الأمر الذي لا يصدق. والذي لا يمكن تصور نتائجه هو رعب الحرب الذي يتحدث عنه بوش وهاجس تلقينه لنا. في الثلاثاء الماضي, تحدث بحماس عن حربه المقدسة ضد اولئك الذين سماهم لصوص الاسلحة النووية. وجمهوره الذي حضر في سينسيناتي آمن بالآلام التي يمكن ان تحدث. ننسى كما يريد ولو للحظة اننا مازلنا لا نستطيع منع صدام حسين من الحصول على الاسلحة النووية. ننسى آلة بوش الكلامية التي اعادت تقطيع وفرم كل من (لو), (ربما), (يستطيع) المدروجة في دوسيه طوني بلير التاريخي وغير الشريف حول تصوراته الواهية تلك عن الاسلحة النووية والكيماوية. ننسى ان اسامة بن لادن, استطاع ان يحصل على الاسلحة النووية, هل نملك اي احتمال يقول بأنه لا يمكن ان يستعملها ضد صدام حسين اولا. كلا لا نستطيع قول عكس ذلك. اذا نحن يجب ان نخوض حربا مقدسة ضد من سماهم لصوص الاسلحة النووية بالطبع يجب ان ننسى اسرائيل هنا هذا بالطبع اذا لم نستطع ان نفعل شيئا حيال لعبة بوش الكلامية من خلال ما يبثه لنا البيت الابيض بوساطة داونينغ ستريت وبوساطة تحليل خبراء بوش للارهاب.. واحسرتاه لمنبر الصحفيين هذا.. ينسى المرء الفلسطينيين ال 14 ومن بينهم ولد في الرابعة عشرة الذين قتلوا من قبل الاسرائيليين ولا نعلم ان كانوا جنود ام مستوطنين قبل ساعات قليلة من حديث بوش هذا, ننسى ان حواماته قتلت تسعة اطفال فلسطينيين في تموز لاجل خاطر جندي واحد. هنا وصف بوش المجازر والمذابح بالنجاح العظيم ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ب (رجل السلم) معتبرا اسرائيل يدا امريكية كما اوهم جمهوره. تذكر ان يستعمل كلمة رعب. استعملها ضد صدام حسين. استعملها ضد اسامة بن لادن. ضد ياسر عرفات . ضد اي طرف يقف على نقيض امريكا وبالتالي اسرائيل. بوش استعملها في حديثه البارحة 30 مرة في نصف ساعة. هذا هو الارهاب الحقيقي. الارهاب الكلامي, وسواس المستمع.. لكن دعوني الآن ادرج بالضبط ما يجب ان ننساه حقا اذا اردنا نحن ان ندعم هذه الحماقة. حري بنا ان ننسى, مبعوث رونالد ريغان الخاص لمقابلة صدام حسين في ديسمبر 1983. لاسباب ثلاثة : اولا, لان صدام الاخرق كان جاهزا لاستعمال الغاز السام ضد ايران وهذا يا للمفارقة احد الاسباب التي نقاتله من اجلها الآن. ثانيا لان المبعوث ارسل ايضا لترتيب اعادة فتح السفارة الامريكية. ثالثا, الشيء الهام الذي يجب ان ننساه هو ان المبعوث كان رومسفلد.. رومسفلد وهذا غريب تحدث في واحد من مؤتمراته الصحفية المفتوحة باسترسال عن الطبيعة الشرية والشيطانية للجريمة, مع قادة العراق الذين صافحهم بحرارة آنذاك. لكن لا, رومسفلد نفسه هذا بقي صامتا في لقائه التالي والحميمي مع طارق عزيز في اذار 1984 عندما اصدرت الاممالمتحدة تقريرها الذي ادان استعمال صدام حسين الغاز السام ضد ايران. والاعلام الامريكي كان صامتا حيال هذا. وهذا ما يجب ان ننساه في لعبة بوش الكلامية. ويجب ان ننسى ايضا ان صدام في عام 1988 دمر وقتل شعبه في حلبجه عندما استعمل الغاز السام ضدهم اضافة الى آلاف الاكراد الآخرين, وفي نفس الوقت وبحضور كل من السادة تشيني . بلير. سترو. منح بوش الاب صدام حسين معونات مالية من الحكومة الامريكية لشراء منتجات الزراعة الامريكية ويريد ان ننسى انه في العام التالي بعد ان اكمل صدام حسين عملية التطهير العرقي للاكراد, ضاعف بوش الاب المعونات المالية له بمقدار 1 بليون دولار. وبشكل يسمح باستعمال هذه المعونات استعمالا مزدوجا منها شراء حاجات سلعية واستهلاكية ولكن ببطانة حربية من صناعة وانتاج مواد كيماوية وبيولوجية وشراء معدات حربية من صواريخ وطائرات. والآن يعد بوش الابن الشعب العراقي بعهد جديد في منطقتهم من امان وديمقراطية بعد تدمير صدام, وفي نفس الوقت يريد منا ان ننسى كيف وعد الامريكان الافغان والشعب الباكستاني بعهد جديد اذا هم هزموا السوفيت 1980 وبخثوا بوعودهم وضربوها في عرض الحائط يجب ان ننسى كيف حث بوش الاب العراقيين ليقفوا ضد صدام عام 1991 وعندما اطاعوه لم يفعل لهم شيئا سوى انهم لاقوا مرارة الفقر والحرمان والعذاب من قبل جنود صدام وحاشيته.. يجب ان ننسى كيف وعد الامريكيون الشعب الصومالي بعهد جديد وبلاد آمنة ونكصوا كعادتهم بعد ان انغمسوا في ملذاتهم وتهتكهم يجب ان ننسى كيف وعد بوش الابن الافغان بمساعدتهم قبل ان يباشر حربه, وتركها كما نرى الآن في مسلخ ومجزر اقتصادي جزاروه بارونات ولوردات حرب, تركها ارضا تعيث فيها الفوضى والخراب والخوف. تفاخر البارحة بأن الشعب الافغاني عرف لاول مرة الليبرالية ويريد منا ان ننسى فشله في القبض على اسامة بن لادن. وفشله في القبض على الملا عمر. وان ننسى جنوده وقواته الذين يقتلون يوميا مئات الابرياء. عندما يتكلم عن الحاجة الى اعادة انتشار فريق المفتشين الدوليين يجب ان ننسى كيف جندتهم ال CIA جواسيس على العراق. وبالطبع يجب ان ننسى النفط الذي يكون واحدا من اهم السلع التي يشن من اجلها بوش الحرب على العراق والصديق الحميم الذي يحاول انقاذه من الايدي الغاشمة. ان هذه الحسابات لم تذكر في الادارة الامريكية, لماذا؟ مع ان هذا لا يغيب عن الشارع الامريكي. في الدقيقتين الاخيرتين قبل ان ينهي حديثه, أمل بوش ألا يحدث اي عمل عسكري. لكن هكذا قادة يمجدون الحرب لانها تعني لهم السلب والمال. وهذا ما يريده بوش ان نتجاهله قبل ان نذهب الى الحرب. فما الذي يريده ان ننساه قبل ان نذهب الى الحرب. ترجمة معتز طوبر عن (الاندنبنت)