فضائح الرهبان والكرادلة والراهبات في الكنائس تتوالى في وسائل الاعلام ويقول القريبون من هذا المجتمع الذي يحظى لدى كثير من المسيحيين بتقدير يشبه التقديس ان ما خفي اعظم وكان آخر ما وصل الى وسائل الاعلام اطاحةالكاردينال برنارد لو من على مقعده الوثير كمطران لمطرانية بوسطون احد معاقل الكاثوليك الامريكيين. فطوال العام الماضي صدم الجمهور الامريكي وأولياء الامور الكاثوليك عندما علموا أن لو وأسلافه تستروا على قرابة مائة راهب اغتصبوا أو تعدوا جنسيا على مئات الاطفال الصغار ومعظمهم صبية. وكان غالبا ما يحدث ذلك في غرف جانبية في مباني الكنيسة. وعندما قبل البابا يوحنا بولس الثاني أخيرا استقالة لو يوم الجمعة الماضي في روما تنفس الكاثوليك المتدينون في ماساشوسيتس الصعداء وقالوا أن هذه الاستقالة يمكن أن تؤدي إلى تضميد الجراح. ولكن المحامي ميتشل جارابديان الوكيل عن عديد من الضحايا البالغين في سلسلة من دعاوى التعويض المدنية ضد الكنيسة قال أن استقالة لو لن تمحو الاضطراب العقلي والوجداني الذي أصيب به مئات بل ربما آلاف من الاطفال حتى سن البلوغ. ويبدي ديفيد كلوهسي المدير الوطني لمنظمة تدافع عن حقوق الذين تعدى عليهم الرهبان شكوكا. وقد أسس عديد من المنظمات الامريكية الخاصة التي أبرزت هذه القضية. وقال كلوهسي الذي نشرت صحيفة بوسطون جلوب تصريحاته "لن نخدع أنفسنا. فالازمة أكبر بكثير وأعمق من كونها أزمة فردية، ومن ثم فالمشوار لا يزال طويلا". والواقع أن أزمة الرهبان الكاثوليك الذين نذروا أنفسهم لحياة العزوبة والذين اغتصبوا صغار الصبية والبنات لم تظهر في الولاياتالمتحدة فقط في العام الحالي. لقد اختمرت في هدوء على مدى عقود وكتبت عنها الصحيفة الكاثوليكية ناشونال كاثوليك ريبورتر لمدة عشرين عاما تقريبا. وكانت ايرلندا هي التي حركت القضية في العقد الاخير عندما شهد أكثر من ألف ضحية، بعضهم من الولاياتالمتحدة، أمام لجنة عامة بتعديات الرهبان في مؤسسات لرعاية الطفولة تمولها الدولة. واعتذر رئيس الوزراء الايرلندي برتي أهيرن علنا عن عجز الدولة عن حماية أطفالها وتعهد بتقديم تعويضات بملايين الدولارات من أموال الحكومة. وقد بدأت فضيحة الولاياتالمتحدة تهز الرأي العام في كانون ثان /يناير/ الماضي عندما نشرت صحيفة جلوب سلسلة من المقالات عن الراهب جون جيوجان الذي طرد من الكنيسة بعد اتهامه بالتحرش الجنسي بأكثر من 130 طفلا خلال ثلاثة عقود، وكان يتم نقله من أبرشية إلى أخرى مع علم المطرانية التام بسلوكه. وأثارت هذه المقالات سيلا من ردود الفعل من جانب ضحايا سابقين وأولياء أمورهم وحتى الشرطة والصحافة. وثمة دعاوى مدنية وجنائية أقيمت ضد حوالي مائة راهب بمطرانية بوسطون وحدها وينتظر الفصل فيها. وذكرت صحيفة جلوب في مطلع العام الحالي "إن تفاصيل الميول الجنسية لجيوجان يجب أن يطغى عليها تساؤل يجد كثير من الكاثوليك أنه يثير انزعاجا أكثر: لماذا استغرق إبعاد الاطفال عن متناول جيوجان 34 عاما تعاقب خلالها ثلاثة كرادلة وكثير من الاساقفة ؟" وقد أقلق سيل القصص الجديدة أولياء الامور والمتدينين الكاثوليك وأدى إلى تقليص التبرعات للكنيسة ولوح للفاتيكان بشبح أزمة تتعلق بسلطته في القارة الامريكية. ففي نهاية الاسبوع الماضي اتخذ 58 راهبا من منطقة بوسطون خطوة الحنث بيمينهم "على مضض" عندما نادوا باستقالة لو. وقال باتريك مكسورلي أحد ضحايا جيوجان في صحيفة جلوب في مطلع العام الجاري "إن ما يزعجني يوما بعد يوم هو اكتشافي لاحقا أن الكنيسة الكاثوليكية كانت تعرف أنه يتحرش بالاطفال". وعقب انتشار الفضيحة وانتقالها إلى 16 بلدا آخر خلال العام، استقال ستة أساقفة ومطارنة، منهم لو. وبادرت بعض الولاياتالامريكية إلى سد الثغرات القانونية التي تعفي الكنائس من التزام الابلاغ عن التعديات الجنسية، وأوقفت ولاية كاليفورنيا لمدة عام العمل بالنصوص التي تورد قيودا على هذه الجرائم. بل إن النائب العام بولاية نيوهامبشاير أرغم الابرشية المحلية بالاقرار بعجزها عن حماية الاطفال وذلك تحت تهديد غير مسبوق بتوجيه اتهامات جنائية لها. وبدا يوم الجمعة الماضي أن ماساشوسيتس تستعد لمعركة مماثلة عندما أعلن نائبها العام توماس ريلي أن لو وعددا من الاساقفة في المطرانية تم استدعاؤهم للادلاء بأقوالهم أمام هيئة محلفين كبرى. وقد ازداد موقف الجمهور الذي ينادي باستقالة لو حدة عندما أظهرت وثائق الكنيسة أنه واصل التستر على تلك الجرائم طوال التسعينات مما يتعارض مع قوله أن كل ذلك توقف عام 1993.