تصاعدت حدة العداء العنصري ضد المسلمين المقيمين في الغرب عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر بشكل أصبح يخلو من كافة أشكال الارتقاء الإنساني، كما أنه يكشف عن أبعاد أحقاد دفينة في النفوس يصعدها الإعلام الغربي الذي يسيطر عليه الصهاينة من ناحية والعداءات القديمة النابعة من تاريخ الحروب الصليبية من ناحية أخرى، كما أنه يكشف لنا جانباً كبيراً من عمليات الزيف والخداع لما يسمى بمفاهيم الحضارة الغربية عن الحق والعدل والمساواة. ان بعض التجاوزات التي تمت ضد المسلمين في الغرب عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر تؤكد على تلك الحقائق ومع الصور التي وقعت في فرنسا وسويسرا واسبانيا شواهد أخرى عديدة تؤكد على أن ما يحدث ليس حوادث فردية كما يحلو للبعض أن يصف ولكنها أصبحت منهج حياة يومية وعادات وسلوكيات تمارسها السلطات اليهودية في المجتمعات الغربية ضد المسلمين باستمرار- ففرنسا وسويسرا تقومان يومياً بشكل منتظم بطرد الفتيات المسلمات المحجبات من المدارس ورغم الأحكام القضائية التي حصلت عليها كثير من الطالبات، إلا أن السلطات الفرنسية والسويسرية تصران على عدم السماح للفتيات المسلمات بدخول المدارس بالحجاب وقد قامت السلطات الفرنسية مؤخراً بفصل (26) طالبة مسلمة حديثاً من المدارس بسبب ارتدائهن الحجاب، كما قامت مؤخراً سيدة أسلمت وهي فرنسية وتعاني منذ دخولها الإسلام من الاضطهاد من قبل السلطات بسبب ارتدائها الحجاب وطالبت في ندائها بحق اللجوء السياسي لإحدى الدول الإسلامية. ولعل من أعجب أشكال التشويه والاضطهاد الفرنسي للإسلام والمسلمين هي الحملة التي شنتها الممثلة الفرنسية اليهودية (بيرجت باردوا) من خلال رسالة وجهتها إلى رئيس وزراء استراليا (جون هوارد) تنبهه فيها إلى أن ذبح الخراف الأسترالية في فرنسا يتم دون تخدير، وتشدد على ضرورة تخدير الخراف قبل نحرها، كما شنت هجوماً على المسلمين متهمة إياهم بالوحشية لأنهم يذبحون الأضاحي في عيدهم، وتساند (باردوا) جهات سياسية وجهات قومية متطرفة تطالب بطرد المسلمين من فرنسا. حين قامت هذه الجهات بمقاضاة بعض المزارعين الفرنسيين الذين يبيعون اللحوم المذبوحة للمسلمين وطالبت بأن يأكل:المسلمون الخنزير شأنهم شأن الفرنسيين!! كما أسلمت عقب الأحداث الأخيرة فتاة بريطانية وحينما أدت مناسك العمرة عاهدت نفسها بعد عودتها إلى بلادها أن تلتزم بارتداء الحجاب وهي تعمل في إحدى الشركات البريطانية ولكن الشركة طردتها من عملها ويأتي سبب طردها لأن مدير الشركة لم يحتمل رؤية موظفة تغطي رأسها. كما أشار متحدث باسم جمعية المحامين المسلمين في بريطانيا إلى موقف الفتاة المسلمة مع مدير الشركة بقوله: من الواضح أن الفتاة المسلمة تعرضت للتمييز بسبب ديانتها لأنها فتاة ذكية وذات كفاءة ومع ذلك فصلت من عملها لأنها اختارت أن تلتزم بمتطلبات معتقدها . ولهذا قررت اللجوء للقضاء . وهذا نفس ما فعله قبل فترة أحد المسلمين الذين يعملون في الدانمارك حيث ينظر الآن أحد مكاتب العمل في الدانمارك دعوى مرفوعة من قبل أحد المسلمين المقيمين هناك بتهمة التفرقة العنصرية لطرده من العمل لانه كان يؤدي الصلاة في فترة الاستراحة في العمل، كما علقت على ذلك إحدى الصحف الدانماركية وهي صحيفة البولتكن : مؤخراً بقولها : إن الرجل كان يصلي صلاته اليومية وقت الظهر خلال فترة الغداء وقد طرده مكتب العمل بشكل سافر، أما مركز الاستشارة القانونية فقد هب لمساعدة العامل المذكور وقال على لسان مسؤوليه انه يعد القضية من باب التفرقة العنصرية، وانه سوف يدعم بشدة هذه الشخص ليرفع الدعوى إلى المحكمة العليا مطالبا بتعويض قدره (150) ألف كرونة، وان سلوك مكتب العمل كما تذهب الآراء القانونية المؤيدة للعامل المسلم المفصول قد تجاوز القانون ! ليس هذا فحسب، بل انه سلوك ممنوع لان مسألة الصلاة تخص الفرد ذاته وهي من صميم العقيدة . والموقف نفسه مع الحجاب تكرر ووقع مع شركة جي . سي . بني الأمريكية حيث قامت الشركة بفصل فتاة مسلمة من اصل صومالي بسبب ارتدائها الحجاب، وحينما تحركت الجالية المسلمة ضد هذا السلوك اعتذرت الشركة . ورغم بعض الإنصاف القائم في بعض المجتمعات من الناحية القضائية إلا أن معظم المجتمعات بما فيها مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام الغربية لا تخفي عداءها المباشر للمسلمين خاصة ما وقع عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتبقى نسبة الانصاف محدودة للغاية مقارنة بالعداء السافر ولعل الاتهامات التي وجهت للمسلمين هناك في أمريكا في تلك الفترة كفيلة ببيان ما يتعرض له المسلمون في تلك المجتمعات من تفرقة عنصرية واضطهاد وهذه مؤشرات تؤكد على ان الغرب لم يعد واحة الأمن والأمان التي كان ينظر إليها بعض المسلمين وإنما تؤكد هذه الشواهد على أن الفترة القادمة ربما تشهد مزيداً من العنصرية والاضطهاد ضد المسلمين على وجه الخصوص . فهد سليمان سالم العتيق كاتب ومحرر صحفي / جدة