أبلغت المملكة الأممالمتحدة رسميا الثلاثاء بقرارها الاعتذار عن مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي. احتجاجاً على السياسية الانتقائية لمجلس الأمن، وتجاهل حقوق الشعوب العربية وبخاصة ما يعانيه الشعب السوري جراء جرائم الاحتلال الإيراني وقضية الشعب الفلسطيني الذي يواجه منذ 65 عاماً احتلالاً إسرائيلياً شرساً واغتصاباً لحقوقه. وأبلغ سفير المملكة بالأممالمتحدة عبد الله المعلمي في رسالة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان حكومة المملكة قررت أنها لن تكون في وضع يسمح لها بشغل المقعد الذي انتخبت له بمجلس الأمن. وأرفق بالرسالة القصيرة نسخة من بيان سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الذي صدر بعد يوم من انتخاب المملكة لعضوية مجلس الأمن الشهر الماضي وشرح قرار المملكة الاعتذار عن شغل المقعد. وقال المعلمي في الرسالة: «أود أن أحيطكم علما أن حكومة المملكة العربية السعودية قررت أن تعلمكم أن المملكة آسفة لأنها لن تكون في وضع يؤهلها للاضطلاع بمقعدها في مجلس الأمن الذي انتخبت له في 17 أكتوبر للفترة من 2014 - 2015 وأن أسباب هذا القرار قد تم توضيحها في البيان المرفق الصادر عن وزارة الخارجية بتاريخ 18 أكتوبر». ومع ذلك شدد السفير المعلمي على ان المملكة «تؤكد التزامها بالأممالمتحدة ومنظماتها المختلفة». وأعرب عن «تقديرها قيادة الأمين العام للأمم المتحدة القيمة للشؤون العالمية». وقال إن المملكة مصممة «على العمل بشكل وثيق مع معالي الأمين العام للأمم المتحدة من أجل النهوض بقضية السلام والتنمية في العالم». من ناحيته، أكد المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نيسركي ان رسالة وصلت الى الأممالمتحدة، لكنه لم يعط المزيد من التفاصيل. وقال: إن «الأمر يتعلق حتى الآن بمسألة تتعلق بالمملكة العربية السعودية ومجلس الأمن ودوله الأعضاء». ومن المقرر اجراء انتخابات جديدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لاختيار بلد آخر يشغل المقعد لمدة سنتين في مجلس الأمن الذي كانت السعودية ستشغله اعتبارا من الأول من يناير المقبل. ودعا المعلمي في وقت سابق إلى إصلاح «عميق وشامل» لمجلس الأمن الدولي يتضمن توسيع عضويته و»التخلي عن نظام الفيتو أو الحد من استخدامه». وقال المعلمي في مناقشة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إصلاح مجلس الأمن الجمعة إن المجلس «أخفق في معالجة الوضع في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وهي قضية يناقشها المجلس منذ أكثر من 60 عاما» كما أن «الأزمة السورية مستمرة مع نظام مصمم على قمع ارادة شعبه بالقوة الوحشية والقتل وتشريد الملايين تحت بصر مجلس أصابه سوء استخدام نظام الفيتو بالشلل». قال السفير المعلمي: إن المملكة العربية السعودية تؤكد التزامها بالأممالمتحدة ومنظماتها المختلفة، وإنها تشدد على العمل بشكل وثيق مع معالي الأمين العام للأمم المتحدة من أجل النهوض بقضية السلام والتنمية في العالم. أسباب الاعتذار وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة - التي تضم 193 عضوا - قد انتخبت المملكة الشهر الماضي لعضوية مجلس الأمن لعامين بدءا من أول يناير، لكن الرياض اعتذرت، في خطوة مفاجئة للدول الأعضاء، عن شغل المقعد بعد يوم من التصويت. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان الاعتذار إن المملكة «انطلاقا من مسؤولياتها التاريخية تجاه شعبها وأمتيها العربية والإسلامية وتجاه الشعوب المحبة والمتطلعة للسلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم، لا يسعها إلا أن تعلن اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعليا وعمليا من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين». وقدمت المملكة الشكر للدول التي منحتها الثقة في انتخابها عضوا غير دائم في مجلس الأمن للعامين المقبلين. وتابعت «وإذا كانت الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة تعتبر الظفر بعضوية مجلس الأمن المعني - حسب ميثاق المنظمة - بحفظ الأمن والسلم العالميين شرفا رفيعا ومسؤولية كبيرة كي تشارك على نحو مباشر وفعال في خدمة القضايا الدولية، فإن المملكة العربية السعودية ترى أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب، الأمر الذي أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم». وعددت المملكة مآخذها على مجلس الأمن الذي يحتاج إلى إصلاحات ملحة كي يؤدي رسالته لضمان سلام العالم وأمنه. انتخابات جديدة وفي وقت رجحت وسائل إعلام أن الكويت سوف تشغل مقعد عضوية مجلس الأمن، قال دبلوماسيون غربيون إن الأردن وافق - على ما يبدو - على أن يحل محل السعودية في مجلس الأمن. ولا يزال الأردن بحاجة إلى موافقة ثلثي الجمعية العامة للأمم المتحدة للانضمام لمجلس الأمن. وقال دبلوماسي: إن سفير الأردن لدى الأممالمتحدة الأمير زيد الحسين عاد الى عمان في الاسبوع الماضي لاجراء مشاورات بعد هذا العرض، بينما ذكر دبلوماسي آخر ان «الأردن تعرض لكثير من الضغوط كي يشغل المقعد» في مجلس الأمن. من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني إن «مشاورات مكثفة تجري حاليا بين عدد من الدول لشغل هذا المقعد»، لكنه لم يتحدث عن موقف الأردن من هذا العرض. ويبدو أن الأردن يتردد في شغل المقعد بسبب موقعه الحساس على الحدود مع سوريا التي تشهد نزاعا مدمرا. ويفسح الخطاب السعودي الرسمي الثلاثاء إلى الأمين العام للأمم المتحدة الطريق امام الدعوة لاجراء انتخابات جديدة. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي أشادت بمطالبة المملكة بإصلاح مجلس الأمن الدولي وتمكينه فعليا وعمليا من القيام بواجباته وتحمل مسؤولياته تجاه الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وفقا لميثاق الأممالمتحدة.