انتهت مهلة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة وبدأت مسيرة تفتيش وتعقّب النتائج المرجوة من التصحيح وفي مقدمتها ضبط سوق العمل وحمايته من العبث والعشوائية والطفيلية الاقتصادية التي تنخر جسد اقتصادنا الوطني، ومن ثم توفير فراغات مهنية ووظيفية للعاطلين عن العمل، وجميعنا بلا شك يؤيد ذلك ولكن بالضرورة أن يتم ذلك بصورة علمية ومنهجية بحيث لا يتضرر القطاع الخاص ويكتوي بنار التعطيل فنقضي على العطالة ونعطّل عمل القطاع الذي يعتمد الى حد كبير على هذه العمالة، وأبرز القطاعات التي تتأثر هو المقاولات الذي ظل يعاني منذ فترة طويلة من نسبة السعودة في مهن وأعمال لا يعملها شبابنا. لا يمكن النظر للأمر بمنظور عاطفي على حساب اقتصادنا واستحقاقات شبابنا في العمل، فكل فرصة وظيفية يشغلها وافد هي بالضرورة من حق مواطن متى كان مستعدا ومؤهلا لشغلها والقيام بواجباتها، وذلك هو المبدأ الذي يجب التركيز عليه في عملية الإحلال والإبدال. هناك بطالة على نطاق واسع وسط الوافدين ولها تأثيرات سلبية كبيرة على النظام الاقتصادي والاجتماعي، فنحن لا نستقدمهم من أجل التسكع في بلادنا وإنما يأتون لعمل محدد إذا انتهى تنتهي إقامتهم، بلا ضرر أو ضرار، ولكن لماذا يبقون حتى ولو لم يجدوا أعمالا؟ ذلك هو السؤال الذي يفترض أن تجيب عنه وزارتا العمل والداخلية بصورة واقعية من خلال الحملات التي انطلقت، والتي تركز على مواقع العمالة السائبة وسائقي الأجرة والحافلات والمتسولين وغاسلي السيارات، وستشمل حملات التفتيش قطاعات التشييد والبناء والمقاولات والصيانة والإيواء والمطاعم والمحلات التجارية والمصانع، إضافة إلى مستلزمات النساء والمشاغل النسائية. تلك المواقع بؤر طبيعية للعمل العشوائي الذي يخلق اقتصادا هامشيا وطفيليا يؤثر سلبا على قوتنا الاقتصادية، وكل الإجراءات في هذا السياق مبررة، وينبغي أن تكون حاسمة ورادعة دون أي اختراقات تبقي على العمالة الوافدة غير المنتجة وخارج الدورة الاقتصادية، لأنها إن لم تكن مؤثرة إيجابا وفاعلة ومساهمة في التنمية والبناء فلا حاجة لها، ولا يمكن النظر للأمر بمنظور عاطفي على حساب اقتصادنا واستحقاقات شبابنا في العمل، فكل فرصة وظيفية يشغلها وافد هي بالضرورة من حق مواطن متى كان مستعدا ومؤهلا لشغلها والقيام بواجباتها، وذلك هو المبدأ الذي يجب التركيز عليه في عملية الإحلال والإبدال. لا ننكر دور العمالة الوافدة وحقها المعنوي، ولكن المسألة في خلاصتها منفعة متبادلة، وعقود منظمة للعمل، يعطون جهدا مقابل مال، وقد حصلوا عليه، وأصبحنا في حاجة لمعالجة سلبيات البقاء غير المنظم وغير المجدي داخل المنظومة الاقتصادية الوطنية، في وقت نحتاج لتطوير قدرات شبابنا وتأهيلهم للعمل وتوظيفهم، ولذلك فإننا نتقدم بوافر الشكر والتقدير لمن غادروا ومن لا يزالون بيننا بصورة نظامية، ولكن في جميع الأحوال لا يمكن تغليب مصالح الوافدين على مصالح مواطنينا وبلادنا واقتصادها. نأمل أن تعزز الحملات التفتيشية ضبط السوق والتواجد الأجنبي، وأن يستعد شبابنا للعمل في أي وظيفة متاحة مع الفراغ الذي يحدث بمغادرة عشرات الآلاف من الوافدين، وكما عملوا في جميع المهن بحسب قدراتهم وتأهيلهم، ينبغي أن يتهيأ الشباب لسد الفراغ في أي موقع يمكن أن يوفر لهم كسبا شريفا ويسهم في بناء الوطن واقتصاده، ولن نتحدث بشكل عاطفي عن وطن تبنيه سواعد وفكر أبنائه، وإنما بصورة واقعية بهمّة وإرادة حقيقية لتطوير القدرات والقيام بالواجبات والمسؤوليات تجاه الوطن وتنميته، أتمنى أيضا أن تسهم هذه الحملة في تصحيح أوضاع الجميع وتكون بداية حقيقية للعمل وليس لتحدي وفرض القوة والترهيب بالغرامات والسجن يجب أن تكون هناك قناعة من قبل الجميع بتأثيرها الايجابي.