هل اصبح العيب سمه من سمات مجتمعاتنا العربية! سؤال كبير جدا ان تمت الاجابة عليه بكل صراحة. اخشى بان يكون ذلك معيبا. وان تم السكوت والاحجام عن التوضيح كان العيب كما هو كائن في الواقع. ولا ادري هل اصبح الذي رسمناه وهيأناه لانفسنا وحياتنا كمجتمعات عربية بان يكون العيب ملازما لحياتنا منذ الطفولة.. فمنذ المراحل الاولى.. وعندما يبدأ الطفل في الحبو ويبدأ في تلمس الاشياء وتحريكها بغير هداية. يبدأ الاهل في نهره وزجره بهذه الكلمة (عيب) رغبة منهم بان يبقى ثابتا وهادئا بدون حراك كالدمية وبعدما يكبر ذلك الطفل ويبدأ بالمشي ومعرفة ما حوله من الاشياء ويحاول تفكيكها من أجل ان يعرف ما هيتها يردعه الاهل بقولهم (عيب) وقد يكون ذلك من الاسباب الرئيسية لقتل طموح المعرفة والمحاولة التي تلازم الكثير منا. وكذلك عندما يبدأ ذلك الطفل في النطق ومحاولته تعلم الكلام (ومن يحاول ان يتعلم لابد ان يصيب ويخطئ) فما بالك بطفل في بداية نطقه لابد ان تصدر منه اصوات غير مفهومة تردع بالعيب من الاهل وايضا قد يكون ذلك من اسباب عدم القدرة عند الكثير منا على الكلام والتعبير بحرية في الكثير من المواقف. وتستمر الحياة.. ويكبر ذلك الطفل.. وبعد ان كان الاهل هم المؤثر الاول يأتي منافس آخر وهو الاعلام متمثلا في القنوات العربية والتي ترى بعضا منها فيما تقوم بعرضه بانه (لا عيب فيما كله عيب) فيجد رسوما متحركة قد تتحدث بلغته ولكنها تعبر عن بيئة وثقافة اخرى لا تمت لواقعه الذي يعيشه فما عليه الا ان يشاهد ويسمع ويكون هادئا وثابتا دون تفاعل تماما كالدمية. وتستمر تلك الحياة بدون شائبة.. اللهم الا ذلك العيب الذي قد مل تلك الحياة لانها افسحت المجال لمن يعيشها بان يلازمه. ويذهب ذلك الطفل الى المدرسة وعيب عليه اذا لم يحفظ ما يتم تلقينه وليس عليه ان يسأل لان ذلك من الامور التي تجعله مشاغبا ومشاكسا عند معلميه. وبعدها يصبح شابا يسمع ويقرأ ويشاهد ما يقوله الآباء والادباء والاعلاميون من العيوب الكثيرة التي لاعد لها ولا حصر.. والتي قد تجعله غير معتز وواثق من نفسه. وبالتالي.. بعد الطفولة والشباب تأتي الرجولة وبذلك لا يحق لذلك العيب الذي كان ملازما ملازمة الشمس للنهار.. لا يحق له ان يتلاشى.. الا اذا اعلن لنا بانه يوجد في واقعنا الفعلي عيب حقيقي بحاجة الى فهم ومعرفة وادراك ولن يتم ذلك الا عندما يسترجع العارف والمدرك امورا كثيرة يكفي منها على سبيل المثال.. وهذا المثال ليس عيبا ان يذكر وهو بأننا لا نريد ان نتعلم.. فاذا كان العالم العربي مجتمعا لا يترجم غير (330) كتابا في العام الواحد. وقد تترجم فقط من اجل تلك البحوث الجامعية والتي تقدم من اجل التخرج.. وبالتالي مصيرها الرفوف.. وخلال الف عام مضت اي منذ عهد الخليفة المأمون فان كل الكتب التي ترجمت في العالم العربي توازي فقط ما تترجمه اسبانيا في عام واحد. .. هنا فقط يحق لنا ان نضع ايدينا فوق رؤسنا ولكن ليس من اجل ان نقول ايدينا فوق رؤسنا ولكن ليس من اجل ان نقول "عيب" ولكن من اجل ان نردد (واعيباه). * نائب مدير تليفزيون الدمام