قبل الحملة التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد الإرهاب بعد أن أصيبت بجراح لم تندمل بعد في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر الفائت كانت المملكة أول دولة في العالم دعت لمحاربة تلك الظاهرة الخطيرة من خلال دعوتها الصادقة لعقد مؤتمر عالمي لوضع استراتيجية دولية موحدة لمكافحة الإرهاب واحتوائه واجتثاثه من جذوره وهي دعوة لا تجيء في أعقاب عمليات إرهابية إجرامية وقعت تفاصيلها في مكةالمكرمةوالرياض والخبر فحسب بل تجيء انسجاما مع مبادىء العقيدة الإسلامية السمحة التي تتخذ منها المملكة منهجا وحيدا لتحكيمه في كل أمورها وشؤونها وهي تنبذ الظلم والجبروت والفساد في الأرض والتخريب والتدمير وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق, وتلك الظاهرة تشيع تلك المسالك الدنيئة وتحض على ارتكابها. إن موقف المملكة من الإرهاب واضح وصريح لا لبس فيه ولا غموض وهو موقف معلن منذ أمد بعيد وغير مرتبط بزمن معين أو حدث معين فهو يستقي قوته وديمومته وثباته من كتاب الله الشريف، وثوابت المملكة الراسخة التي لها ارتباط جذري بالعقيدة الإسلامية. والمملكة تضررت من ظاهرة الإرهاب قبل أن تتضرر منها كثير من دول العالم وعلى رأسها الولاياتالمتحدة فالظاهرة بكل أشكالها وألوانها ودوافعها لا وطن لها ولا دين ولا جنسية والهم الأكبر لمرتكبيها هو الإفساد في الأرض وإشاعة الدمار والخراب وقتل الأرواح وتخريب الذمم والتغرير بالشرفاء, وتلك مسالك نهت عنها مبادىء العقيدة الإسلامية وحذرت من مخاطرها الوخيمة على حياة المجتمعات البشرية, وليس من المنطق في شيء أن تزج المملكة في دائرة تهم هي بريئة منها فهي غير مرتبطة بأي شكل من الأشكال بتلك العصابات المجرمة الحاقدة على المملكة وعلى الإسلام والمسلمين. إن من غير العدل والإنصاف وإحقاق الحق أن تتهم المملكة من قبل بعض الوسائل الإعلامية الغربية برعاية الإرهاب واحتضانه لمجرد أن بعض رعاياها غرر بهم للانخراط في سلك تلك العمليات الدنيئة, فتلك الوسائل المغرضة تعلم علم اليقين أن تلك الظاهرة لا جنسية لها ولا دين ولا وطن, وبالرجوع إلى العمليات الإرهابية الكبرى في العالم يمكن الوقوف بسهولة على تلك الحقيقة، فمن دبر لها وخطط ونفذ لا ينتمون إلى الجنسية السعودية ولا ينتمون إلى الإسلام فمن أين جاءت تلك الوسائل بتلك التهم التي ألفتها جزافا فثوابت المملكة الراسخة تدين أي عمل إرهابي أيا كان مصدره وجنسيته ومرتكبوه، وتعلم تلك الوسائل يقينا أن المملكة هي أول دولة أدانت العمل الإرهابي الشنيع الذي وقع في واشنطن ونيويورك في الحادي عشر من سبتمبر الفائت. ولعل تلك الوسائل المغرضة تلقت صفعة لا يمكن الاستهانة بمردودها من الإدارة الأمريكية نفسها، حيث صرح الرئيس الأمريكي فور قراءاته لتلك الادعاءات بأن تلك التهم إنما تعبر عن وجهة نظر أصحابها ولا تعبر عن وجهة نظر الحكومة الأمريكية وإزاء ذلك فإن تلك التهم فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أغراضها التي كانت تعتقد أنها ستكون (خافية) عن العالم كله وهي احداث شرخ حقيقي وكبير في جدار العلاقات السعودية/ الأمريكية وقد رجعت تلك الوسائل الإعلامية من مهمتها الفاشلة بخفي حنين، فلا هي استطاعت جذب قناعة الإدارة الأمريكية بتورط المملكة في تلك العمليات الإجرامية من جانب ولا هي استطاعت من جانب آخر أن تفصم العلاقة الوطيدة التي تربط بين الرياضوواشنطن. وخلاصة القول إن المملكة تنتهج في مسالكها الصائبة لمكافحة الإرهاب منهجا إسلاميا لا يأتيه الباطل من أي جهة. منهج يدعو إلى الخير والصلاح وعمارة الأرض وبسط عوامل السلام والأمن والطمأنينة بين المجتمعات البشرية ويحرم الظلم والبطش والقهر والتخريب وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ولن تحيد المملكة مهما تعالت أصوات الحاقدين والمرجفين عن هذا النهج القويم قيد أنملة.