مع التطور النهضوي الذي تشهده المملكة في مجال التصنيع وحضور الآلة على ارقى مستوياتها ما تزال الكتب الادبية بالذات على تواصل مع دور النشر من خارج الحدود قضية تجعلنا نقف عندها لنرى جوانب الخلل في استمرار تلك الهجرة رغم وجود المؤسسات الداعمة حكومية كانت او اهلية من كلمات بعض من سطر كلمات الكتب الادبية ونشرها خارج حدود بلاده فالى أحرف تلك الكلمات. ثلاث معوقات يرجع القاص فهد المصبح المشكلة الى معظم الاوساط الثقافية وفق الظروف والمسوغات لكل مجتمع لعل اسباب ثلاثة هي التي تبرز عوائق النشر الداخلي الاولى رغبة الكاتب في الانتشار بشكل اوسع والثانية رخص تكلفة النشر والثالثة الفرار من مقص الرقيب الذي يشوه العمل الادبي. واشار الى وجود دافعية قوية تبقى في التعامل مطبوعات النشر الخارجي اضافة الى حصوله على عمل متكامل كما يرغب ولو منع الكتاب من الدخول مثلا عد ذلك النجاح . ويضيف المصبح الى ذلك التسويق بعد الطبع فكم من كتاب تعرض للعزوف عن الشراء بانتظار فرصة الاهداء من يد الكاتب ممهورة بعبارة الاهداء في أولى صفحاته اضف الى ذلك غياب الجديد في التعامل مع المطبوع ويبقى حبيس درج أو نافدة الا ان المصبح يؤكد على البقاء للابداع الافضل الذي يجبر القارئ على تناوله فليس الطبع خارج الوطن دليل الجودة وعلى الجميع حتى الملاحق الثقافية في وسائل الاعلام القيام بادوارها والتعريف بالمطبوع وكذلك على النقاد مباشرة الكتاب عندما يستحق. الهجرة منذ خمسين عاما اما القاص عبدالحفيظ الشمري فيقول تجربة الاديب والكاتب السعودي لا تختلف كثيرا عن تجربة المبدع في العالم العربي فالكاتب بشكل عام يلجأ الى احضان دافئة قد تختلف عن تلك الاحضان التي تستقبله عندما يكتب عملا أدبيا ورحلة الكاتب السعودي ليست غريبة طالما ان التجربة الادبية تحتاج الى التحرك وعدم الجمود. ويرى ان المساءلة بشكل عام فيها قضية مزعجة لكن الكاتب المحلي هو الذي يتلمس ان هناك عزوفا من الكاتب عن تقديم العمل له كمتلقي أولي كذلك اشكاليات حلت مع الزمن بتوفر الآلة اضافة الى القيود التي تعرض على الكتاب بحكم نظرة الرقيب او الجهة المسئولة عن النشر وان كانت اليوم نظرة متلطفة بالكاتب وبما يقدمه. تهمة قديمة وعن التهمة الموجهة للشارع العربي الذي لا يقرأ يقول انها تهمة قديمة وستظل لاننا للأسف قضيتنا مرتبطة بالتعليم وحتى التربويون يؤكدون ان للادب علاقة وثيقة بالتربية فعندما يصبح التعليم في مشاكل والأمية مستشرية تصبح قضيتنا البحث عن اللقمة ونطرد الفقر فان الادب كائن حي كذلك. ومناهجنا التعليمية لا تتعطي للكتاب الا ما يقدم في الفصل ولمصر تجربة رائدة في ذلك حيث حققت ارتباطا كبيرا بين القارئ وكتابه ولو تناولنا معوقات الكتاب لوجدنا اننا امام مشكلة محدودة كانت الحبر والورق انتهت المشكلة واصبحنا اكثر تطرا نعد كتبنا في بيوتنا ولكن هناك اشكاليات في العمل وفي الخلط في مفهوم النشر عندما لا تهتم بالكتاب الادبي وتعامله بكتاب الطبخ وعندما يكون الناشر والمخرج مشغولين في اعداد (بروشورة) قائمة لحفل وينتظر الكتاب حتى يفرغ فهذه قضية كون الاستخفاف بالكتاب الادبي وذلك ناتج من بعد المسافة بين المتفق المبدع ومن الحلول المهمة الرقابة ان كانت اكثر تسامحا ولكن الخوف من التدخل في تحديد بعض الضوابط. وغياب الموزع كونه يعتمد