وصف خبراء بقطاع التدوير المنتجات المعدنية والبلاستيكية المستهلكة التي يتم إلقاؤها في النفايات بالثروة، مشيرين الى أنها ذات قيمة مادية تبلغ 30 بالمائة من قيمتها الأصلية ولكن المواطن يهدرها اعتقادا منه بأن لها أضرارا صحية أثناء تجميعها. وأكد مستثمرون في مصانع التدوير والخردوات بالمنطقة الشرقية أن أي مادة مصنعة لها فائدة وقيمة مادية حتى وإن تلفت، وقالوا إن المستهلك يستخدم يوميا العلب المعدنية وأكواب البلاستيك والورق، ولكن هذه المواد لا تجد أي اهتمام فتلقى في القمامة دون جمعها في أماكن مخصصة وبيعها في نهاية الشهر بمبلغ يتراوح بين 500 إلى ألف ريال. وأضافوا «هناك كثير من الأسر لا تهتم بجمع المعادن والمواد التالفة من أجل بيعها والاستفادة منها ماديا، لذلك يجب عليها أن تقوم بجمعها ووضعها في الحاويات التابعة للجمعيات الخيرية الموجودة في الأحياء السكنية لكي يستفيد منها الفقراء على الأقل». وأوضحوا أن الفائدة المادية تكون على حسب نوعية المعدن فإذا تم شراء جهاز تسخين مياه بقيمة 120 ريالا فإنه يباع ب 35 ريالا عند انتهاء عمره الافتراضي وهذا يعني أن المستهلك قد استفاد 30 بالمائة من قيمة هذا الجهاز بدلا من رميه، مؤكدين أنه في الوقت الراهن يتم بيع مخلفات المنازل حديثة البناء التي تشكل ثروة مادية غائبة عن أذهان المواطنين لأنهم لا يهتمون بتاتا لهذه المخلفات كعلب الأصباغ والحديد وكيابل الكهرباء التي لو تم جمعها طيلة فترة البناء، فإنها ستباع بمبلغ يصل إلى 30 ألف ريال. وأوضحت خبيرة تدوير المعادن غدير الجبيلة أنه يمكن للأسر السعودية أن تستفيد من ممتلكاتها كالأجهزة الكهربائية وما شابه بعد تلفها بجمعها في حاويات خاصة وبيعها على المصانع التي تشتري الخردوات. وقالت «لابد على البلدية في الوقت الراهن بتخصيص سلة مهملات خاصه بالأجهزه الالكترونية التالفة»، وكذلك المواد البلاستيكية والأوراق، وغيرها كالزيوت المستخدمة وما شابه ومن ثم تقوم بتوعية المواطنين عن طريق الاعلانات التلفزيونية، ومن هذا المنطلق سيشعر المواطن في نفسه بنوع من المسؤولية، وبالتالي سيتقيد بتوزيع مهملاته على هذا الأساس، أما من ناحية الأسر التي تبحث عن عوائد مالية فهي ستتبنى هذه الطريقة داخل المنزل وتقوم بإيصالها للجهات المختصة بنفسها. وأشارت الجبيلة إلى أن حجم العائد المادي من الممتلكات التالفة سنويا على الأسر سيبلغ 30 بالمائة من قيمة المنتجات المستهلكة، وذلك سيغطي على الأقل تكاليف المعيشة الضرورية مثل المواد الغذائية والفواتير. وأكد الخبير الاقتصادي طلعت زكي حافظ أن مشروع صناعات تدوير المعادن المستخدمة بصرف النظر عن أنواع هذه المعادن في جميع هذه الأجهزة سواء على مستوى المنازل أو المجمعات الصناعية أو التجارية بات ضروريا. وقال حافظ: «يوجد اليوم صناعات تدوير الورق والمعادن، وهذه حقيقة تعد ثروة لبعض الدول الأوربية لأن المادة الخام متوفرة والتي هي كانت مصنعة في السابق واستهلكت بما فيها ما يستخلص من سيارات الخردة للاستفادة من الحديد ومعادن أخرى وإعادة إدخالها للتصنيع مرة أخرى وذلك لعدة اعتبارات أولها اقتصادية من باب توفير ما هو في باطن الأرض من