكان مفتشو الأممالمتحدة قد حددوا المزارع البيولوجية أثناء عمليات التفتيش عام 1998. @ البرنامج الكيميائي: لم يعط العراق معلومات سبق للأمم المتحدة ان طالبت بها بشأن إنتاج مادة في اكس المتلفة للأعصاب وهي خطرة للغاية تأتي على شكل غاز أو سائل. ولا يقدم الإقرار ادلة مقنعة على ان 550 قذيفة مدفعية مملوءة بغاز الخردل و400 قذيقة جوية يمكن ملؤ ها بسلاح بيولوجي فقدت او دمرت. ولا يحدد الاقرار بصورة كافية مصير ما يقرب من 30 الفا من قطع الذخيرة الفارغة التي يمكن ملؤها بمركبات كيماوية. ولا يقدم الإقرار معلومات إضافية يوثق بها بخصوص إنتاج غاز الأعصاب (في اكس) كما طلبت لجنة التفتيش السابقة وكما طلب المفتشون الدوليون في عام 1999. @الصواريخ: بغداد ذكرت إنتاج وقود جديد يستخدم عادة لفئة من الصواريخ لا يسمح لها بإنتاجها والتي يتجاوز مداها 150 كيلومترا. ولا تصدق الولاياتالمتحدة ان (صاروخا ذا قطر أكبر) جرب العراق اطلاقه يندرج في فئة الصواريخ التي لا يزيد مداها على 150 كيلومترا وهو الحد الأقصى المسموح له به بموجب قرارات الاممالمتحدة. @الشحنات: لم توفر بغداد أدلة كافية على تدميرها أو فقدانها 550 قذيفة مدفعية محشوة بغاز الخردل فضلا عن 400 سلاح بيولوجي. ولم يذكر العراق بشكل دقيق حوالي ثلاثة آلاف قذيفة وذخائر أخرى فارغة يمكن حشوها بمواد كيميائية. @ينفي العراق أي صلة بين برامج لصنع طائرة تعمل دون طيار وبين نشر مركبات كيماوية او بيولوجية جوا. الا ان العراق اعترف في عام 1995 بان طائرة ميج 21 تعمل دون طيار اختبرها عام 1991 كان المقصود بها ان تحمل نظاما لنشر الأسلحة البيولوجية. @مختبرات بيولوجية نقالة: لم تعط بغداد اي معلومات حول هذه الوحدات البيولوجية النقالة واكتفت بالتحدث فقط عن عربات للتبريد ومختبرات لفحص المواد الغذائية. وقالت الوثيقة الامريكية وجود اي من هذه الثغرات والفجوات في اقرار العراق ليس مجرد صدفة او نيجة سهو او اخطاء فنية وانها حالات اغفال متعمد. بليكس والبرادعي وتحدث بذات اللهجة الأمريكية كل من كبير المفتشين الدوليين هانس بليكس والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي اللذان شككا في التزام بغداد بالكشف عن كل تفاصيل برامج أسلحتها وقدما في هذا الصدد ثلاثة أمثلة عما يبرهن - حسب قولهما - عدم التزام بغداد في الكشف عن برامجها فى مجال التسلح. وقال بليكس خلال مؤتمر صحافي عقده فى ختام اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي خذوا مثلا مرض الجمرة الخبيثة... وأوضح ان العراق كان أعلن سابقا انه انتج فقط حوالي 8500 لتر من محلول يحتوى الجمرة الخبيثة ولكن لا توجد أدلة كافية على عدم وجود اكثر من 8500 لتر 00 علينا ان نتساءل هل توجد كميات إضافية. وأضاف ان العراق اكد انه دمر كل شيء 00 مضيفا لا توجد أدلة كافية على انه دمر كل شىء. اما البرادعي فتطرق من جهته الى مسألة أنابيب الومنيوم التى يمكن ان تستعمل فى تخصيب اليورانيوم0000 وقال ان العراقيين تحدثوا خلال اجتماعاتنا فى بغداد عن جهود بذلوها لشراء انابيب الومنيوم. موضحا ألا شئ في التقرير يقدم تفاصيل عن هذه الجهود وان وكالته بحاجة الى المزيد من التفاصيل 0 وأضاف نعلم انه حصل أيضا إنتاج كمية كبيرة من العناصر الكيميائية المختلفة ولكن لا يوجد اى إثبات حول تدمير هذه العناصر. موقف القرار 1441 بعد نقاش داخلي طويل، قررت إدارة الرئيس الأمريكي جورش دبليو بوش اتهام بغداد بارتكاب انتهاك واضح للقرار 1441 الصادر عن مجلس الأمن حول نزع أسلحتها وهي عبارة من شأنها، قانونا، فتح الباب أمام عواقب وخيمة أو بكلام آخر نزاع مسلح. ويرى وارن باس من مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك ان الإدارة باستخدامها عبارة انتهاك واضح، إنما تزيد من مستوى الضغوط وتضع حدودا سيصعب عليها من الآن وصاعدا الابتعاد عنها. واشار وزير الخارجية الامريكي كولن باول الذي يقف وراء احياء دور الاممالمتحدة في هذا الملف ويعتبر من المعتدلين في وجه صقور الادارة الامريكية، الى ان واشنطن تريد الاستمرار في العمل في اطار المنظمة الدولية. لكنه شدد على ان النظام العراقي عبر هذا الاعلان المنقوص، يوفر الحجج لشن عمل عسكري ضده. وقال وزير الخارحية الأمريكي: ان هذا الإعلان لا يدفعنا باتجاه حل سلمي داعيا بغداد الى تغيير الاتجاه بشكل جذري خلال الأسابيع القليلة المقبلة والا تم نزع سلاحها بالقوة. وعدد باول لائحة طويلة اتت على شكل بيان اتهامي، شملت كل العناصر الناقصة في الاعلان العراقي من مخزونات الغاز المتلف للأعصاب الى أنابيب الالومنيوم التي يمكن استخدامها لصنع اليورانيوم المخصب. ودعا الى تشديد عمليات التفتيش التي يجريها الخبراء الدوليون مشددا خصوصا على ضرورة إخراج علماء من العراق قد تكون افاداتهم حاسمة. واعتبر عدة محللين، طبقاً لوكالة فرانس برس، ان التصريحات الأمريكية لا تشكل في الوقت الراهن اعلان حرب لكنها خطوة بهذا الاتجاه. ويرى سايمون سرفاتي من مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية كما كان متوقعا لم يقم صدام حسين بما كان مطلوبا منه ويبدو اننا نتجه حتما الى عمل عسكري في غضون أربعة الى ستة أسابيع وهو الوقت الضروري لإنجاز الاستعدادات العسكرية والتحالفات الدبلوماسية. وتعتبر ماري-جاين ديب الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في الجامعة الأمريكية ان التصريحات الأمريكية الخميس تندرج في إطار استراتيجية تجمع بين الضغوط والاستعدادات للحرب التي ترتكز على منطق يؤدي لا محالة الى الحرب، الا في حال حصول تبدل جذري وكامل من جانب بغداد او انقلاب يطيح بصدام حسين. باريس: لون رمادي تحدث وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دي فيلبان مساء الخميس عن أجزاء رمادية في تقرير الأسلحة العراقي الموجه للأمم المتحدة. تقديرات أولية علق سيرغى لافروف مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة على التحليل الاولي للتقرير العراقى حول سلاح الدمار الشامل بقوله: ان عمل المفتشين الدوليين فى العراق ما زال فى مرحلته الأولية اما ما قدموه الى مجلس الأمن الدولي فهو باعترافهم مجرد تقديرات أولية.