اشاد الدكتور احمد عبد الحليم سفير السودان في مصر ومندوبها الى الجامعة العربية بمواقف المملكة العربية بمواقف السعودية تجاه السودان ونوه بتصريحات صاحب السمو الملكي الامير عبد الله بن عبد العزيز بشأن اعراب سموه عن مباركة المملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك فهد ابن عبد العزيز وحكومته للاتفاق الذي توصل اليه ابناء السودان لانهاء حلقة الصراع المفرغة وكان نائب خادم الحرمين الشريفين قد اعلن استعداد حكومة خادم الحرمين الشريفين للمساهمة في تنمية جنوب السودان على ان يترك للسودانيين تحديد التوقيت ونوعية المشروعات. جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها معهد الاهرام الاقليمي برئاسة اسامة سرايا مدير المعهد ورئيس تحرير الاهرام العربي الاحد 11 اغسطس 2002 لمناقشة مبادرة الايجاد والتي شارك فيها شول دينق لواك وزير الدولة السوداني للشئون الخارجية وجورج كوج ممثل مكتب الحركة الشعبية لجنوب السودان في مصر والشرق الاوسط. وممثلين عن الاحزاب السودانية الموجودة في مصر ولفيف من رجال السياسة والاعلام والمهتمين بالشأن السوداني. وفي البداية تحدث الوزير السوداني شول دينق مؤكداً بأنه لفهم الواقع الراهن داخل الاراضي السودانية فانه من الضروري الرجوع الى الخلفية التاريخية لمعرفة انه لا توجد مشكلة بدون سبب فمبدئياً لا يمكن التسليم بأن الحركة الشعبية كانت لقيطة النسب او انها جاءت من فراغ، وانما تمخضت عن واقع تاريخي.. ولم تكن الحركة الشعبية في يوم من الايام تنادي قط بتجزئة السودان وتقسيمه وانما كانت دوماً تطالب بوحده كل السودان وليس بجنوبه، وعليه فقد تم تحديد الهدف منذ البداية بأن قضية الحركة ليست قضية بين الجنوب والشمال السوداني وانما هي قضية بين مناطق مهمشة واخرى غير مهمشة، وهي قضية بين قلة تستأثر بالسلطة والثروة وبين غالبية مطحونة.. ومن هنا كانت فلسفة الحرب التي خاضتها الحركة الشعبية من اجل محاولة حصار هذه المجموعة الصغيرة المستحوذة على السلطة والثروة، ولم تكن قط هذه الحركة عنصرية او دينية. من اجل كل ذلك كانت هناك حتمية للحركة العنيفة لضرب كل محاولات الفصل بين حقوق المواطنين، ولكن مع ذلك كانت الحركة الشعبية متنكرة تماماً ورافضة أي فكرة للانفصال عن السودان.. من منطلق لماذا نقبل بجزء من السودان ولا نطمع ان يكون لنا كل السودان؟ وحول اهمية الوحدة السودانية قال الوزير السوداني.. لقد حدثت محادثات كثيرة، وشهدت تغيرات ايجابية كثيرة في فكر الحكومة الحالية التي يختلف فكرها كثيراً عن النخبة التي حكمت السودان منذ 1989.. فمنذ 1998 والجميع يلاحظ زيادة نسبة المساحة الموجودة للحريات وصدور دستور 98 الذي سمح بقيام احزاب وملازمة ذلك لمتغيرات كثيرة منها الداخلية والاقليمية والدولية ففيما يتعلق بالمتغيرات الداخلية فقد بدأ السودان يشهد طفرة وتحسن في احواله الاقتصادية من خلال اقامة المصانع وشق الطرق والتنقيب عن البترول، وهو ما ساعد نوعاً ما على استقرار الاوضاع الداخلية في السودان.. اما على المستوى الاقليمي فقد حدثت بعض المتغيرات منها تحسن العلاقات السودانية بدول الجوار، وايضاً تحسن واضح في علاقات السودان بالاتحاد الافريقي فضلاً عن ذلك التحسن الملموس في العلاقات المصرية السودانية وان كانت لا تزال بعيدة عن طموحات الشعبين المصري والسوداني. اما فيما يخص المتغيرات الدولية فقد بدأها السودان بالحوار مع اوروبا ومناقشة عمليات عدم التفاهم التي كانت سائدة ما بين الطرفين.. ايضاً قام السودان باجراء حوار مع الولاياتالمتحدةالامريكية، ونتج عن ذلك قيامها بجهود ساعدت كثيراً في احياء مبادرة الايجاد وتفعيلها، كما ان المجتمع الدولي اقتنع بجدية الحكومة السودانية في الوطن العربي. وحول المبادرة الليبية المصرية المشتركة قال الوزير السوداني بأن الحكومة السودانية قد وافقت عليها دون أي تحفظ ثم طالبت راعيا المبادرة في ليبيا ومصر الاسراع بالاجراءات التي تؤدي في النهاية لتنفيذ اهداف هذه المبادرة، ومن هنا استغلت امريكا هذه المساحة لتلعب دورها في احياء مبادرة الايجاد ونجحت في تحقيق ذلك. ويضيف الوزير السوداني