ليس السفير في نظري من تكلفه الدولة السفر في امورها السياسية الى دولة اخرى، بل السفير هذا المواطن العادي الذي يسافر في اصقاع الارض فيحمل معه بلاده في تضاعيف نفسه. قد يتوهم انسان انه في خضم لجة البشر غير ملتفت اليه وانه قشة في مهب الريح لا يكاد يلاحظها احد من العابرين، ولكن الامر خلاف ذلك، فعلى الرغم من ان الناس في تسابق كأنهم الى نصب يوفضون فان لهم اعينا تبصر وآذانا تسمع والبابا تعقل، ومن اجل ذلك فان كل ما يصدر منك ايها المسافر ملاحظ مدرك، والمشكلة التي تلتبس بذلك ان تصرفاتك وسلوكك تعد في نظرهم انموذجا لسلوك جميع ابناء وطنك. ان التعميم في الاحكام خطأ بشري قل من ينجو منه ولذلك نجد اننا نحكم على غيرنا بأحكام لا تثبت عند التدقيق. والاخلاق في اصقاع الارض متباينة تأخذ روافدها من منابع دينية ومن اعراف اجتماعية، فما هو مصادم للاخلاق في بلد قد يكون امرا مقبولا في بلد آخر. ولكن التصرفات المستهجنة التي لا يكاد مجتمع من المجتمعات يقبلها هي تلك التصرفات التي تزعج الاخر او تناله بسوء او تعتدي على حقه المشروع. ومن الناس من يتصرف دون ان يعي ما يفعل وهو غافل عن نفسه وعن من حوله. كنا في مطعم المستشفى واذا بغير واحد من اخواننا السعوديين يرفعون اصواتهم بالهيجنة كأنهم يحدون ابلهم في الصحراء، قد يكون هذا مقبولا في حديقة واسعة او في طريق عامة. وبعض ابناء وطننا تراهم يثيرون الجلبة والضوضاء متى اجتمعوا، والملاحظات التي يمكن ان ترصد على تصرفات ابناء الوطن كثيرة منها ما يمكن ان يقال ومنها ما نستحي من ذكره. وانك تجد في المقابل منهم من يرفع رأسك وتحسه من خيرة السفراء لوطنه في البلاد التي يزورها. ولاشك أن وطننا ومجتمعنا يقتضي منا ان نسلك السلوك المقبول وان نتكلف ذلك ونصبر عليه، لان سمعة بلادنا تهمنا جميعا. فهلا نتعلم كيف نكون سفراء لبلادنا بأن نتعلم ان نتعرف على البلاد التي نزورها قبل السفر اليها لندرك مفاهيم الاخلاق فيها فلا نصادم شيئا منها متعمدين ما استطعنا الى ذلك سبيلا، وانا على ثقة ان اخطاء بعض بني وطني غير متعمدة بل كانت لجهل بعادات القوم. ومتى جعلنا وطننا بين اعيننا كان ادنى الى حسن السفارة له.