كشفت دراسة أكاديمية حديثة صادرة عن جامعة الكويت وجود علاقة بين درجة التدين ومستويات ضغط الدم لدى الافراد في المجتمع الكويتي. وأبرزت الدراسة التي أعدها أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في كلية العلوم الاجتماعية الدكتور يعقوب يوسف الكندري طبيعة العلاقة بين درجة تدين الشخص وتمسكه بالتعاليم الشرعية من ممارسة العبادات المختلفة وبين ضغط الدم. وتهدف الدراسة الى استعراض العلاقة الخاصة بضغط الدم وبعض السلوكيات والأتجاهات الدينية اذ اعتمدت على قياس درجة التدين عن طريق هذه السلوكيات والاتجاهات الفكرية نحو الدين وعلاقته بمرض من الامراض العصرية المزمنة والخطيرة في المجتمعات الحديثة والمتمثل في ضغط الدم. واجريت الدراسة التي قبلت للنشر في مجلة العلوم الاجتماعية البيولوجية التابعة لجامعة /كيمبردج/ في المملكة المتحدة على عينة حجمها 223 كويتيا من الجنسين ومن مختلف الشرائح الاجتماعية وتتراوح أعمارهم ما بين ال 18 و75 عاما من خلال استبانة أخذت في الاعتبار المقاييس الطبية والاجتماعية. وأوضحت الدراسة ان الضغوط الاجتماعية والنفسية التي تعتبر سمة من سمات المجتمع الحديث من خلال البحث عن الماديات وترك الجوانب الروحية تلعب دورا مهما في التأثير على معدلات ضغط الدم. وأثبتت أن الدين يعد من أحد أبرز الطرق العلاجية التي تخفف من حدة هذه الضغوط لما له من تأثير بارز على خلق الطمأنينة والسكينة في قلوب الناس ولما يحتويه من قيم أخلاقية جلية يستطيع من خلالها الفرد ان يتعامل بطرق سليمة وصحيحة مع الأخرين من جهة ومع المعطيات المادية من جهة اخرى. وأفادت الدراسة ان هناك علاقة عكسية بين درجة تدين الشخص وتمسكه بالتعاليم الشرعية من خلال ممارسته للعبادات المختلفة وبين ضغط الدم بمعنى انه كلما زادت درجة التدين وتمسك الفرد بممارسة العبادات قلت معدلات ضغط الدم لديه. وأضافت ان درجة التدين تلعب دورا أساسيا وعاملا مهما في التخفيف من الضغوط الاجتماعية والنفسية بما تفرضه الشريعة الاسلامية من سماحة وأخلاق لها الأثر الكبير في تهذيب النفس الانسانية ومواجهة صعوبات الحياة التي تنعكس على وضعه الصحي العام. وأوضحت ان هناك علاقة عكسية بين الالتزام والمحافظة على الصلوات في أوقاتها وبين ضغط الدم أي كلما التزم الفرد وحافظ على أداء صلواته في وقتها أنخفض معدل ضغط الدم الانقباضي والانبساطي كما توجد علاقة عكسية بين أداء الفروض في المسجد وضغط الدم بمعنى أن أداء الفروض في المسجد عند الرجال له التأثير بانخفاض الضغط الانقباضي والانبساطي. كما أشارت النتائج الى وجود علاقة عكسية بين معدلات ضغط الدم وقراءة القرآن الكريم أي أن قراءة القرآن بشكل مستمر وغير متقطع له الأثر الجيد على ضغط الدم كما ان هناك علاقة عكسية بين التردد على سماع القرآن والاعتياد على هذا السماع وبين ضغط الدم. وأضافت الدراسة أن هناك علاقة عكسية بين أداء صلاة الفجر في وقتها وبين ضغط الدم أي انه كلما حرص الفرد على صلاة الفجر في وقتها انخفض ضغط الدم. وبينت أن الصحبة والاصدقاء والانضمام الى جمعيات النفع العام الدينية أو الاجتماعية عامل مهم وذو علاقة بانخفاض معدلات ضغط الدم وذلك لما يتلقاه الفرد من دعم اجتماعي. وأضافت ان تردد الرجال على المسجد ارتبط بانخفاض معدلات ضغط الدم وذلك بحكم وجود جماعات داعمة تقدم الدعم الاجتماعي الذي له تأثيره في ضغط الدم. وأشارت الدراسة الى أن هناك فروق ذات دلالة احصائية بين الملتزمين دينيا وغير الملتزمين في معدلات ضغط الدم باتجاه الملتزمين أي ان الملتزم دينيا أفضل صحة ويتميز بانخفاض مستوى ضغط الدم. وتعطي هذه النتائج مؤشرا الى ماتلعبه الشريعة الاسلامية من أهمية كبرى في التأثير على الجوانب الصحية للفرد لما تخلقه من الطمأنينة والامن والسماحة التي تلعب كعوامل نفسية لها تأثير على الجوانب الفسيولوجية للانسان اضافة الى شبكة العلاقات الاجتماعية الواسعة التي ترتبط بمقاييس فسيولوجية تؤثر فيها. وخلصت الدراسة الى أن الدين يلعب دورا مهما في احداث التوازن العاطفي الذي يؤثر على الحالة الصحية للفرد الأمر الذي يعزز من ان الاعراض الصحية لايمكن دراستها من منظورها الطبي فقط وانما لابد من الأخذ بالتأثيرات الاجتماعية الخاصة بها.