دأبت المملكة منذ فترة طويلة بحكم استشعارها بما تملكه الولاياتالمتحدة من ادوات ضغط عديدة على حث الادارات الأمريكية المتعاقبة ومنها ادارة بوش الابن الحالية على استخدام واحدة من تلك الأدوات لحمل اسرائيل على الاستجابة للشرعية الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة بعدوانها على الشعب الفلسطيني، وقد نجحت سياسة المملكة الحكيمة حينما استجابت الادارة الأمريكية أخيرا لتلك النداءات الصادقة فأمرت شارون برفع الحصار المضروب حول مقر الرئيس الفلسطيني، وهذا ما بينه بمكاشفة ووضوح سمو نائب خادم الحرمين الشريفين اثناء ترؤسه الجلسة المعتادة لمجلس الوزراء يوم امس الأول، فالايعاز الأمريكي لاسرائيل برفع الحصار يدل دلالة واضحة على ان الولاياتالمتحدة تملك كل ادوات الضغوط المناسبة لدفع اسرائيل للاصغاء لصوت العقل واحترام الأممالمتحدة، ويدل ايضا على أن اسرائيل لا يمكن ان تعصى امرا يوجه لها من البيت الأبيض، ولا تملك الا الرضوخ والاستجابة له فورا، وهذا يعني ان العرب عليهم مسؤولية كبرى بمواصلة تفعيل قنواتهم السياسية والدبلوماسية مع واشنطن لاستخدام مزيد من ادوات الضغط الأمريكية ضد اسرائيل، فرفع الحصار المفروض على عرفات ليس كافيا لتسوية الأزمة القائمة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل حيث يتعين على شارون ان يرضخ لمستلزمات التسوية بانفاذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة باحلال السلام في المنطقة بالكامل، لاسيما انها قرارات تحظى بتأييد دولي منقطع النظير، وهي متناغمة تماما مع الرؤية الأمريكية التي طرحها بوش الابن امام اسرائيل وطالب بانفاذها، وتتمحور في قيام دولتين مستقلتين احداهما فلسطينية والأخرى اسرائيلية تحظيان باعتراف ضمني دولي وحدود معلنة، كما ان تلك القرارات من جانب آخر متناغمة ايضا مع المبادرة السعودية التي تحولت الى مبادرة عربية جماعية اثناء انعقاد المؤتمر العربي الدوري الأخير في بيروت والتي نادت باعتراف عربي شامل باسرائيل واقامة علاقات دبلوماسية معها، شريطة احترامها مبادىء الشرعية الدولية والانسحاب الشامل من كافة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ومنح شعب فلسطين حقه المشروع في اقامة دولته المستقلة على تراب ارضه الوطني وعاصمتها القدس، ويبقى القول ان تفعيل الدور الأمريكي الضاغط على الكيان الاسرائيلي يمثل عملية لابد من استثمارها عربيا لتسوية أزمة الشرق الأوسط على مختلف المسارات تسوية شاملة وكاملة وعادلة ودائمة.