تحدث عدد من الاساتذة الباحثين في المسرح الجامعي في ندوة النقد المسرحي المغربي المنظمة على هامش فعاليات المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بعاصمة المغرب الاقتصادية الدارالبيضاء ولاحظ الاستاذ حسن اليوسفي في مداخلة له حول (النقد المسرحي بالمغرب بين سؤال الثقافة وسؤال الابداع) ان النقد المسرحي لايمكن ان يزدهر الا في محيط يطبعه الاختلاف والدينامية ولا تهيمن فيه سياسة التوافقات التي (تحول دون ميلاد النقد بقدر ما تفرز افعالا وردود افعال وتتغاضى عن ذكر القبيح وتعرية الرديء). معتبرا ان (ارتهان السياسي بالثقافي الى حد الاستحواذ يعتبر من الاسباب المباشرة في تراجع الممارسة النقدية المسرحية).. مشيرا في نفس الوقت الى وجود عوامل خارجية يصعب على اي ثقافة تحصين نفسها منها مثل طغيان قيم الاستهلاك والنزاعات الفردانية التي ادت الى نوع من الانتكاس والخمول واظهار الثقافة التي اصبحت غير مؤهلة لمواجهة التيارالجديد. واوضح حسن اليوسفي ان المسرح المغربي يعيش نوعا من الكينونة الهشة التي تدفع الى المدح المجاني بمبرر التحفيز والتشجيع لاعمال هزيلة تستحق في الواقع نقدا بناء للحد من انتشارها ولتقويم اعمال منتجيه. واشار الى ان الهشاشة تبدأ من مرحلة الابداع اي الكتابة المسرحية وان النقد لايمكنه ان يزدهر في غياب نصوص ومنشورات مسرحية وان النقد الجيد لايمكن ان يتوافر في غياب ابداع جيد يواجه الممارسة المسرحية ويواجه تجاربها الهزيلة بالصمت المطلق. واوضح الاستاذ سعيد الناجي عند ملامسته موضوع العلاقة المؤسسة بين النقاد والمخرجين المسرحيين من منظور تاريخي ان النقد المسرحي كان في بداياته يهتم بمتابعة العروض المسرحية لكن مع تطور المسرح المغربي الهاوي منه والجامعي والمحترف تراجعت المتابعة النقدية للعروض المسرحية مما شكل خللا وتوترا في العلاقة بين النقد والمسرح. واشار الى ان النقد يشكل جزءا من صناعة الفرجة المسرحية الى درجة يعتبر فيها اي اخراج مسرحي عملية نقدية في الاساس من خلال تفكيك النص وتحليله وتقطيعه مبرزا ان وتيرة الابداع المسرحي تعرف تقطعا وانقطاعا بين مرحلة واخرى ويواجه النقد المسرحي تجاربها الهزيلة بالصمت. ليخلص الى ان هذه الحيثيات خلقت شبه قطيعة بين المبدع والناقد المسرحيين الشيء الذي يجد صداه في هجوم بعض المسرحيين على النقاد واحتجاجهم عليهم مؤكدا في هذا الصدد على ضرورة التفكير في السمو بالابداع المسرحي من اجل فرجة مسرحية عالية ومتكاملة تستطيع اقناع الناقد المسرحي واثارة فضوله واستدعاء تفكيره النقدي. واوضح انه مع سمو الفرجة المسرحية لايمكن للنقد الا ان يحافظ على وتيرته بمتابعة اتجاهات المسرح ونظرياته باعتبارها فرجة نقدية محضة تعوض الناقد عن الفرجة المسرحية الهزيلة. من جهتها تناولت الباحثة فوزية لبيض تطور النقد المسرحي المغربي كتابة واخراجا ملاحظة انه يصعب التأريخ له وانه كان في البداية اقل موضوعية وعلمية من اليوم حيث تحول من البحث في الاصول المسرحية في التراث العربي ليهتم فيما بعد بالمشاهد المغربي وبخصوصياته ثم يبحث عن كيفيات تلقي المسرح، مشيرة الى ان المدة الاخيرة تميزت بظهور كتابات جامعية تسعى الى الموضوعية والعلمية الصارمة من خلال استخدام مجموعة من المصطلحات والمفاهيم ذات دلالات مضبوطة. وتعرض الاستاذ خالد امين الكاتب في قضايا المسرح لموضوع (الهجنة) في المسرح المغربي ووصلها باشكالية التأصيل واستلهام التراث مبرزا ان حركية الممارسة المسرحية المغربية ارتبطت منذ البدء بالتعامل مع النص الآخر اي الاجنبي عبر موضوع الاقتباس والاستثبات والمغربة مما جعل مشاريع التأصيل كالاحتفالية تؤكد على النص المغربي، مضيفا ان اعداد الممثل وادارته كهاجس تأصيلي يظل غائبا تماما عن المشاريع الاحترافية في المجال المسرحي المغربي متسائلا في الوقت ذاته عما اذا كان هناك اشتغال على مستوى التأصيل او البحث في السلوكات الفرجوية المغربية وعما اذا كان هناك عمل ميداني يرصد السلوك الفرجوي والمعالم التعبيرية القبلية في الحلقة وفي غيرها من الفرجات المغربية المتأصلة في الوجدان المغربي. ونفى في هذا السياق وجود مشروع يؤصل او يبحث في هذه السلوكات الفرجوية المغربية في علاقتها مع الممثل كحضور فوق الخشبة. واستنتج الباحث المسرحي انه من الصعب الحديث عن مدارس مسرحية مغربية تمنح تجاربها اساسا من اشتغال دائم مع الممثل كما هو الشأن بالنسبة لستانيسلافسكي وماير هولد وبرشت وغرتوفسكي وباربا، مؤكدا ان مقولة المفكر المغربي عبدالله العروي (ان انكار الثقافة الغربية لا يستطيع ان يشكل في حد ذاته ثقافة والرقص المسعور حول الذات المفقودة لن يجعلها تنبعث من رمادها تضعنا امام انجع سبل المصالحة مع ذاتنا الفرجوية وجسدنا المسرحي برمته) مشيرا الى انها تنتقد بحدة المشاريع الثقافية التي يغيب فيها الوعي التاريخي.