عندما يتحرر الانسان من التردد.. والخوف والوجل ويؤمن تماما بأننا بشر تجاه بشر وفينا الخير والشر والحسن والسيىء والطيب والردئ والحق والباطل والظالم والمنصف. عندما يفهم الانسان ان الحياة بكل منغصاتها وعذاباتها وأحوال اهلها.. لا يمكن ان تخلو من الخير وهي بالتالي لن تخلو من الاشرار ايضا وان الابن ليس بالضرورة ان يشبه أباه والأخ لا يمكن ان يكون صورة كربونية من أخيه وان في البيت الواحد.. وفي الاسرة الواحدة قد يوجد العاقل.. والمجنون.. والأحمق.. والظالم.. والعادل.. والمستهتر.. عندما ندرك كل هذا ينبغي ألا نعجب ولا نستغرب عندما نرى ابا فاضلا يبني المساجد ويسعى إلى فعل الخير ويفك ضائقة المكروبين ودين المدينين واطلاق سراح المساجين ويبذل جل وقته من أجل فعل الخير وتفاجأ بأن ابنا له يفعل العكس تماما ويمتلئ قلبه بالشر وأذية الناس ويخترع الوسائل والسبل لأذية خلق الله أو محاولة قطع أرزاقهم.. وهو لا يعلم قط ان مقسم الارزاق هو خالق كل شيء وان العدالة لاتزال في السماء والارض وان الشر مهما بلغ لا يضر الا صاحبه وان الخير في هذه الدنيا باق الى يوم القيامة وان من يفعل خيرا يجده عند الله والناس ومن يفعل شرا يحصد نتائجه في الدنيا والاخرة. والصغير لا يصبح كبيرا الا بفعل الخير وكف الأذى والصغير يبقى صغيرا الى الابد بانتهاجه اساليب المكر والخداع والكذب.. كل هذا نعرفه ولكن الذي لا اعرفه كيف يسمح الاخيار من الناس والذين تمتلئ قلوبهم بالرحمة ان يضعوا عند ابوابهم اولئك (النهاشين) المتكالبين الشرار ويمنحوهم كل الثقة في الحاق الأذى بعباد الله بل يصل بهم الامر الى الحد الذي لايطاق ولا يقبله العقل ولا المنطق وعندما يصبح المسؤول من صخر أصم لا يسمع نداء الضمير يصبح هذا المسؤول من حجر وليس من لحم ودم وعندما يتفاقم الشعور بالتسلط لدى ضعاف النفوس وتتملكهم روح الفوقية والتعالي تنهار كل سبل الاحترام والتقدير لهم من قبل مرؤوسيهم. ان الرجال لا يرتقون الى مستوى عال من حب الناس ورضاهم الا بالتواضع والتراحم والتعاطف والتكاتف. والادارة كما يقولون (فن) حنكة ودراية وهي قبل هذا خلق وأدب ورحمة وليست تسلطا اجوف او مكابرة وتكبرا وتجبرا.. من اجل هذا ينبغي ألا تعطى لهؤلاء الصغار المتسلطين فرصة الاشراف على الناس أو منحهم صلاحيات هم غير مؤهلين لها.