أثار وفد من الاستخبارات المصرية يزور السودان حالياً مخاوفه من تأثير انفصال جنوب البلاد عبر الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم المقرر بعد أكثر من شهر على حصة مصر من مياه النيل، وطالب بضمانات من الشمال والجنوب لعدم تعديل اتفاق اقتسام المياه بين الخرطوموالقاهرة الموقع قبل 51 عاماً، في مقابل حوافز إلى شطري السودان. وأجرى وفد مصري رفيع المستوى من الاستخبارات ضم عدداً من المسؤولين بينهم خالد العرابي ومسؤول ملف السودان حاتم باشات، محادثات منفصلة في الخرطوم مع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ومساعد الرئيس نافع علي نافع، وقيادات من «الحركة الشعبية لتحرير السودان» شملت وزيري السلام والتعاون الإقليمي في حكومة الجنوب باقان أموم ودينق ألور ومسؤول الشمال في الحركة ياسر عرمان. وركزت المحادثات على الأوضاع السودانية وموقف مصر منها وترتيبات الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. وكشفت تقارير أن الوفد الأمني المصري يسعى إلى ضمان من الحكومة في الشمال والجنوب لعدم تأثر حصّة مصر من مياه النيل في حال انفصال الجنوب. ونقل الوفد إلى الطرفين مخاوفه من أن إثيوبيا ستقود دولاً في حوض النيل لإلغاء الاتفاق بين مصر والسودان لاقتسام المياه الموقع في 1959. واقترح الوفد أن تمنح الدولة الجديدة في جنوب السودان حصة من المياه خصماً على دول الحوض مجتمعة وليس السودان ومصر وحدهما. وكان الاتفاق المصري - السوداني الموقّع في القاهرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1959، مكملاً لاتفاق عام 1929 بين دول حوض النيل، ويشمل ضبط كمية مياه النيل الواصلة إلى كل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وتحديداً الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من السدود عليه. كما نص الاتفاق على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي والبالغة 22 بليون متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين بحيث يحصل السودان على 14.5 بليون متر مكعب وتحصل مصر على 7.5 بليون متر مكعب، ليصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 بليون متر مكعب لمصر و18.5 بليون متر مكعب للسودان. وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قال إن تقسيم السودان يبدو محتماً، لأن مسؤولي الشمال والجنوب لم يبذلوا جهداً حقيقياً للحفاظ على وحدة أكبر دولة افريقية. إلى ذلك، وصل إلى الخرطوم أمس وزير خارجية النمسا مايكل اشيند ليفر في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام على رأس وفد رفيع المستوى يضم مسؤولين في الحكومة النمسوية وقيادات من حزب الشعب النمسوي، بجانب خبراء من بعض مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية. وسيرعى الوفد النمسوي محادثات اليوم بين شريكي الحكم السوداني حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان». من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود حامد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد وجاهزية القوات الحكومية ل «دحر وهزيمة كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن». وقال حامد في تصريحات أدلى بها في المركز العام لحزب «المؤتمر الوطني» إن القوات الامنية «على أهبة الاستعداد وفي مقدورها أن تحسم كل من يمس أمن واسقرار البلاد». ولدى رده على سؤال عن تهديد حركات متمردة في دارفور بالعودة إلى الحرب، قال: «الآن الشعب السوداني كله مل الحرب ونحن عملنا حق تقرير المصير لنوقف الحرب في الجنوب وبالتالي لا يوجد أي داع للحرب او الاقتتال في المرحلة المقبلة».