قبل الدخول في الحديث عن كتاب (ذاكرة المغلوبين) نقف قليلا أمام المؤلف وهو باحث معروف نذر نفسه لدراسة التاريخ والميثولوجيا وخاصة الفلسطينية واليهودية والعلاقة بينهما كما كشف الكثير عن زيف الاساطير اليهودية التي قامت على اساسها اسرائيل.. وفي هذا الكتاب يواصل فيصل دراج جهوده في تقديم دراسات لنماذج عايشت مراحل مختلفة من الصراع الفلسطيني الصهيوني بعض هذه الدراسات كما يقول: تحية وان شابها النقد لاسماء مارست الثقافة من وجهة نظر الحقيقة وكتبت عن الحقيقة من وجهة نظر فلسطين.. وحدد دراج في كتابه معايير اختيار الاسماء التي يقاربها في رحيلها عن الحياة، حضورها المعنوي والفكري المستمران في الذاكرة الفلسطينية والتزامها بالعمل الوطني، ووحدة النظروالعمل والحضور العربي المحدد اومر الواسع.. ويبدأ الكتاب الذي ينقسم الى قسمين: الاول يحمل عنوان (الهزيمة والصهيونية في الخطاب الادبي)، والثاني يحمل (الهزيمة والصهيونية في الخطاب الفكري).. باضاءة اولى تتناول اشارات تاريخية عن ولادة اسرائيل وقراءة المثقف الفلسطيني للصهيونية، والصهيونية في قراءات المنفى.. وفي القسم الاول (الهزيمة والصهيونية) يتناول اربع شخصيات هي: جبرا ابراهيم جبرا ويطلق عليه الفلسطيني الذي لا يهزم في الثقافة، وغسان كنفافي: الفلسطيني المقاتل وفتنة المنتصر.. ثم اميل حبيبي: ذاكرة المخذول وكتابه اليأس.. واخيرا معين بسيسو: فلسطين المنتصرة في الوعي الايماني. الاول عشق فلسطين وكان مشغوفا بها وصاغ بداخله فلسطينيا متخيلا يحمل انتصاره بداخله ولا يحتاج الى خارج فهو مقاتل في سبيل الخير وان الخير منتصر به، ويرى المؤلف الا احد نظر الى فلسطين كما فعل جبرا ولا احد اولها على طريقته. اما الثاني فقد ترك اليهودي معلقا في فضاء الشر واطمأن الى عودة وشيكة لا نقصان فيها غير انه كان منشدا الى معنى الانسان والى وجود بدا ناقصا. ويعتبر فيصل دارج ادب غسان ذاكرة وطنية والذاكرة ليست وطنا. وعن اميل حبيبي يقول المؤلف انه كتب الرواية عن عفو الخاطر دون ان يقصد سبيلها او كان عارفا بها، فقد عاش تجربة وطن ينطفئ امام عينيه وتجربة صحفية واسعة الامتداد.. وقدم دراج تحليلا للمشاكل. اما معين بسيسو فهو شاعر اراد ان يقول كل شيء وكانت قصيدته تحريضية او احتفالية وخلق في قصيدته الصادقة السياق الذي اراده. القسم الثاني من الكتاب جاء تحت عنوان "الهزيمة والصهيونية في الخطاب الفكري" فقد تناول مجموعة اخرى من الشخصيات ربما لا تكون قد حظيت بشهرة كبيرة وهي: اسحاق موسى الحسيني: هامش فلسطين في عالم الاكاديمي السعيد، ومحمد عزه دروزه: فلسطين المنتصرة في الاصل المنتصر، وخليل السكاكين: الوعي الوطني في وطن يتداعى، ونجيب نصار: المثقف الوطني بين الوطن المهزوم والمتزعم المنتصر. ثم روحي الخالدي: البداية الوطنية المتعثرة.. وينتهي الكتاب باضاءة ثانية تحت عنوان: في الهوية الوطنية الفلسطينية يشير فيها الى ان افق الهوية الثقافية الفلسطينية يتحدد بقدرتها على اكراه المنظور الثقافي الاسرائيلي على تغيير عناصره وغاياته اي التحرر من الزمن القديم الذي ولد فيه. @ الكتاب: ذاكرة المغلوبين.. الهزيمة والصهيونية في الخطاب الثقافي الفلسطيني @ المؤلف: فيصل دراج @ الناشر: المركز الثقافي العربي بيروتالدار البيضاء @ الصفحات: 256 قطع وسط.