على المجاملة ولا يستشعر حقيقة ما يعانيه الكاتب لانه مشغول بالربحية. اضافة الى تعدد المثبطات لدينا في اساليب الاجازة ومماطلات الطبع واخطاء النشر جعل المكابدة للنشر للخراج موازية للنشر الداخلي الذي يتربص بنا كمبدعين وجميع المؤسسات الثقافية (الاندية الادبية جمعية الثقافة) وحتى الشخصية تعمل وفق معطيات معينة ولها ادوار تؤديها وربما الكمال مستحيل ويلمس القارئ جوانب قصور نحاول ان نتجاوزها مع ايجاد العذر لهم كونهم محكومون في ميزانيات وادارات وعلاقات وارتباط العمل الثقافي بجوانب حكومية وبشؤون خاصة ويظل هناك هامش تتحرك فيه يجب ان تشغله كاملا. وعن دور النشر الخاصة يقول الشمري: قطاعات النشر الخاصة بحق لا تؤدي دورها وهي تسعى للربح قبل ان تفتح عقلها لما يقدمه المفكر وعندما تصفح دور النشر نجدها السحر والشعوذة والبذخ المميز والتداوي والجن وكل مما يداعب غرائز الانسان دون الالتفات للابداع والكتب الجاد. خلل كبير اما القاص عبده خال فيسائل عن النشر لاسماء مثل رجاء عالم وتركي الحمد وغازي القصيبي وعلي الدميني واشار انه ليس خارج الحدود وحيدا ويضيف خلال ذلك نكشف خللا كبيرا في خروجنا مجتمعين الى الخارج للكتابة والنشر ثم الانتشار هناك ومن ثم العودة الى الداخل ويقول علينا اذا اردنا ان تكون الاجابة حقيقية يجب الوقوف وقفة صادقة ونقول اننا مضطهدون من قبل الرقيب واننا نرحل خشية على اعمالنا من التشويه والحذف من الرقيب الذي ليس له علاقة من قريب ولا بعيد بالكتابة الابداعية وعندما يخضع الكتاب للمراجعة والاجازة يجد الرقيب في نفسه مقدرة ابداعية فذة ليقوم بتغيير النص وفق هواه رغم انه لا توجد لدينا معايير حقيقية لما هو مسموح اولما هو ممنوع وبالتالي مزاجية الرقيب الذي يشعر انه اكثر ابداعا منك فيقوم بحذف او تغيير في العمل الذي تقدمت به ويضيف الخال اننا ربما اصبنا بداء النجاح في الخارج شرط للنجاح في الداخل وهذا الداء كارثة اخرى تجعلنا نسعى الى طلب رضاء النقاد العرب في حين تغافل النقاد والمحليون عن قراءة الادب المحلي ومتابعته وهذا ليس اتهاما لنقادنا ولكن شح الاعمال على مايقع في الداخل جعل الكثير من الكتاب يفكر في النشر خارج الحدود ليجد الكثير من النقاد العرب الذين يكتبون لصحف سعودية يكتبون عن اعماله فيتم تصديرها من الخارج الى الداخل عن طريق صحف يومية مثل الحياة والشرق الاوسط والزمان والنقطة الثالثة هي ان لدينا سوء توزيع مهول لو غامرت وقبلت بمزاجية الرقيب فيما يقبله او يرفضه فسوف تجد انك بكتابك كمن يحمل صخرة ويدور بها بين نقاط التوزيع ليوزع كتابه ذاك. وخلص عبده خال الى ان هناك اسبابا عديدة تحتاج الى البحث عنها من تلك الطيور المهاجرة بعض المبدعين يحسون بقيود منهج او مذهب الالتزام في الادب فآثروا الكتابة متبعين مذهب الفن للفن حيث لا قيود صارمة وحرية واسعة جدا ولما لم تكن الكتابة والنشر عند اصحاب هذا المذهب متاحة عبر مؤسساتنا الثقافية نشروا انتاجهم خارج الحدود فرار قسم نفى انتاجه وذاته الابداعية وعقله المفكر باختياره بعد ما ايقن ان دور المؤسسة الثقافية في بلاده قد انتهى او تهمش او انها معيقة لتقدم الابداع السعودي دون شعور منها بذلك. وقسم لا زال متواصلا مع المؤسسة الثقافية في بلاده لانه راض بفكرها من جهة ولانه محدود الطموح من جهة اخرى.