نودع عاما حافلا ونستقبل عاما جديدا يافعا، يحمل لنا بين أوراقه الخير الكثير، ومن أعظم هذا الخير الذي يتجدد مع تجدد الليل والنهار هي نعمة القرآن الكريم، ومما يروى عن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه أنه كان إذا مسك المصحف بين يديه يقول : ((كتاب ربي ، كلام ربي ، بين يدي ، فتبتل لحيته بدموعه)) خشوعا وخضوعا لهذا الكتاب العظيم. فمن خصائص القرآن الكريم غايته النبيلة وصلاحيته لكل زمان ومكان، واستعماله لألفاظ العالمين والأمة الواحدة والنفس الواحدة، وهذا يدل دلالة بارزة على أهمية دراسة الحضارة البشرية في ضوء النظرة القرآنية الكريمة، والتي تنظر إلى امتداد الحضارات الإنسانية كجمع متراكم من الخبرات والقدرات والمهارات. وقد أسهم العلماء والقراء في نشر آليات حفظ القرآن الكريم، والدعوة إليه، وظهرت المدارس العلمية بقيادة العلماء الأفذاذ والدعاة الحفاظ الذين أولوا اهتمامهم نحو تشجيع التنافس على حفظ القرآن الكريم بين الطلاب والطالبات، وصعود مدارج العلى والكرامة في الآخرة، قال تعالى { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة:122]. فمن أهم المهمات في العصر الحديث، خاصة ان العالم أصبح قرية كونية صغيرة، فلابد من التوجه إلى بيان حقائق القرآن الكريم، وتفنيد الشبهات عن القرآن الكريم ، فلا بد أن ينبري العلماء الأثبات من خلال التنافس على مائدة القرآن الكريم والنبوغ في علومه بنشرها في الآفاق، ونشر الأبحاث المتخصصة في دراسة القرآن الكريم وعلومه بجميع اللغات الأجنبية، وعقد الندوات والمؤتمرات لمناقشة موضوعات القرآن الكريم وعلومه وأساليبه بأسلوب علمي، لتوضيح رسالة القرآن الكريم وأحكامه وحكمة تشريعاته وعالميته وصلاحيته لكل زمان ومكان. ومن أجل الاهتمام بالدراسات القرآنية في جميع المجالات، ورد الشبهات بمنهجية علمية موضوعية، فلابد من العناية بحفاظ القرآن الكريم والباحثين فيه بتوظيف الاهتمامات، و نشر استراتيجيات حفظ القرآن الكريم وأحكامه وفضائله وآدابه وتشريعاته. وبحمد الله أقيم هذا الأسبوع المؤتمر العالمي في دراسات القرآن الكريم في الفترة من 1-3/ محرم/1435ه الموافق 4-6/نوفمبر/2013م، وهو ملتقى كبار القراء في العالم الإسلامي في جامعة الملك سعود بالرياض. وسيقام بإذن الله في الفترة من 4-6/محرم/1435ه الموافق 7-9/نوفمبر/2013م المؤتمر العالمي الثامن للقرآن الكريم في مركز الدراسات الإسلامية بجامعة لندن. وكلا المؤتمرين يضمان جهودا عالمية بالغة في خدمة القرآن الكريم والعناية به، وتبليغ رسالته العالمية في هذا الزمان ، وفي كل مكان . لذا كان من الواجب مع إطلالة كل عام تجديد الجهود في العناية بحفظ القرآن الكريم ، ونشر التنافس بين أهل القرآن علما وعملا، وذلك لإعدادهم في الدراسات القرآنية واستشراف المستقبل المشرق للتنافس في حفظ القرآن الكريم وعلومه، بالجمع بين الحفظ والتدبر والعلم بعلوم القرآن الكريم وكنوزه وأسراره التي يتسابق العلماء في العالم على جمعها ونشرها، ليتبوأ الحافظ الكريم منزلته السامقة في العالم أجمع.