معادن وعدم استهلاكها غير المبرر (الجائر) بهدف الحفاظ عليها للأجيال القادمة، وكذلك التقليل من تكلفة الإنتاج لأن اللجوء إلى استخراج المعادن وتنقيتها يكلف كثيرا». وأكد زكي أن أي آلة تستهلك لها قيمة مادية حتى وإن بيعت بريال على سبيل المثال فهذا المبلغ يعتبر قيمة زائدة على العمر الافتراضي لأن رميها في سلة القمامة يجعل هذه الآله لا تساوي شيئا، مؤكدا أن معظم الآلات والأجهزة لا يعاد تدويرها وإنما يستفاد منها كقطع غيار لأجهزة أخرى تلاشت من الأسواق. وبالنسبة الى العمالة الأجنبية باعتبارها المستفيد الأكبر من الخردوات بالمملكة، قال زكي «لا اعتقد ذلك وبالذات أن هذه العمالة من دول لديها صناعات التدوير، وبالتالي عندما يلجأ بعض العمالة إلى بيع الخردوات وإن كان هذا الأمر غير نظامي، فإنه يعود إلى أنهم اعتادوا في بلدانهم على هذا العمل وكسب العيش منه، ومن هنا نطالب الدولة بوضع تشريعات وقوانين تحكم صناعة التدوير وتعامل الأفراد في تداولها وإيجاد مظلة شرائية تحمي حقوق التعاملين في الخردة. وأوضح خبير الصناعة عبدالله الصانع أن للسكراب أثرا إيجابيا على الصناعة فهو يساعد على تقليل الاعتماد على استيراد المواد الأولية وتوفير فرص صناعية جديدة ووظائف، إضافة إلى المحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة. وقال الصانع: إن الخردوات يتم تجميعها وبيعها على مصانع متخصصة بالجبيل كالحديد والألمنيوم ويعاد تصنيعها مرة أخرى، لذلك إذا جمعت في مكان مخصص بالمنزل بدلا من رميها فإنه بالنهاية يمكن للمواطن أن يستفيد منها ماديا، ولكن للأسف هناك الكثيرون لايهتمون بالمواد المكونة من الحديد أو الألمنيوم ورميها بالقمامة. وأكد الاستشاري والباحث في علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية الدكتور محمد آل محروس أن الكثير من الأسر السعودية - كما هو ملحوظ - تعتمد في وقتنا الحالي (نظرا لتغير نمط الحياة) على الأغذية المعلبة والتي يدخل في تصنيعها مادة الألمنيوم، حيث تُعد كلفة هذه المادة الاقتصادية (بحسب البيانات والمؤشرات المعتمدة من قبل الكثير المؤسسات العلمية العالمية، والتي تجري الدراسات المحكمة في هذا المجال) في الدول المنتجة لها بمليارات الدولارات. وأضاف آل محروس: إن مادة «البوكسيت» الأولية التي تدخل في تصنيع الألمنيوم موجودة في دول معينة كأستراليا وبعض الدول الأفريقية مثل نيجيريا، والتي تعمل على تحويل هذه المادة إلى منتج نهائي باستهلاك طاقة عالية جدا، ولهذا قامت الدول المتقدمة بالتركيز على عمليات التدوير بدلا من تحمل كلفة تحويل تلك المواد الأولية إلى منتج صالح لتخزين الأغذية. وأوضح أن غياب البرامج التوعوية التي تستهدف تثقيف الناس بخصوص أثر تلك المواد المصنعة لعلب الأطعمة، وأهمية فوائد التدوير، يعد أحد العوامل المهمة التي يؤدي الإهمال فيها إلى رمي العلب في النفايات بدون اهتمام، حيث ينعكس تحللها على صحة الأفراد، وخصوصا الأطفال والذي قد يسبب لهم (عند تراكمه في أجسامهم، مع مرور الأيام) إلى فقدان الذاكرة والحركة المفرطة وفقر بالدم وتأثيرات عل المخ والجهاز العصبي (حسب إفادة بعض الدراسات في هذا المجال).