أن تكتب يعني أن تدفع بما تريد أن تقول إلى الداخل وتظهر ما لا تريد أن تقول على الورق، يعني أن تبرر فأنت دائما في موقع الدفاع، تدافع عن وجودك، عن تصرفاتك عن ثقافتك، عن شهيقك وزفيرك.. تعلم أن هناك من لا يقرأ منقبا عن فكرة جيدة أو معرفة ولكن عن خطأ ما، يصلبك عليه. تاريخ طويل من العذاب هي الكتابة تتمنى أن تتحول إلى نص.. نص هو سيرتك التي تغلق بنهايتها قوس حضورك لتضع القلم في متحف النفايات.. وتدخل غرفة قهرك التي ملأتها بالأوراق والتواريخ الحزينة والانكسارات تتذكر ما شاء لك عقلك من أشخاص وأقوال.. لا حب يومض ولا تاريخ أمتك يضيء بشارات النصر وبشارات الزمن المقبل. فلا حب يقدر على الحياة في زمن الرعب، والبؤس. ولا التاريخ يضيء لمن هم خلف جدار الحياة. ان تكتب يعني ان تفتش في رأسك وان تحرك احداقك في كل اتجاه تأخذك اللحظة إلى ملايين الأحداث ليبقى الزمن أسطوريا لا قبل لك به تخدعك عقارب الساعة وتخدعك الكلمات وعليك ان تقول ماذا تقول؟ كتب الحب وصيته ورحل، أغلق قوس سيرته في حياتنا.. أصبح نصا تستجربه قصائد الشعر الزائفة، والمسلسلات التليفزيونية المتخلفة عن إيقاع العصر الذي تعيشه، وتوقف التاريخ عند حضارة بيننا وبينها ما يزيد عن الألف عام. أن تكتب يعني أن تفتش في رأسك وان تحرك أحداقك في كل اتجاه تأخذك اللحظة إلى ملايين الأحداث ليبقى الزمن أسطوريا لا قبل لك به تخدعك عقارب الساعة وتخدعك الكلمات وعليك أن تقول.. ماذا تقول؟ تسأل نفسك لا إجابة.. تملك المعرفة ولكنك تشقى بها تشوى بنيرانها رويدا رويدا. في لوحة الوعي ثمة شعار يتكون سأفعل كل شيء في الزمن القادم أي زمن قادم ؟ .. لا تعرف.. تخدع قلمك وتخدع ذاتك وتكتب.. هل سيقرأ خائف او جائع أو مقهور ما ستكتب هل يمكن أن تدفع رجلا يبحث عن قوت أولاده أن يذهب ليشاهد فيلما أو معرضا أو يشتري كتابا أو حتى جريدة ليقرأ ما تكتب؟ هل تنتظر أحدا أن يكافئك على ما كتبت؟ فقط عليك أن تترقب أو تفكر كيف تنجو من ذاتك أولا ومن الآخرين ثانيا.. هذا هو عذاب الكتابة، الداء الذي ينال منا فنغفل عما يريد إلى ما نريد.