عند زيارتي متحف إبراهيم الذرمان بالمبرز عدت إلى الوراء سنين بعيدة حيث مراتع الصبا ومرابع اللهو البري في طفولتي المبكرة في قرية الشقيق المزدانة بأشجار النخيل والليمون والرمان! كان للزمن روعته.. وكانت للبساطة السائدة في ذلك الوقت سحرها وبهجتها.. زيارة متحف الذرمان كانت فرصة لاستعادة ما تلاشى من الذاكرة المثقوبة! في ظل الضجيج الاجتماعي وصخب المدن الأسمنتية.. وأزير السيارات اللاهثة وراء المجهول!! نعم إنه بجهده الذاتي وبأمواله الخاصة بنى صرحا من التاريخ المضيء لهذه الواحة الريانة المتوهجة دوما بالعراقة والأصالة والبساطة المتجلية في تعامل أهل الأحساء التي يلمسها كل من يعرفهم ويقترب منهم. والسؤال الذي كان يدور في خلدي وأنا أجول بين الرواق والدهليز واللواوين.. والقدور النحاسية والكتب العتيقة تلك الكنوز الرائعة المعرضة للفقد والتلف بأجواء الرطوبة وضيق المكان والغبار المتراكم! أين الدعم المادي من رجال الأعمال الأحسائيين الذين عاشوا حقبة الماضي الخشن وذاقوا حلاوة العيش البسيط وسكنوا الدار الطينية القديمة..؟! أين هم من دعم هذا الجهد الرائع لذلك الرجل الذي آثر القطعة الأثرية على اللقمة .. واقتنى عماد هذا المتحف من قوت أطفاله وبجهود ذاتية ابتكارية.. إنه بحاجة إلى الدعم ولا سيما أن المتحف مفتوح للجميع وبلا مقابل مادي, مما يدعم في نظر الزائرين لهذا المكان كرم وطيبة هذا الرجل الذي يمثل الأحساء في كل شيء بعد كل هذا ألا يستحق منا كل الدعم والتقدير.