رغم رفع الحصار الجزئي عن عرفات الا ان من الواضح للعيان ان تصرفات شارون مع السلطة والشعب الفلسطيني لا توحي بحسن النوايا نحو التوجه الى السلام، فشارون انما يسعى عبر سائر تصرفاته الهوجاء الى اذكاء فتائل التوتر على اراضي السلطة الفلسطينية، ودفع عرفات الى الاستسلام والرضوخ لاملاءاته وشروطه بعد محاولاته المستميتة تيئيس الفلسطينيين وتخريب بنيتهم التحتية وممارسة ارهاب الدولة عليهم، فرغم ان شارون لا يخفي احقاده الشخصية المتصاعدة على عرفات، الا انه لا يكاد يخفي في الوقت نفسه اعتقاده الخاطئ بأنه كلما ضيق الخناق على عرفات امكنه الوصول الى بديل يحل محله لرئاسة السلطة، وهو اعتقاد موغل في الخطأ، ذلك ان لهاث شارون وراء انفاذ خططه حول تضييق الخناق على عرفات عن طريق العزل والحصار لتحقيق اعتقاده الوهم انما يؤكد من جديد على افلاس سياسي وتصرفات قاصرة بعيدة تماما عن الحكمة، فلا يمكن تفسير تصرفات شارون التدميرية الا بأنها تعكس دمويته التي جبل عليها منذ زمن بعيد، وهو يجهل تماما في دائرة تلك التصرفات الهمجية معطيات التاريخ وعبره وعظاته، فرغم استغلاله أحداث سبتمبر من العام الفائت في الولاياتالمتحدة ومحاولة توظيفها في عملياته الارهابية ضد الشعب الفلسطيني، ورغم استغلاله ضعف التنسيق بين القوى الفلسطينية الناشطة، الا ان ذلك لا يعني امكانية نجاحه في تمرير اعتقاده الخاطئ مدار البحث، فالوحدة الوطنية الفلسطينية لا يمكن التشكيك في صحتها، والسلطة قادرة وفقا لخطواتها الاصلاحية التي ادت الى تشكيل الحكومة الجديدة على التعامل بجدية مع الاوضاع السياسية المتغيرة على الصعيدين الدولي والاقليمي، وقادرة على الاستجابة لمختلف التطورات والمستجدات، وقادرة في الوقت نفسه على الصمود امام عنجهية شارون وغطرسته وافشال محاولاته اليائسة باسقاط عرفات واستبداله، فما يلوح في الافق السياسي الاسرائيلي ان شارون مازال سادرا في غيه وعبثه، وان الوقت يمر في غير صالح خططه الغارقة في بؤر احلام العظمة والقوة.