تناول عدد (البناء) الاخير موضوعين نظريين هما تخطيط المدن ومفهوم الرعاية السكنية بالاضافة الى ملف العمارة العربية من خلال رؤية مستقبلية لها. كما تناولت المعمار في ايران من خلال 10 مشاريع.. وتطرق العدد الى ما بعد العصرانية للمعماري مايكل هوبكنز. وقد تحدث رئيس التحرير في افتتاحية العدد عن النقد المعماري في خدمة العمارة وقال : عندما فكرنا في اطلاق مجلة (البناء) قبل اكثر من عقدين من الزمن كانت عجلة العمران متسارعة جدا في بلادنا وكنا نتوق لأن يخرج ذلك العمران بصورة تؤكد فكرة ان العمارة هي احدى قنوات الثقافة الرئيسية, ورغم ان تجربتنا كانت في بدايتها, ورغم ان المملكة في ذلك الوقت لم تتشكل فيها تجربة معمارية نقدية تتيح لمثل هذه المجلة اختراق البنى الثقافية في المجتمع.. الا اننا كنا على درجة كبيرة من القناعة بان فرصتنا في النجاح كبيرة في بلد يتوق للعمارة ويقدرها.. وخلال هذه السنوات التي مرت, كانت هناك رغبة ملحة في ان تكون مجلة (البناء) القناة التي تخرج منها مدارس فكرية نقدية معمارية, ليس فقط في المملكة بل في العالم العربي قاطبة.. فالمجلة لم تغلق ابوابها في يوم امام اي ناقد او كاتب ولن تغلقها أبدا.. كما انها لم توفر جهدا في ابراز النابهين من المعماريين العرب الشباب.. فهي في محاولة مستمرة لاكتشافهم وتقديمهم للقارئ العربي. وبالتأكيد نحن في مجلة (البناء) نتوقع ان يكون لنا دور بارز في سد الثغرة النقدية والفكرية في مجال العمارة في العالم العربي.. لاننا من خلال موقعنا نرى ان العمارة كثقافة لم تتطور بعد لدى القارئ العربي وذلك للشح الكبير في المكتوب باللغة العربية في هذا المجال.. وهذا دون شك له مخاطره العديدة على مجمل الثقافة العربية, اهمها واخطرها هو غياب الوعي بأهمية العمارة كقناة اتصال بين الشعوب, وتقزيمها في وعي الانسان العربي الى مجرد اوعية وظيفية نفعية لا تحمل مضمونا ثقافيا فكريا. احدى الخطوات التي نسعى لتحقيقها هي التواصل مع طلاب العمارة في المملكة والعالم العربي وبناء تجربتهم النقدية, فدون شك ان تبني فكرة التعلم النقدي في العمارة هو احد الخطوات الاساسية التي لا غنى عنها, ليس فقط لتفعيل النقد المعماري في العالم العربي, بل لكسر جمود التعليم التقليدي الذي لم يولد لدينا سوى معماريين مقلدين ليس بمقدورهم تطوير عمارة ذات خصوصية, فالتعليم هو اول الخطوات لبناء الروح النقدية لدى معماريينا, وهو بالتأكيد بحاجة لعمل الكثير جدا.وتمشيا مع هذا النهج الذي وضعناه لانفسنا نقدم في هذا العدد ملفا عن العمارة العربية المعاصرة نحاول ان نثير فيه الرغبة لدى المهتمين بالعمارة العربية للمشاركة في تشكيل الفكر المعماري في العالم العربي, فدور النقد مهم جدا فهو الاداة الاساسية للتطوير ومالم يصاحب انتاج العمارة نقد بناء لها, ستظل عمارتنا متأخرة. ولعل هذا الملف الذي يثير قضايا عدة, كل منها يستحق ملفا بل عددا خاصا به, يضعنا امام مسؤوليتنا التاريخية كمهتمين ومنتجين للعمارة في وطننا العربي الكبير, الذي يعاني اشكاليات ثقافية متعددة ويواجه ازمة وجود ومخاطر متعددة تتطلب شحذ كل الامكانيات لمواجهة هذه الازمة.