يغيب طويلا، ويفتقده حتى الغياب نفسه .. ولكنه عندما يحضر لابد أن يرقص الجمال فرحا بعودة المبدع هلال المطيري الذي تفوق حتى على نفسه بما أنجزه من قصائد رائعة .. يقول : والله فيك الخير يا جرح الايام والله لا موت وموقفك ما نسيته خاويتني والعمر خمسة عشر عام وش عاد باقي في الوفا ما عطيته يا كبر معروفك ويا كبر الأحلام وفيت معروفك وأنا ما وفيته نعم، الجروح ليست كلها سيئة، والليالي ليست جميعها معتمة.. وإلا ما كان هذا البهاء ليكون : ما زين .. صدور الورق غير الأقلام ولا شين .. لسان الرجا . غير ليته ليتك وهم وأعاملك مثل الأوهام وليتك زعل وأموت أنا ما رضيته تنطق شكوى العليل لليل لا يعرف النوم، دون قصد ممن صدفة البوح وعمدا من بوح الصمت على شفاه ، يبس الالم قبل أن يصلها أو تقوله هي وهو يعتذر : والله ما ني لا انتهى الوقت لوام لكن بكاني خزني اللي بكيته معاهدك باللي ضمن رزق الأيتام لا عطيك اللي بعمرك رجيته حتى خفوق راحت ضلوعه أقسام اخذه .. ان كأنك في محله لقيته ؟! وعندما ينضج بنار الوجدان المتقدة وبلهيب السنين المغرية لكتابة معاناة تليق بتأوهات الفؤاد وكيفية الحضور الشعري بكامل هندامه وحسنه يكون : لك ثلاث أيام في عيونك عتب ريح أهدابك عسى عمرك طويل يمكن اكتب فيك شيء ما أنكتب يمكن أوصل بك حدود المستحيل للإبداع صناعه، مثلما لروائع هلال المطيري تمام الصناعة المطبوعة بفطريته الفذة وما يجعلها تزهو بسنداس لم يوصف بعد واعتقد انه لن يوصف، طالما أن هناك شاعراً يجمع شتات العمر بين أحرف القصيد بكامل الدقة والحرفنة هذه : ليه مختار السكوت .. بلا سبب ؟ لا كلام .. ولا ملام .. ولا دليل لا متى حزنك يجامله الهدب ؟ سولفه والا اتركه دمع يسيل سولفه ما كل صمت من ذهب كم عزيز راح من صمته ذليل تناقضات الفن تتفق على روعة التمكن في هذا النص كصورة روتين الزمن بقلب الشاعر الذي قلب سوداويتها لبياض رهيف الغيم والنسيم هكذا : كن فعل البرد في عمر الحطب مثل فعل العشق فالجسم النحيل لا تعذر الصمت وتلوم الصخب من يلوم الريح في عشق النخيل كم هو جميل ارق العشق ووجعه ينتثر بلسماً وعطراً على أطراف أنامل منجز هذه الرائعة لننحاز نحن لمكامن الذات في ألم يرسمنا ملامح ويكتبنا حقيقة الخيال المتعبة و ( هلال ) يرتبنا داخل أجسادنا دون أن نشعر ودون أن يربك البساطة في تلقائية شاعرها عميقة الإحساس : يا صاحبي والله أن المسألة سهلة : كل واحد شيخ .. صعب تحصل الراعي !! ما يبكي العاقل الا من قصر جهله لا زاد همك ترى ما للحكي داعي هل نسي الطويل من العذاب المغدق بؤسا، كيف يصبح رغيفا لجوع الشعراء الأفذاذ مثلما يكون رغيفه أجساد الموشحين به من الفقراء ؟! لا اعتقد و ( هلال المطيري ) يحفر بالذاكرة نصوصه الرائعة، وإلا نهاية من الشمس والصدق والطفولة وطبعا الحزن والشعر ..