بانه اذا كانت الولاياتالمتحدةالامريكية قد انفردت بتفعيل دور مبادرة الايجاد الا انه تظل المبادرة الليبية المصرية المشتركة مع الارادة الداخلية وتحركات قادتها وتوجهاتها اقليمياً.. اساس ما وصلت اليه الامور حالياً وما نتج عنها من معالجة لبعض القضايا الرئيسية مثل قضية علاقة الدين بالدولة بحيث يمنح الحق لجنوب السودان في الاختيار والقضية الثانية هي نوعية التشريع ثم تأتي بعد ذلك ما تم الاتفاق عليه من وجود فترة انتقالية لمدة 6 سنوات تسبقها فترة 6 شهور يتم خلالها الاعداد للهياكل التي تحتاج اليها الفترة الانتقالية. وفي النهاية اكد الوزير السوداني بانه قد حان الوقت لكي يرتقي الصراع من الجغرافي القبلي العنصري الى تحد لمعوقات التنمية في السودان. ثم جاءت كلمة الدكتور احمد عبد الحليم سفير السودان بالقاهرة موضحاً بأنه كان يتمنى لو ان هذه المبادرة خالية من أي فرصة احتمال ولو 1% تضع علامة استفهام حول مصير وحدة السودان. ومشيراً ايضاً الى حقيقة هامة في انه لو لم يتم التوصل الآن بالتحديد الى هذا الاتفاق فلربما كان الجميع سيجدوا انفسهم امام تقسيم واقعي للسودان عبر الحرب.. حيث كانت هناك توجهات فعلية نحو اصدار عملة خاصة بجنوب السودان وبنك خاص بهم، وكان مقرر تنفيذ كل ذلك خلال شهر اغسطس الحالي 2002 بدعم من بعض المؤسسات والاطراف الخارجية.. وقال السفير احمد عبد الحليم انه لا يمكن لاحد ان يغفل بأنه كثيراً ما كان يدور الحديث عن وحدة السودان، ومع ذلك ظل ذلك بعيداً عن التحقيق على ارض الواقع بما يخدم القضية. وهو ما كان يتطلب ضرورة التركيز على مجابهة المشكلات وحلها حلاً عادلاً بدلاً من التعبيرات التي لا تدل سوى على ضيق الصدر. واضاف السفيرالسوداني بالقاهرة الدكتور احمد عبد الحليم بأنه قد جاءت الفرصة للحالمين حقاً باقامة نظام عادل وتحقيق الوحدة للسودانيين والمشاركة في السلطة والثروة مشيراً في ذلك الى رفضه العميق لاي تشكيك في وطنية الجنوبيين بل كانوا دوماً الاكثر حرصاً على وحدة التراب السوداني والدلائل التاريخية تؤكد ذلك منذ ثورة الابيض 1924 التي كانت تنادي بوحدة السودان. هذا وقد اثنى السفير السوداني على حركة مصر وقيادتها وزعيمها مبارك في الحرص على وحدة السودان وسلامة استقراره.. كما ان اشادة الدكتور احمد الحليم سفير السودان بالقاهرة بمواقف سمو ولي عهد المملكة العربية السعودية الامير عبد الله بن عبد العزيز الذي سارع بمباركة الاتفاق الذي توصل اليه السودانيون لانهاء حلقة الصراع معرباً سموه عن استعدادات حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المساهمة في التنمية السودانية على ان يترك للسودانين تحديد التوقيت ونوعية المشروعات اللازمة لهم وقد اكد السفير السوداني بان هذا هو العهد دائماً بمواقف حكومة خادم الحرمين الشريفين التي كانت دوماً لها اياد بيضاء في مساندة الشعب السوداني. ومن ناجية اخرى فقد اوضح السفير السوداني بأن الاجتماع الوزاري الذي سيعقد في جامعة الدول العربية خلال سبتمبر القادم سوف يستعرض موقف الصندوق العربي لدعم السودان لتنمية جنوبه والذي صدر به قرار في قمة بيروت خلال مارس الماضي. وفي اجتماع سبتمبر القادم سوف يعرض السودان على الدول العربية ما تم بشأن اتفاق السلام في السودان ونوعية المشروعات اللازمة لازالة اثار الحرب واقامة التنمية بين الجنوب والشمال. وبعد ذلك تحدث جورج كوج ممثل مكتب الحركة الشعبية لجنوب السودان في مصر والشرق الاوسط مؤكداً بأن الحركة الشعبية والحرب بين السودانيين كانت وليدة شعور الجنوبيين بالظلم الواقع عليهم وحرمانهم من التنمية.. ولكن لم تكن هذه الحرب في يوم من الايام لهدف الانفصال لذات الانفصال. واستنكر كوج الاصوات التي تروج الى ان حركة الجنوبيين تحركها اصابع خارجية واسرائيلية بالذات مؤكداً على ان ذلك لم يحدث ولكنه غير مستبعد ما لم تتدخل الدول العربية وتساعد بالتواجد في جنوب السودان وملء الفراغ والمساهمة في عملية التنمية لابناء الجنوب المحرومين من الرعاية الاجتماعية والصحية، وهذا وحده الذي سيكون قادراً على قطع الطريق امام أي تواجد اسرائيلي في جنوب السودان.