كنت منذ زمن طويل قد قررت الكتابة عن محطة فوكس الامريكية, وترددت في اكثر من مرة, لاكثر من سبب.. هل اكتب عنها لما تلقيه يوميا من قمامات الكذب والاستهزاء بكل ما يتعلق بهذه البلاد؟ وأكف احيانا عن التفكير في الكتابة لانها محطة رخيصة ولا داعي للفت أي انتباه لها.. ولان واقعها لن يتغير على أي حال! فيبدو ان رسالتها, او سبب وجودها, هو هذا العفن الاعلامي الذي يبنى على التهم الشنيعة التي تلوي العواطف عند نشوء أي مسألة تطفو على الاحداث في المجتمع الامريكي.. لتتسلق مثل النبات المتطفل الذي يمتص عناصر الحياة من النباتات النبيلة.. ولقد تعجبت كثيرا عندما تابعت بعض برامج هذه المحطة, فهذا النوع من الاعلام الرخيص خلت انه قد انتهى من العالم الثالث (!) , ايام كانت الاذاعات عبارة عن معلقين يزعقون ويصرخون ويسبون ويدوخون المستمعين بالكذب المصنوع في ساعته, والتهم التي ترمى على شخص من الاشخاص التي لاتكفي كل حياته لارتكابها.. خرج معلقون دوخوا شعوبا بزعيقهم.. وكان زعيقا اعتبره العاقلون تخلفا, الا انه دوخ ملايين العقول. معلقون صاروا اشهر من النجوم والزعماء.. من نسي أحمد سعيد؟! "فوكس" ليست الا من تلك الحقبة.. حقبة الزعيق وتضخيم التهم أسمعها فأضحك من سذاجتها الوقحة عندما يتكلمون عنا, على ان كثيرا من الامريكيين وغير الامريكيين لايشاركوننا هذا الضحك.. فوكس ببذاءتها, اعجب ان تكون في الولاياتالمتحدة التي كنا نظن ان كل كلمة مكتوبة او منطوقة انما تخرج بعد ألف مصفاة لتحري الدقة وتوضيب الدليل وتجنب مزالق القانون.. كيف خرجت فوكس؟ التفسير هو تلك الشجرة الخرقاء التي تسحب الحياة من الاشجار الكريمة. (نحن ننقل الخبر وانت تقرر) هذا هو شعار فوكس المحطة, وهذه الكذبة الاولى لان مقتضى الحال في المحطة هو (نحن ننقل الخبر ونحن نقرر ايضا) وهذا ليس كلاما على عواهنه فهو مدعوم برأي كل من يتابع المحطة لان معظم برامجها حوارية بين مذيعي المحطة او ضيف بدور محدود يخدم التوجه, قصد ام لم يقصد. في يوم , كانت كل البرامج عن ان المملكة تخطف أبناء الامريكيين وتكلموا عن لجنة من الكونجرس وصارت حدث المحطة, ذهلت والله من سرقة ابناء امريكيين؟ وكيف؟ لما ظهرت الامور, فاذا هم يتحدثون عن ابناء السعوديين الذين تزوجوا امريكيات! وماذا؟ بعد عقدين من الزمان تذكر المعسكر المعادي وآلتهم الاعلامية فوكس هؤلاء (الابناء).. ولم يكفني التعجب الساخر المرير.. رابطة العالم الاسلامي تنتقد محطة فوكس.. انها لاتستاهل حبر الانتقاد!