نفتقد نحن العرب روح الابداع ونميل عوضا عنه الى روح التقليد وتبعية الآخرين. وأحسن دليل على ذلك، هو ما يقوم به بعض نتيجة نجاح بعض الأعمال التجارية الجديدة. فما أن يفتح محلا تجاريا ذي فكرة جديدة في شارع ما، حتى يتبعه المئات بنفس الفكرة والنسق. وعندما تنجح احدى السيدات في فتح مشغل في مكان ما، رأيت النساء جميعا يفتحن مشاغل هنا وهناك ومن لم تفتح مشغلا فهي تحلم بذلك. وعندما نجح مشروع الطبخ المنزلي الذي يعتمد على الطلبيات الخاصة للحفلات والمناسبات، رأينا المشروع يتكرر يمنة ويسرة. والتقليد الأعمى ليس مقصورا على التجارة والمحلات التجارية، بل تجد ذلك حتى في برامجنا التليفزيونية، فما أن يفتح الله على أحدهم بفكرة ما ليقوم بتنفيذها إلا وجدت آلافا مؤلفة من نفس البرنامج على المحطات الأخرى، وكأن الأفكار والبرامج والمواضيع قد انتهت ويبقى هذا البرنامج أو هذه الفكرة. أما ما يمطر علينا هذه الأيام من المحطات الفضائية فهي برامج الدجل وقراءة الطالع. وبالرغم من تحسين مظهر من تقوم بقراءة الطالع، فهي ترتدي ملابس على الموضة وتضع ماكياجا على الموضة وتجلس على الموضة ولا تقل عن أي مذيعة أو مقدمة برامج فرايحيه، لكن المضمون واحد وهو ما كانت ومازالت تقدمه "الغجريات" والدجالات في بعض الدول العربية. وقد يتطور الوضع لتضع أمامها الكمبيوتر المحمول حتى تضيف لمهنتها بعض اللمسات الثقافية والحضارية اللازمة للشغلة. ولكن ما نستغربه حقيقة هو عندما يتصل بعض شبابنا وشاباتنا وهم من تعدوا مرحلة المراهقة بسنوات كثيرة ليسألوا عما تخبئه أبراجهم وأقدارهم. ويلقون بذلك من وراء ظهورهم أحكاما دينية كانوا وما زالوا يتلقونها ابتداء من المدرسة وانتهاء في البرامج الدينية التي تؤكد أن علم الغيب بيد الله وحده وقد نهانا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نهيا صريحا عن اتيان الكهنة والعرافين ونفى الايمان عمن يأتيهم حتى وان كان مازحا ان هذا الدجل القائم يجب محاربته ومكافحته لا الإنغماس فيه والمشاركة معه. فهل متابعة مثل هذه البرامج والمشاركة فيها جزء من التقليد الأعمى أم الإيمان العقيم.