لقد كان من خصائص رسالة الإسلام لتحقيق غايته النبيلة صلاحيته لكل زمان ومكان، واستعماله لألفاظ العالمين والأمة الواحدة والنفس الواحدة، وهذا يدل دلالة بارزة على أهمية دراسة الحضارة البشرية في ضوء النظرة القرآنية الكريمة، والتي تنظر إلى امتداد الحضارات الإنسانية كجمع متراكم من الخبرات والقدرات والمهارات. وقد أسهم العلماء والقراء في نشر آليات حفظ القرآن الكريم، والدعوة إليه، وظهر في المملكة العربية السعودية العلماء الأفذاذ والدعاة الحفاظ الذين أولوا اهتمامهم نحو تشجيع التنافس على حفظ القرآن الكريم بين الطلاب والطالبات في مسابقات محلية وعالمية، وقاموا على اختيار النوابغ و المتميزين ليحملوا هذا الكتاب الكريم في صدورهم، واجتهدوا بأن يكافئوا على ذلك بالجوائز الرفيعة في الدنيا، وصعود مدارج العلى والكرامة في الآخرة، قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (122) سورة التوبة. فمن أهم المهمات في العصر الحديث، خصوصاً أن العالم أصبح قرية كونية صغيرة، فلا بد من التوجه إلى بيان حقائق الإسلام، وتقويم الشبهات عن القرآن الكريم، وتفنيد الدعاوي الافتراضية التي ليس لها أساس من الأدلة الشرعية والعقلية، فلا بد أن ينبري العلماء الأثبات من خلال التنافس على مائدة القرآن الكريم والنبوغ في علومه بنشرها في الآفاق، ونشر الأبحاث المتخصصة في دراسة القرآن الكريم وعلومه بجميع اللغات الأجنبية، وعقد الندوات والمؤتمرات لمناقشة موضوعات القرآن الكريم وعلومه وأساليبه بأسلوب علمي، لتوضيح رسالة القرآن الكريم وأحكامه وحكمة تشريعاته وعالميته وصلاحيته لكل زمان ومكان. ومن أجل تركيز الاهتمام بالدراسات القرآنية في جميع المجالات، ورد الشبهات بمنهجية علمية موضوعية، فلابد من العناية بحفاظ القرآن الكريم والباحثين فيه بتوظيف الاهتمامات لعلاج بعض الكتابات التي كان لها دور كبير في نشر إستراتيجيات حفظ القرآن الكريم، وأحكامه وتشريعاته. لذا كان من الرؤية السديدة لمسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم نشر التنافس بين أهل القرآن بنين وبنات مع صغر سنهم، وذلك لإعدادهم في الدراسات القرآنية واستشراف المستقبل المشرق للتنافس في حفظ القرآن الكريم وعلومه في العالمين، فقد حان الوقت لأن نتلافى القصور والتقصير في طريقة الحفظ والتجويد، وذلك بتحكيم حفاظنا تحكيماً عالياً لتأهيلهم للمنافسة العالمية على مائدة القرآن الكريم. فمن المهم أن نتناول أيضاً عدة مسائل نراها حيوية لتطوير الدراسات القرآنية في حقلها المتميز في الحياة العلمية، بالجمع بين الحفظ والتدبر والعلم بعلوم القرآن الكريم وكنوزه وأسراره التي يتسابق العلماء في العالم على جمعها ونشرها. فمن وجهة نظري أصبحت مسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم واجهة ثقافية مهمة لرصد الحركة الثقافية في حفظ القرآن الكريم في المجتمع السعودي، وتأهيل هؤلاء الحفظة المباركين للمسابقات العالمية، ليتبوأ الحافظ الكريم منزلته السامقة بين حفاظ القرآن الكريم في العالم أجمع. * أستاذة مشاركة في التفسير وعلوم القرآن - جامعة الملك فيصل- الأحساء