يشطب الخطاب الأمريكي بجرة قلم جهدا دوليا استمر لأكثر من عقد زمني، بدأ بانعقاد مؤتمر مدريد عام 1991م، الى السقاء الرئيس الأمريكي جورج بوش لخطابه عن خطة السلام في الشرق الأوسط عام 2002م. فضاعت كل الاتفاقيات المبرمة السرية والعلنية بالالغاء، وتعطلت قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقضية الفلسطينية بالتجميد.. فدخلت الأرض المحتلةالفلسطينية في انعدام الوزن السياسي بغياب المواجهة بالحوار وقيام المجابهة بالسلاح في ظل اختلاف معدلات القوة التي تعطي اسرائيل التفوق بقدراتها العسكرية على الكفاح الوطني الفلسطيني الذي يحارب بأظافره تارة برمي الحجارة وتارة بالسلاح الخفيف المتوفر عنده وتارة ثالثة بقتل النفس في سبيل الوطن ألا وهي العمليات الاستشهادية وهم يسمونها العمليات (الارهابية) لأنها تفزع اسرائيل وتقلق امريكا وتقلب موازين القوى بجعل احتمالات الانتصار للضعيف على القوي، فجاء الخطاب الأمريكي ليعدل موازين القوى ليحقق القوي الانتصار على الضعيف تفسير الخطاب الأمريكي لخطة السلام في الشرق الأوسط بهذا الفهم المرتبط بانعدام الوزن السياسي في منطقة الصراع بين الكفاح الوطني الفلسطيني وبين الاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي، نجد الخطاب يرمي بعمومياته في المعالجة الى ادخال الاقليم تحت مظلة الفراغ السياسي ليعطي رئيس الوزارة الاسرائيلي اريل شارون قدرة مطلقة على التحرك السياسي تحت شرعية زائفة تستند الى رفض الفلسطينيين تنفيذ المطلوب منهم بإعادة انتخاب قادتهم واقامة الاصلاحات السياسية في مؤسساتهم مقابل وعد (بشبح) دولة مؤقتة تضاف الى الوعود (العرقوبية) السابقة تجعل احتمالات استمرارها اقل بكثير من احتمالات الغائها بجرة قلم امريكي ليكرر من معاناة الفلسطينيين بالاتفاقات والقرارات الملغية، التي يخوفني التعامل معها برؤى فلسطينية متعددة احتمالات الصدام الفلسطيني الفلسطيني، خصوصا بعد ان اعلن مايكل جرسون الذي قام بصياغة الخطاب بتكليف من الرئيس الأمريكي جورج بوش وبمباركة رئيس الوزارة الاسرائيلية اريل شارون بأن الصدام بين الفلسطينيين يمثل هدفا يحرض عليه بصورة خفية "بين السطور" الخطاب الأمريكي لانها لو حدثت كما حدثت في الماضي لقضت على العمليات الاستشهادية في الأوساط المدنية الاسرائيلية وهذا يدعونا الى مطالبة الفلسطينيين بعدم الانزلاق في الصدام فيما بينهم ويوحدوا جهودهم مهما اختلفت رؤاهم السياسية في الكفاح الوطني بالعمليات الاستشهادية دون الاعلان عن القائمين بها لتظل اسرائيل تدور في حلقات مفرغة بغياب الأمن بها حتى يثبت لها ان الوصول الى الأمن لا يتم الا بالانسحاب الكامل من كل الاراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ سنة 1967م. ان العالم العربي يقف ضد العنف والارهاب الذي تمارسه اسرائيل من اجل الاحتفاظ بالاراضي التي تحتلها ويقف في نفس الوقت مناصرا ومؤازرا للكفاح الوطني الفلسطيني في سبيل تحرير ارضه واقامة دولته والحصول على كامل حريته واستقلاله، وهو موقف يستند الى احكام القانون الدولي العام التي تحرم بصورة قاطعة احتلال ارض الغير واخضاعها للاستعمار الذي يفرض الحكم الأجنبي على المواطنين في هذه الأرض، وتبيح وتدعم كل اعمال الكفاح الوطني وتصفه بالعمل الشرعي لأنه يستهدف الخلاص من الاستعمار وما يترتب عليه من قهر للمواطنين خصوصا لو جاء في شكل استعمار استيطاني يبعد "أهل البلد" عن ارضهم ويوطن الوافدين اليها بها، وهي السياسة التي تمارسها اسرائيل بالقوة عن طريق بناء المستوطنات "المستعمرات" اليهودية فوق الاراضي الفلسطينيةالمحتلة بدعم من امريكا التي لم تطالب "وقف" بناء المستوطنات فورا، وانما طالبت "بتوقيف" بنائها اذا استجابت السلطة الوطنية الفلسطينية لمطالب امريكا بالاصلاحات في مؤسساتها، وقبل الشعب الفلسطيني اختيار رئيسا آخر غير ياسر عرفات، وامتنع الشباب الفلسطيني عن مواصلة العمليات (الانتحارية) في الاوساط المدنية الاسرائيلية وهي كلها شروط تعجيزية غير قابلة للتطبيق العملي بعوائق الحرب الدائرة، ولرفض الشعب الفلسطيني لها لما في هذه الشروط من مساس بكرامته، وتجريده من حقه في الكفاح ضد الاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي لبلاده. وضوح الموقف العربي مع الحق الفلسطيني الذي تحدثنا عنه، يتعارض مع الموقف الأمريكي مع الباطل الاسرائيلي الذي جعل البيت الابيض والكونجرس ومجلس الأمن القومي والاعلام وجماعات الضغط المختلفة وما يرتبط بها من مراكز صناعة واصدار القرارات تنادي جميعها بحتمية التغيير الجذري في فلسطين قبل البدء في الحديث عن المفاوضات السلمية وقيام الدولة الفلسطينية وهو تفكير عقيم يلغي مقدمات الكفاح ولا يقدم الضمانات بالنتائج السلمية.