يواجه الرئيس النيجيري أولوسيجون أوباسانجو إفلاسا سياسيا في الوقت الذي يتنامى فيه الشعور بالاحباط في البلاد بسبب عدم وفائه بوعوده وتتزايد الدعوات المطالبة باستقالته. وكان أوباسانجو، الذي انتخب رئيسا لنيجيريا قبل ثلاث سنوات بعد 15 عاما من حكم الجيش، قد وعد بمكافحة الفساد واستغلال السلطة وإصلاح النظام السياسي والاقتصاد وإحلال الاستقرار في البلاد. كما عرض أيضا رؤية لتعايش سلمي بين القبائل الكثيرة في نيجيريا. لكن الان وقبل عام من الانتخابات المقبلة، يبدو أن الرئيس سيضطر لفقد الامل في تحقيق وعوده بعد أن أصبح شعب أكبر دولة أفريقية من حيث تعداد السكان وعددهم 120 مليون نسمة أكثر فقرا وأسوأ حالا عن ذي قبل. وطبقا لاحصائيات البنك الدولي، فإن 70 بالمائة تقريبا من سكان نيجيريا يعيشون تحت خط الفقر ويقل متوسط دخل الفرد منهم عن دولار واحد يوميا. وتصنف نيجيريا ضمن أفقر 20 دولة في العالم رغم عائداتها من النفط والتي بلغت 280 مليار دولار تقريبا خلال السنوات الثلاثين الماضية. من ناحية أخرى، تسبب ارتفاع معدل التضخم وعبء الديون الخارجية التي تبلغ حوالي 27 مليار دولار في تفاقم الوضع في نيجيريا. كما أن سمعة البلاد السيئة كوكر للجريمة والفساد تجعل المستثمرين الاجانب يعزفون عن الاستثمار فيها. إلا أن الاحباط ينبع من مشكلات أخرى أيضا. فقد قتل عدد من الناس في نيجيريا خلال ثلاث سنوات فقط من حكم أوباسانجو، يزيد على عدد القتلى من النيجيريين طوال فترة الحكم العسكري للبلاد. وشهد عهد أوباسانجو مقتل 10 الاف شخص في نزاعات عرقية أو دينية. وكتبت صحيفة الجارديان النيجيرية "حكم هذا البلد مثل الرقص فوق فوهة بركان"، حيث أن هناك 250 قبيلة مختلفة تعيش في البلاد الممتدة من مناطق صحراوية في الشمال إلى مناطق غابات في الجنوب. كما أنها دولة تعاني بصورة متزايدة من الانقسام بين الشمال الذي يهيمن عليه المسلمون والجنوب ذي الاغلبية المسيحية. فقد دفع المدرس أوباسانجو، الذي دعا الناس إلى مناداته بلقب "العم شيج" بدلا من "الجنرال" عندما تولى منصبه الرئاسي، بقوات الجيش لاخماد العنف مما أسفر عن مقتل مئات من المدنيين. وعلق صحفي في أبوجا على الوضع في بلاده قائلا "الحياة كانت أفضل تحت حكم الجيش .. على الاقل كان لدينا شيء نأكله آنذاك". وقبل أقل من عام من خوض أوباسانجو انتخابات الرئاسة لاعادة انتخابه، تتزايد النداءات المؤيدة لتولي الجيش حكم البلاد مرة أخرى ويبدو أن بعض الجنرالات يستعدون لتلبية النداء. ويعتبر إبراهيم بابانجيدا، وهو حاكم عسكري سابق لنيجيريا خلال الفترة من 1985 حتى 1993، أقوى المنافسين. وكان بابانجيدا قد دعم ترشيح أوباسانجو للرئاسة، إلا أنه نأى بنفسه عنه بعد ذلك. ويطالب أنصار بابانجيدا منذ أمد بعيد بالاعتراف بهم كحزب سياسي. وكان أوباسانجو قد رفض يوم الاربعاء الماضي اقتراحا تم طرحه في مجلس النواب يطالب باستقالته أو اتهامه بالتقصير في أداء عمله ومن ثم إقالته. وقال صحفي أبوجا "الدعوة لاتهام أوباسانجو بالتقصير لن تؤدي على الارجح إلى أي نتيجة .. لكنها البداية في حملة مناهضة له قبل الانتخابات المقبلة". ويخشى مراقبون سياسيون في ضوء تزايد الاضطرابات من تعرض استقرار دولة كبيرة في مساحة نيجيريا للزعزعة. وليس هذا فحسب. حيث يخشى المراقبون أيضا من أن يكون انهيار نيجيريا، التي توصف دائما بأنها الدولة الافريقية الرائدة، مقدمة لانهيار دول أخرى.